كتبت علياء علاء
آرثر جيمس بلفور ( Arthur James Balfour) سياسي بريطاني (25 يوليو 1848-19 مارس 1930). تولى رئاسة الوزارة في بريطانيا من 11 يوليو 1902 إلى 5 ديسمبر 1905. عمل أيضاً وزيراً للخارجية من 1916 إلى 1919 في حكومة ديفيد لويد جورج. اشتهر بإعطاء وعد بلفور الذي نص على دعم بريطانيا لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ، في السطور التالية سنعرض نشأة وحياة أرثر جيمس بلفور وعلاقته بالصهيونيه ونظرته لليهود .
نشأة وحياة بلفور
ولد آرثر بلفور في وايتنغهام، شرق لوثيان، اسكتلندا، وهو الابن الأكبر لجيمس ميتلاند بلفور (1820-1856) والسيدة بلانش غاسكوين سيسيل (1825-1872). كان والده وجده أعضاء في البرلمان الأسكتلندي، وتنحدر والدته من عائلة سيسيل المنسوبة لروبرت سيسيل، إيرل ساليسبوري الأول، وهي ابنة ماركيز ساليسبري الثاني وشقيقة الماركيز الثالث، رئيس الوزراء المقبل. والده الروحي هو دوق ويلينغتون، وسُمي تيمنًا به. هو الابن الأكبر، والثالث من ثمانية أطفال، ولديه أربعة أشقاء وثلاثة أخوات. تلقى آرثر بلفور تعليمه في مدرسة غرانج الإعدادية في هوديسدون، هيرتفوردشاير (1859-1861) وكلية إيتون (1861-1866)، حيث درّسه ويليام جونسون كوري. التحق بجامعة كامبريدج، حيث درس العلوم الأخلاقية في كلية ترينيتي (1866-1869)، وتخرج بدرجة الشرف في المرتبة الثانية. عمل شقيقه الأصغر، فرانسيس ميتلاند بالفور (1851-1882)، عالمًا للأجنة في كامبريدج .
وضع بلفور سياسيا
انتخب بلفور لأوّل مرة في البرلمان سنة 1874، وعمل وزيراً أوّلا لاسكتلندا عام 1887، ثم وزيراً رئيساً لشؤون [وضح من هو المقصود ؟] من عام 1887 – 1891, ثم أول رئيس للخزانة من عام 1895 – 1902, ورئيساً لوزراء بريطانيا من عام 1902 – 1905.
وعند تسلمه منصب وزير الخارجبة في بريطانيا أصدر في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917 تصريحا مكتوبا وجهه باسم الحكومة البريطانية إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد (1868-1937)، يتعهد فيه بإنشاء «وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين»، واشتهر التصريح باسم وعد بلفور.
وكان يعارض الهجرة اليهودية إلى شرق أوروبا خوفاً من انتقالها إلى بريطانيا، وكان يؤمن بأن الأفضل لبريطانيا أن تستغل هؤلاء اليهود في دعم بريطانيا من خارج أوروبا.
رؤيته للصهيونية وعلاقته بهم
أعجب بلفور بشخصية الزعيم الصهيوني حاييم وايزمان الذي التقاه عام 1906، فتعامل مع الصهيونية باعتبارها قوة تستطيع التأثير في السياسة الدولية وبالأخص قدرتها على إقناع الرئيس الأميركي وودرو ويلسون للمشاركة في الحرب العالمية الأولى إلى جانب بريطانيا. وحين تولى منصب وزارة الخارجية في حكومة لويد جورج في الفترة من كانون الأول/ديسمبر1916 إلى 1919 وعده المعروف بـ«وعد بلفور» عام 1917 انطلاقا من تلك الرؤية.
كانت أول زيارة لبلفور إلى فلسطين عام 1925 حينما شارك في افتتاح الجامعة العبرية. وقد ذهب أولاً إلى الإسكندرية بعد ظهر الإثنين 23 مارس 1925. وكان في استقباله وفدٌ من المنظمات الصهيونية في مصر وطلاب المدارس اليهودية يرأسهم حاخام، ولدى وصول السفينة أسپريا الساعة 4 عصراً صعد الحاخام إلى السفينة للترحيب به، وبعد استقبالٍ دام ساعتين -لم يحضره سوى تنظيماتٌ صهيونية- سافر في عربة قطار مجهزة خصيصاً إلى القاهرة حيث نزل ضيفاً على اللورد اللنبي وزوجته. في القاهرة قامت مظاهرات عارمة منددة بوصوله كان أكبرها في حديقة الأزبكية. يروي محمد علي الطاهر -صاحب جريدة الشورى- الذي كان بين المتظاهرين الرواية التالية:
«”أمر مدير شرطة الأزبكية ضباطه بسحلي في الشوارع إلى قسم الشرطة بدلاً من نقلي في إحدى عربات الشرطة، فجروني إلى القسم في هذا الوضع المهين، والنساء محيطون بي، وقد عاملوا زميلي أمين افندي عبد اللطيف الحسيني -شقيق مفتي القدس- بنفس الطريقة. وفي قسم الشرطة رفض مأمور القسم أن يكتب محضراً ويطلق سراحنا ولا حتى بدفع كفالة، وبدلاً من ذلك صادر أوراقنا الشخصية و سجائرنا و احتجزنا في زنزانة الحجز حتى اليوم التالي.”»
وعلى هذه النقطة الخلافية، غادر قطار بلفور متجهاً إلى فلسطين. وقد عولجت الرحلة ببعض التفصيل في مختلف الدراسات التاريخية، وأبرزها «الحركة الوطنية الفلسطينية 1917-1936» بقلم عادل غنيم. إلا أن التفصيل الكامل كما سجلته الأهرام يستحق تمحيصاً دقيقاً.
“وبينما كان القطار المقل لبلفور يتقدم نحو فلسطين انهالت رسائل وتلغرافات الاحتجاجات على مكاتب الأهرام. كانت إحداها مرسلة باسم الجالية السورية في مصر وتخاطب بلفور: “نحن ندين إعلانك الجائر، ولن نتخلى عن حقوقنا السليبة وسنواصل نضالنا للنهاية على أمل تحقيق طموحاتنا القومية.” وكان التلغراف موقعاً من أكثر من 20 شخصاً -بينهم شكري القوتلي- الذي سيصبح لاحقاً رئيس جمهورية سوريا. و تلغراف آخر أرسلته الجالية الأردنية في مصر مذكرةً بلفور بأنه في طريقه إلى “البلد الذي دمر وعدُه المستهجَن حريته” مضيفاً أن وصول بلفور “سيزيد من تمسك الفلسطينيين ببلدهم.”
إلا أنه لم تكن الاحتجاجات لتثني بلفور عن طريق المختار. وقد أوفد الأهرام مراسلاً آخر إلى القدس لتغطية تحركات اللورد البريطاني من وقت وصول قطاره إلى المدينة المقدسة. وكانت أولى زيارات بلفور الرسمية هي للمستوطنة الصهيونية “قارا Qara”، حيث استقبل بحفاوةٍ”، وبعد غداءٍ هناك ذهب بلفور وحاشيته إلى تل أبيب “المدينة اليهودية العصرية المبنية بالقرب من يافا” ولدى وصوله وجد الزائر الكبير “كل البيوت والمعاهد مزينة بالأعلام البريطانية والصهيونية، وحشود من الناس -رجالاً و نساءً و طلاباً- هُرعوا لتحيته حاملين لافتاتٍ عليها صورته على أعناقهم”، ويواصل مراسل الأهرام: “وقد تطوعت قوة من 150 شاباً يهودياً لمساعدة الجيش والشرطة لحفظ النظام.”