أثار إيلون ماسك غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأعرب ترامب اليوم الخميس، عن “استيائه البالغ” من الانتقادات اللاذعة التي وجهها الملياردير إيلون ماسك لمشروع قانون الموازنة الضخم الذي دفع به ترامب.
وصرح الرئيس، خلال استقباله المستشار الألماني فريدريش ميرتس في المكتب البيضاوي، بأنه “غير واثق من استمرار العلاقة الرائعة” التي تجمعه بقطب التكنولوجيا، في إشارة إلى شرخ متزايد بين الطرفين.
وقال ترامب للصحفيين خلال تصريحات له في البيت الأبيض : “إيلون وأنا جمعتنا علاقة رائعة. لا أعرف ما إذا ستبقى كذلك.”
وأضاف معبراً عن صدمته: “لقد فوجئت” بانتقادات أغنى أغنياء العالم لمشروع الموازنة، التي جاءت بعد أيام فقط من مغادرة ماسك لمنصبه على رأس هيئة الكفاءة الحكومية في إدارة الرئيس الجمهوري.
وتابع ترامب بلهجة محمّلة بالعتاب: “أنا مُحبط جداً من إيلون. لقد ساعدته كثيراً. كان على دراية بتفاصيل مشروع القانون أكثر من أي شخص هنا. لم يكن لديه أي اعتراض عليه.
فجأة، واجه مشكلة، ولم تتفاقم إلا عندما علم أننا سنُخفِّض تفويض السيارات الكهربائية.” هذا التصريح يشير إلى أن الخلاف قد يكون مرتبطاً بقرارات سياسية تؤثر بشكل مباشر على مصالح ماسك التجارية، لا سيما في قطاع السيارات الكهربائية.
إيلون ماسك يرد بقوة: “كلام ترامب خاطئ” وتذكير بالماضي
بعد دقائق قليلة من تصريحات ترامب، لم يتأخر إيلون ماسك في الرد، حيث قال في تغريدة على منصة “إكس” (تويتر سابقاً): “كلام ترامب خاطئ، لم يُعرض عليّ هذا القانون ولو لمرة واحدة، وتم إقراره في جنح الليل بسرعة كبيرة لدرجة أن لا أحداً تقريباً في الكوجرس استطاع قراءته!”
ولم يكتف ماسك بالدفاع عن نفسه، بل أعاد نشر تغريدة قديمة لترامب تعود إلى عام 2012، حيث قال فيها ترامب: “لا يجوز لأي عضو في الكونجرس أن يكون مؤهلاً لإعادة انتخابه إذا كانت ميزانية بلادنا غير متوازنة – العجز غير مسموح به!”.
وعلق ماسك على هذه التغريدة ساخراً: “أين هذا الرجل اليوم؟”، في إشارة واضحة إلى التناقض بين تصريحات ترامب السابقة ومواقفه الحالية بشأن الإنفاق الحكومي.
كما ألقى ماسك بتصريح مثير للجدل، زاعماً: “بدوني كان ترامب سيخسر الانتخابات وكان الديمقراطيون سيسيطرون على مجلس النواب.” هذا التصريح يبرز مدى اعتقاد ماسك بتأثيره السياسي وقدرته على دعم أو إضعاف الحملات الانتخابية.
إيلون ماسك .. “تسلا” تتأثر والمشرعون تحت الضغط
وعقب هذه المواجهة العلنية، شهدت أسهم شركة “تسلا”، التي يملكها إيلون ماسك، هبوطاً بنسبة 8 في المئة، مما يعكس حساسية الأسواق تجاه التوترات بين الشخصيات المؤثرة والقرارات السياسية الكبرى.
وكان ملياردير التكنولوجيا قد دعا المواطنين الأميركيين، يوم الأربعاء، إلى الضغط على المشرعين لرفض مشروع قانون ترامب الرئيسي للضرائب والإنفاق.
وكتب ماسك في منشور على منصته “إكس”: “اتصل بعضو مجلس الشيوخ، اتصل بعضو الكونغرس. إفلاس أميركا ليس مقبولاً! اجهضوا مشروع القانون”.
وانتقد ماسك بشدة ما يصفه ترامب بـ “مشروع القانون الجميل الضخم”، بسبب رفعه سقف الدين دون تقليص كاف في الإنفاق، محذراً من أن الإجراء سيزيد العجز ويسرع من نمو الدين الوطني.
ووصف ماسك المشروع في وقت سابق بأنه “فظاعة مقززة”، وهدد المشرعين بأنهم سيواجهون غضب الناخبين في انتخابات التجديد النصفي عام 2026 إذا دعموا الخطة.
يأتي هذا الخلاف في وقت حرج للإدارة الأمريكية، حيث يواجه الرئيس ترامب تحديات داخلية وخارجية متعددة.
ويُظهر هذا التباين العلني بين ترامب وماسك أن العلاقة بين السياسة وعمالقة التكنولوجيا قد تكون أكثر تعقيداً وهشاشة مما تبدو عليه في الظاهر.
على الرغم من انتهاء الدور الاستشاري الرسمي لماسك في البيت الأبيض، يبدو أن ترامب لا يزال حريصًا على إبقائه ضمن دائرة المؤيدين أو المحايدين على الأقل.
هذا الحرص يدفع الرئيس لكبح جماح غريزته المعروفة في الرد العنيف على أي انتقاد، وذلك بهدف الحفاظ على هذه العلاقة الاستثنائية التي قد يرى فيها ترامب قيمة استراتيجية أو رمزية تفوق مجرد الخلاف على تفاصيل مشروع قانون واحد.
هذا التحليل يشير إلى أن العلاقة بين ترامب وماسك ليست مجرد تحالف سياسي عابر، بل قد تكون مبنية على تقدير شخصي عميق يؤثر على ديناميكيات التفاعل بينهما وسط تكهنات متباينة حول مستقبل العلاقة بين الرجلين .