في الوقت الذي يعاني فيه المواطن المصري، من ارتفاع سعر البصل الذي قفز من 3 جنيهات إلى 25 جنيهًا، يصل البصل المنزرع في الأراضي المصرية وبأيادي فلحينها، ليصدر إلى دولة الإمارات في مولات شهيرة بسعر 17 جنيهًا، وهو ما يقترب من نصف سعره في مصر.
ويتساءل الكثيرون عن سبب الارتفاع غير المبرر الذي نال من سعر البصل، بعد أن قفز من نصف جنيه، إلى 25 جنيهًا، ولماذا يباع في بلد المنشأ بضعف بيعه خارج البلاد.
“فلاح زرع البصل وحصد واتحمل وشاحنة نقلته إلى سفينة، وانتظر أيام، في الطريق، و وصل كارفور الإمارات، ونقله عمال إلى أن وصل العرض، بنصف سعر المصري”، هذه رحلة البصل التي تثير التسؤول حول من المتسبب في الأزمة.
وحول هذا الأمر، يقول إلهامي الميرغني، الخبير والباحث الاقتصادي، إن موضوع البصل وأسعاره وأزمة المعروض منه يكشف نموذجًا لعشوائية الملفات الاقتصادية، وقبل هذا شاهدنا تصدير الغاز وتعطيل محطات توليد الكهرباء ثم وصلنا إلى البصل، وهو نموذج للعشوائية في القرارات”.
“وقف الاستيراد يضطر الحكومة لتقديم الإنتاج للسوق المحلي، وذلك سيعالج بشكل مؤقت مشكلة كمية المعروض والأسعار، وسيسبب أضرارًا للمصدرين المرتبطين بعقود وشروط جزائية وهذا مثال للتخبط وغياب الرؤية”.
ويؤكد “الميرغني” أن القرارات متضاربة في عداء واضح لدراسات الجدوى وللخبراء المتخصصين، وهذا يقود للمزيد من الأزمات والمزيد من الحلول الخاطئة والتجريب في طعام المواطنين الضروري، وكأن مصر أصبحت معمل تجارب لأشخاص قليلي الخبرة والكفاءة، والنتيجة هذ سلسلة من الأزمات المتكررة.
الدولار ليس الأزمة
وأيضًا، يشير الخبير الاقتصادي إلى أن الدولار جزء من مظاهر الأزمة، ولكنه ليس كل الأزمة، جذر الأزمة هو إهمال الزراعة والصناعة وتصفية الشركات وإطلاق قوى السوق تعربد بمصالح المنتجين وفي ظل منافسة غير متكافئة مع المستورد.
“الأزمة هي التوجه الاقتصادي الخاطئ المعتمد على العقار والطرق والكباري كقاطرة للتنمية وإغراق مصر في بحور الديون، دون دراسة لجدوى هذه الديون وكيف يتم سداد اقساطها وفوائدها والنتيجة هي كل ما نعانيه الآن” هكذا يقول الميرغني.
ويتابع:” أما الدولار فهو العملة الرئيسية التي تقترض بها مصر وتسدد الفوائد والأقساط، وهي العملة التي تستورد بها الغذاء ومستلزمات الإنتاج وطالما طلبنا بأهمية ان يكون لدينا سلة عملات تحدد سعر الجنيه ولكن في ظل التبعية الاقتصادية والاعتماد علي الخارج والاقتراض المنفلت يصبح توفير الدولار أزمة ولكنه مظهر للأزمة وليس سببها او جوهرها”. .
وعن حجة الأزمة الدولارية التي تبنتها الحكومة في جميع الأزمات الأخيرة، إلهامي الميرغني يقول: “الدولار ليس سبب تخفيض الدعم عن الفقراء ومحدودي الدخل ولم يكن سبب الخصخصة وبيع الأصول، وأيضًا لم يكن سبب الاعتماد على الاستيراد من الخارج، أو سبب خلل النظام الضريبي والانحياز في السياسات الاقتصادية لصالح رجال الأعمال وعلي حساب الأغلبية الساحقة من المواطنين المصريين”.
ضبابية السياسات الاقتصادية
وعن قرار الحكومة في وقف التصدير، يضيف الميرغني:”كون أننا لا نعلم من المتحكم في قرار وقف التصدي، أو عودة التصدي، هذا دليل على ضبابية السياسات الاقتصادية، وغياب الشفافية عن السوق والخضوع لابتزاز المصدرين تارة، والمستوردين تارة أخرى، والشركات الموردة في مرة ثالثة، وهو ما يجعل الحكومة فاقدة للسيطرة على القرار الاقتصادي الذي يخضع لمراكز قوي متعددة تسيره وفق مصالحها”.
“موضوع التصدير ووقف التصدير يعكس غياب الرؤية والتخطيط العلمي” هكذا يصف الخبير الاقتصادي عودة الحكومة عن قرارتها مرارًا وتكرارًا.
“عندي 110 ملايين مواطن لهم احتياجات معروفة والأساس لأي دولة أن تفي أولًا باحتياجات المواطنين خاصة في السلع الضرورية والطعام والشراب، ثم التصدير من أجل توفير عملة صعبة لتغطية الواردات التي نحتاجها، لذلك توجد ضرورة لعودة الدورة الزراعية وتحديد مساحات الأراضي وأنواع المحاصيل التي تزرع لتوفير الاحتياجات من الغذاء والكساء والصناعة، وتحديدًا حجم الانتاج اللازم لتغطية احتياجات السوق المحلي والاكتفاء الذاتي وتحديد حجم الإنتاج الموجه للتصدير” يقول إلهامي الميرغني.
ووصف إلهامي الميرغني وضع التصدير هو الهدف على حساب الاستهلاك المحلي، بالجريمة والانحراف، في البوصلة الاقتصادية للحكومة، وانحيازاتها هل هي حكومة الشعب المصري أم الأسواق الخارجية”.
ويؤكد أن قرار وقف التصدير سيسبب ضرر بمصالح عدد من المصدرين وهذه خسارة اقتصادية، ففتح سوق تصدير خارجي يحتاج إلى جهود كبرى ولكن المطلوب هو التوازن، وكما يقول المثل الشعبي ” الزيت لو احتاجه البيت يحرم على الجامع”.
وعن حلول هذا الوضع، يقول:” هناك حلول جذرية لأزمة الدولار، بوقف الخصخصة وبيع الأصول، وبدعم الزراعة والفلاحين وبتشغيل المصانع المتوقفة والطاقات العاطلة وبترشيد الديون، ووجود خطة اقتصادية واجتماعية تراعي الاحتياجات الحالية والمستقبلية.
ويختتم الميرغني حديثه، ويقول:” انتهاء الغلاء مرتبط بضبط الاسواق ومواجهة الاحتكارات والحرص على توفير احتياجات المواطن المصري وإعطائه الأولوية، وإطلاق الأسواق المنفلتة بلا رقابة يقود للمزيد من الغلاء وانفلات الاسعار والمزيد من التخبط الاقتصادي”.
وقف التصدير خطأ إجرائي
بينما يقول «عبد النبي عبد المطلب» الخبير الاقتصادي ووكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث الاقتصادية أن قرار وقف تصدير البصل كان هناك خطأ إجرائي لا أكثر، في اجتماع الحكومة في يوم 21 سبتمبر قررت وقف تصدير البصل، ومن الواضح أن التعليمات وصلت لجميع الجهات المعنية قبل أن يتم إصدار القرار التنفيذي والتي تنشر في الجريدة اليومية ويعمل بها في اليوم التالي لنشر هذا القرار.
ويؤكد الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، أن مجلس الوزراء، اتفق على بدء سريان قرار وقف تصدير البصل اعتبارًا من بداية 1 أكتوبر، وبعد رفض الجهات المعنية شحنات البصل اعتبارًا من 22 سبتمبر، بدء البعض يبحث عن القرار التنفيذي ولم يكن هناك قرار تنفيذي، ومن هنا تم إصدار تعليمات للجمارك بعدم الاعتداد بقرار وقف تصدير البصل، والسماح بالتصدير ساري حتى نهاية يوم 30سبتمبر الجاري.
ويشير “عبد المطلب” إلى أن سياسة التصدير معروفة، عندما لجأت مصر لتصدير الأسماك ارتفعت الأسعار وبعدها تم وقف التصدير، هناك سلع كثير بيتم وقف تصديرها عندما ترتفع أسعارها داخل السوق المحلي، وتابع أن جزء من المشكلة كما بين المختصون أن الكميات المصدرة لكن وجود توقعات بأن الطلب الخارجي على السلع المصرية ومنها البصل قد يرتفع يجعل التجار يحجمون عن عرض البصل، وأساليب التخزين تجعل جزء كبير من المخزون يتلف، ولكن التجار على دراية أن الجزء التالف من البصل أسعار التصدير ستعوض هذا الفاقد، وبالتالى سيتم حرمان السوق المصري من هذه السلعة وبيتم رفع الأسعار على المواطن المصري وبالتالى فإن قرار وقف التصدير يجعل التاجر يعيد حساباته فى مسألة التخزين.
ويوضح، أن وقف تصدير البصل هو قرار وزير التجارة والصناعة بالتوثيق مع وزير التموين، ولكن صاحب القول الفاصل في هذا الموضوع هو وزير التموين ويصدر القرار بتوقيع وزير التجارة والصناعة أو من يتولى مأمورية التجارة الخارجية.
ويقول عبد النبي أنه تم شراء 10 كيلو بصل 60جنيها وكان سعر السوق فى ذلك الوقت 10جنيهات، وتم بيع 10 كيلو بصل 5 دولار «150 جنيها» أي تم بيع كيلو البصل 15جنيها عندما كان سعرة داخل مصر 10جنيهات، ولكن اليوم نتيجة التخزين وتوقع ارتفاع الأسعار ارتفعت أسعار البصل داخل السوق المحلى من بداية 10جنيهات حتى 30 جنيهًا، ولكن سوق التصدير يظل ثابت لا يتغير بارتفاع أو انخفاض المنتج المحلي.