في الفترة الأخيرة، أصبح من الطبيعي أن يسمع المواطن المصري خبرًا جديدًا عن زيادة البنزين ، أو أن يرى طبيبًا يحزم حقائبه استعدادًا للسفر، أو أن يجلس في الظلام بسبب انقطاع الكهرباء المفاجئ، ثلاثة مشاهد مختلفة، لكن الرابط بينها واحد ضغوط معيشية تتزايد، وقرارات حكومية تثير الجدل.
ومع تزايد الشكاوى في الشارع، خرج رئيس الوزراء في أكثر من مناسبة لشرح ما يحدث، مؤكدًا أن الدولة تواجه تحديات حقيقية، وأن الإجراءات الأخيرة ضرورية، ويبقى السؤال هل اقتنع الناس؟ وهل يجد المواطن في هذه التصريحات ما يخفف من وطأة الواقع؟
مدبولي : “البنزين لا يزال تحت سعر التكلفة”
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن القرارات الأخيرة الخاصة برفع أسعار البنزين والسولار تأتي ضمن خطوات مدروسة في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي، مشددًا على أن الحكومة تتعامل مع هذا الملف بحذر شديد، مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية وتأثيرها على المواطنين.
وخلال مؤتمر صحفي عقده، أمس الخميس، عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة، أوضح مدبولي أن توقيت الإعلان عن التسعيرة الجديدة، والذي غالبًا ما يتم في أيام الجمعة، ليس أمرًا عشوائيًا، بل يهدف إلى الحد من الازدحام المروري والتقليل من أي ارتباك قد يحدث في حركة النقل.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة قطعت شوطًا كبيرًا في ملف ترشيد دعم الوقود، إذ تم بالفعل خفض أكثر من 90% من هذا الدعم، ولم يتبقَ سوى 10% فقط، موضحًا أن أسعار المنتجات البترولية الحالية، سواء السولار أو البنزين، ما زالت دون التكلفة الفعلية التي تتحملها الهيئة العامة للبترول.
وفيما يخص الفترة المقبلة، أكد مدبولي أن الحكومة لن تتخذ أي قرارات جديدة بزيادة أسعار المحروقات قبل شهر أكتوبر القادم، في محاولة لمنح المواطنين مزيدًا من الاستقرار وتفادي أية أعباء إضافية في المدى القصير.
مدبولي: هجرة الأطباء ليست أزمة بل مكسب للدولة
علق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على الجدل المُثار مؤخرًا حول تزايد هجرة الأطباء المصريين للعمل بالخارج، مؤكدًا أن الأمر لا يُعد أزمة، بل يُمثل جانبًا من القوة الناعمة التي تمتلكها الدولة.
وخلال مؤتمر صحفي عُقد أمس الخميس في العاصمة الإدارية الجديدة عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة، أشار مدبولي إلى أن بعض الانتقادات الموجهة للتعليم المصري تتسم بالمبالغة.
وقال: “لدينا نوع من جلد الذات بالتشكيك المستمر في جودة التعليم، لكن الواقع يثبت العكس. فهل لو كان التعليم بهذا السوء، كانت ستخرج هذه الأعداد الكبيرة من الأطباء والمهندسين الذين يثبتون كفاءتهم في الخارج؟”
وأوضح رئيس الوزراء أن أعداد خريجي كليات الطب شهدت زيادة ملحوظة، حيث كانت تُخرج في السابق نحو 9 آلاف طبيب سنويًا، بينما يصل العدد حاليًا إلى نحو 15 ألفًا، نتيجة لزيادة عدد الكليات.
وشدد أن عمل الأطباء المصريين في الخارج لا يُعد أمرًا سلبيًا، بل يمثل مكسبًا للدولة على أكثر من صعيد، سواء من حيث تراكم الخبرات أو تحويلات العملة الأجنبية.
وقال: “لسنا منزعجين إذا سافر 10 آلاف طبيب من أصل نحو 29 ألفًا سيتخرجون خلال السنوات المقبلة، فذلك يعود بالنفع على مصر اقتصاديًا وتنمويًا.”
وأكد أن الدولة لا تعارض سفر الكفاءات المصرية، بل تدعم مشاركتهم في الأسواق الدولية، باعتبارهم سفراء لمصر بالخارج.
شادي العدل: “هذه ليست إصلاحات.. بل انسحاب من المسئولية”
قال شادي العدل، رئيس الحزب الليبرالي المصري، إن النهج المتبع في التعامل مع الأزمات الحالية يعكس غياب الرؤية الاستراتيجية وتخلي الدولة عن مسئولياتها الأساسية تجاه مواطنيها.
وأضاف العدل في تصريحات خاصة لـ “الحرية”: “أن توصف هجرة الأطباء بأنها أمر مشرف، فهذا تسطيح لأزمة حقيقية تعاني منها المنظومة الصحية، وهو انسحاب صريح من مسئولية الدولة في خلق بيئة عمل جاذبة للكفاءات، الليبرالية التي نؤمن بها لا تعني التفريط في العقول، بل تحفيزها للبقاء عبر العدالة في توزيع الفرص والدخل”.
وعن أزمة الوقود، أكد أن الحديث عن استمرار الدعم الحكومي لا يتماشى مع ما يعيشه المواطن الذي يدفع الثمن مرتين، مرة في صورة ضرائب، ومرة عبر الزيادات المتكررة في الأسعار، مشيرًا إلى أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من إعادة هيكلة قطاع الطاقة لا تحميل المواطنين نتائج سوء الإدارة.
وأكد أن الحزب الليبرالي المصري يرفض السياسات الحالية التي وصفها بأنها “إدارة فوضوية للأزمات”، داعيًا إلى وضع خطة واضحة لحماية الكفاءات، وإجراء إصلاح جذري للمؤسسات قبل المساس بالقوة الشرائية للمواطن.
عفت السادات: تشجيع الهجرة المدربة والمتميزة خطوة إيجابية
قال عفت السادات، رئيس حزب السادات، إن فكرة تشجيع هجرة الكفاءات المدربة والمتميزة هي خطوة إيجابية، خصوصًا إذا كانت تساهم في تحسين وضع الأطباء المصريين الذين يتمتعون بسمعة طيبة عالميًا.
وأضاف السادات في تصريح خاص لـ “الحرية”: “نحن اليوم نشهد تحولًا في المشهد التعليمي في مصر. على عكس ما كان عليه الحال من قبل، حيث كانت لدينا 3 أو 4 جامعات تخرج الأطباء، نجد الآن كل فترة جديدة يظهر فيها جامعة أو كلية طبية جديدة، مما يزيد من أعداد الخريجين ويتيح لنا تغطية الاحتياجات المحلية بشكل أكبر”.
واعتبر السادات أن مسألة السفر والعمل في الخارج ليست أمرًا سلبيًا، بل تشجيعًا لصغار الأطباء والمهندسين الباحثين عن فرص أوسع وأكبر في الخارج.
وأضاف: “مصر تشهد تطويرًا في التعليم والكفاءات، ومع زيادة أعداد الخريجين، أعتقد أن هجرة الأطباء لن تكون لها آثار سلبية طالما أن هناك نظامًا قادرًا على تغطية احتياجاتنا الداخلية”.
اقرأ أيضًا: بعد زيادة أسعار البنزين 2025.. غضب شعبي يجتاح السوشيال ميديا وعقوبات صارمة للمتلاعبين بتعريفة المواصلات
عمار علي حسن: مدبولي يتلقى تعليمات ولا يملك حلولاً حقيقية
أكد عمار علي حسن، الكاتب والباحث في علم الاجتماع السياسي، أن الدكتور مصطفى مدبولي لا يستطيع إقناع المصريين بأنه يتصرف كـ “رئيس وزراء حقيقي”.
وأضاف حسن في تصريح خاص لـ “الحرية”: “دائمًا ما نجد أن مدبولي يتلقى تعليمات أو يفكر في كيفية إرضاء القيادة السياسية، بدلًا من أن يقدم حلولًا واقعية للمشكلات الحقيقية التي يعاني منها المواطن المصري.”
وأشار حسن إلى أن مدبولي، رغم منصبه، لا يمتلك الخبرة الكافية في الاقتصاد، فهو لم يدرسه ولم ينغمس فيه بشكل عملي، مما يجعله يبدو دائمًا في موقف دفاعي أمام الأزمات.
وتابع قائلاً: “يتمحور دوره حول محاولة الالتفاف على المشكلات وتلطيف الأزمات التي تحولت إلى مشكلات مزمنة، ولكنه لا يقدم أي حلول فعالة.”
وأضاف أن محاولات رئيس الوزراء لإقناع الرأي العام عبر الإعلام بأن الحكومة تفعل ما في وسعها لا تثير ثقة الناس، معتبرًا أن هذه التصريحات “تظل خطابات عابرة لا يلتفت إليها المواطن”.
لفت إلى أن مدبولي غالبًا ما يقع في فخ الأخطاء أو “زلات اللسان” التي تزيد من تعقيد الموقف السياسي للحكومة، مما يجعل من الصعب إقناع الناس بجدوى خطابه.
هشام عناني: تصريحات مدبولي عن هجرة الأطباء تشجع على الهجرة دون معالجة الأسباب
أكد هشام عناني، رئيس حزب المستقلين الجدد، أن وصف هجرة الأطباء بأنها “أمر مشرف وجيد” يعد بمثابة موافقة ضمنية على ظاهرة الهجرة في وقت تعاني فيه مصر من عجز شديد في عدد الأطباء مقارنةً بنسبة تعداد السكان.
وقال عناني في تصريح خاص لـ “الحرية”: “كنا نتمنى أن تُدرس الأسباب الحقيقية للهجرة وأن تُطرح حلول علمية للاستفادة منها على المستوى الفني والاقتصادي، بدلاً من تبريرها بشكل سطحي.”
وأضاف عناني أنه كان من الأجدر بالحكومة أن تتعامل مع هجرة الأطباء كأزمة تتطلب حلولًا استراتيجية، خاصة في ظل احتياج النظام الصحي إلى مزيد من الكوادر المتخصصة لتلبية احتياجات المواطنين.
وفيما يخص زيادة أسعار البنزين والمواد البترولية، أكد رئيس حزب المستقلين الجدد أن هذه الزيادة يجب أن تُدرس بعناية شديدة، مع مراعاة ارتفاع نسب التضخم الذي شهدته البلاد، خاصةً بعد الاضطرابات الإقليمية والعالمية.
وأضاف: “زيادة الأسعار تحتاج إلى خطة موازية لحماية الطبقات الفقيرة والمتوسطة، لضمان عدم تأثير هذه الزيادات على القدرة الشرائية للمواطنين”.
مارجريت عازر: مدبولي يحاول تبرير الأزمات دون حلول ملموسة
اعتبرت مارجريت عازر، النائبة البرلمانية السابقة، أن تصريحات رئيس الوزراء حول هجرة الأطباء وارتفاع الأسعار تعكس محاولة غير موفقة للتعامل مع الأزمات التي تعصف بالبلاد.
وقالت عازر في تصريحات خاصة لـ “الحرية”: “وصف الهجرة بأنها شيء جيد ومشرف‘قد يُفهم على أنه تبرير لفشل الحكومة في توفير بيئة عمل لائقة، ويبدو وكأننا نتعامل مع هروب الكفاءات كأمر طبيعي، رغم أن الواقع يعكس أن الهجرة أصبحت خيارًا مريرًا بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة في الداخل”.
وأضافت عازر: “الناس لا يهتمون كثيرًا بالتكلفة الواقعة على الدولة، بل يتأثرون بما يتحملونه شخصيًا في ظل الزيادة المستمرة للأسعار، خاصة في غياب أي آليات لحماية الدخل أو تعويض للطبقات المتضررة.”
وأشارت إلى أن القول بأن سعر البنزين لا يزال أقل من التكلفة الحقيقية قد لا يُقنع المواطنين الذين يشعرون بالأثر المباشر لتلك الزيادات على حياتهم اليومية.
وعن أزمة انقطاع الكهرباء، رأت عازر أن غياب الشفافية في التعامل مع هذه الأزمة زاد من عدم الثقة في الحكومة، موضحة أن الوعود المستمرة بتحسن الوضع، دون أن تترجم إلى حلول فعالة، تجعل المواطن في حالة من الإحباط.
واختمت عازر: “التصريحات تبدو موجهة أكثر إلى الخارج لتطمين الشركاء الاقتصاديين والمجتمع الدولي، ولكن على الصعيد الداخلي، فإن المواطن المصري لا يجد فيها ما يخفف من ضغوطه اليومية، بل يراها محاولة لتبرير ما لا يمكن تبريره”.
معصوم مرزوق: إن كان قال ذلك فنحن أمام مشكلة جوهرية
قال السفير معصوم مرزوق، في تصريحات خاصة لـ” الحرية”: “إذا كان الدكتور مصطفى مدبولي قد قال بالفعل إن هجرة الأطباء أمر مشرف، وإن زيادة أسعار الوقود ضرورية رغم الضغط على المواطنين، فليس هناك أدنى شك أننا أمام مشكلة جوهرية في الرؤية والأولويات.
حسن ترك: مصر تُبنى من جديد.. وعلى المواطن أن يتحمّل فاتورة المرحلة
أكد حسن ترك، رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، أن المنظومة الصحية في مصر تعاني من اختلالات مزمنة تحتاج إلى معالجة جذرية، تبدأ من زيادة موازنة الصحة إلى 5% من إجمالي إيرادات الدولة، مع ضرورة رفع رواتب الأطباء، خاصة أطباء الامتياز، الذين يتحملون مسؤوليات كبيرة مقابل أجور لا تليق بحجم المهام الملقاة على عاتقهم.
وأشار ترك إلى أن سبب تزايد هجرة الأطباء في السنوات الأخيرة يرجع إلى نقص التقدير المادي والمعنوي لهم، خاصة بعد أزمة جائحة كورونا التي أظهرت كفاءة الطبيب المصري على مستوى العالم، وجعلت كثيرًا من الدول الأوروبية تسعى لاستقطابه، وهو ما يتطلب تعويضهم داخل بلادهم بما يستحقون.
ودعا ترك إلى إلغاء نظام البصمة في جهات عمل الأطباء، مشيرًا إلى أن مهنتهم تتطلب مرونة عالية، إذ قد يُستدعى الطبيب لإنقاذ حياة شخص في الشارع قبل وصوله إلى مقر عمله، وهو ما لا يُعقل أن يُعاقب عليه بالخصم.
وشدد على ضرورة زيادة بدل العدوى، وتقليل عدد ساعات النوبتجيات، مؤكدًا أن الطبيب الذي يعمل 36 ساعة متواصلة يتعرض لضغط هائل يجعله عرضة لفقدان التركيز وارتكاب الأخطاء.
وأكد أن مصر تمر بمرحلة إعادة بناء شاملة تستهدف تأسيس دولة عصرية قوية قادرة على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، داعيًا المواطنين إلى تفهّم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. وأضاف:
وقال: “نحن في سباق مع الزمن لنلحق بركب الدول المتقدمة، ويكفي أن نسمع ما يقوله اللاجئون من دول الجوار، الذين يرون في مصر واحة أمن واستقرار يتمنون وجود ربعها فقط في أوطانهم”.
وأشار ترك إلى أن الأمن والاستقرار الذي تنعم به البلاد لم يأتِ مجانًا، بل هو نتيجة استثمارات ضخمة قامت بها الدولة، مثل تحديث القوات المسلحة التي أصبحت في المرتبة العاشرة عالميًا، وتنفيذ شبكة طرق ومواصلات تربط كل أطراف الدولة.
اقرأ أيضًا: عاجل.. السيسي والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي يبحثان سبل تعزيز العلاقات الثنائية