في خطوة منتظرة على نطاق واسع، يستعد البنك المركزي الأوروبي اليوم الخميس لخفض سعر الفائدة على الودائع بمقدار ربع نقطة مئوية ليصل إلى 2%، في إطار محاولة احتواء تداعيات التباطؤ الاقتصادي الناتج عن التوترات المتصاعدة في التجارة العالمية، والتي أشعل فتيلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وبحسب استطلاع أجرته وكالة بلومبرغ، فإن جميع المحللين الذين شملهم الاستطلاع يرجحون هذا الخفض، بينما يُتوقع أن يُستكمل بخفض إضافي في سبتمبر، بعد انتهاء جولة مفصلية من المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، وصدور تحديثات بشأن توقعات التضخم والنمو.
ضغوط تضخم ونمو غامضة
رغم إشارات إلى تراجع التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة اليورو، فإن التحديات التي يفرضها ترامب، لا سيما تهديده الأخير بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على السلع الأوروبية اعتبارًا من 9 يوليو، تُربك حسابات صانعي القرار في فرانكفورت.
ياري ستين، كبير الاقتصاديين لشؤون أوروبا في “غولدمان ساكس”، وصف الوضع بقوله: “البنك المركزي الأوروبي في موقف صعب، في ظل غياب الوضوح بشأن حجم الحوافز المالية وتزايد المخاطر التجارية”.
نهاية وشيكة لمرحلة التيسير؟
تشير تصريحات عدد من أعضاء مجلس السياسة النقدية إلى أن البنك يقترب من إنهاء دورة التيسير النقدي. فقد لمح فابيو بانيتا، عضو المجلس التنفيذي، إلى أن “تباطؤ وتيرة ارتفاع الأسعار يقترب من نهايته”، في مؤشر محتمل على توقف مؤقت في خفض الفائدة خلال يوليو.
مع ذلك، يرى المحللون أن التوقف لفترة طويلة قد يُفهم من قبل الأسواق على أنه إنهاء تام لسياسة التيسير، ما قد يؤثر سلبًا على الثقة والاستثمارات.
وتتوقع الأسواق حاليًا أن يصل الحد الأدنى للفائدة إلى 1.75%، وهو المعدل الذي يعتبره المركزي الأوروبي حياديًا، أي لا يساهم في تحفيز الاقتصاد ولا يعرقله.
اقرأ أيضا: البنك الأهلي المصري يطرح باقات ودائع مرنة بعوائد تصل إلى 13% في 2025
الاقتصاد بين إنفاق عسكري وأزمات طاقة
على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، يواصل ترامب إعادة تشكيل الخريطة التجارية، وهو ما ألقى بظلاله على التوقعات الاقتصادية للبنك المركزي الأوروبي. ومع صعود اليورو وتراجع أسعار الطاقة، تشير بعض التحليلات إلى احتمالات تراجع التضخم خلال العام، وإن كانت خطط الإنفاق الدفاعي الضخم في أوروبا قد تدفع بالمؤشرات للارتفاع على المدى الطويل.
وفي بروكسل، يجتمع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي (الناتو) لبحث رفع الإنفاق العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، تلبية لمطلب ترامب. في الوقت نفسه، يعقد المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس لقاءً هامًا في البيت الأبيض مع ترامب لمناقشة مستقبل العلاقات التجارية، وسط تساؤلات عن مدى التفاهم أو التصعيد بين الجانبين.
مستقبل لاغارد محل نقاش
سيواجه مسؤولو البنك الأوروبي، وعلى رأسهم الرئيسة كريستين لاغارد، ضغوطًا كبيرة خلال المؤتمر الصحفي المنتظر اليوم الساعة 2:45 ظهرًا بتوقيت فرانكفورت. حيث سيُطرح تساؤل عن مستقبلها في المنصب بعد تداول أنباء عن احتمال انتقالها لرئاسة المنتدى الاقتصادي العالمي، وهي أنباء نفتها متحدثة باسمها لكنها لم تنهِ الجدل.
كما يُتوقع أن يُطرح موضوع الحكم بالإدانة الصادر بحق محافظ البنك المركزي السلوفاكي بيتر كازيمير بتهمة تلقي رشوة، ما يزيد الضغوط على إدارة المركزي الأوروبي في وقت دقيق.