تشهد مدينة بورتسودان الساحلية، التي كانت تُعد حتى وقت قريب آخر معاقل الاستقرار في شرق السودان المضطرب، تصعيدًا أمنيًا خطيرًا ومتواصلًا لليوم السابع على التوالي، فقد تعرضت المدينة لسلسلة من الهجمات المتكررة باستخدام الطائرات المسيّرة، مما أثار حالة من الذعر والقلق بين السكان وقوض الشعور بالأمان الذي ميز المنطقة نسبيًا.
استهداف مطار بورتسودان الدولي ومنشآت استراتيجية
استهدفت الهجمات بطائرات الدرون منشآت حيوية وحساسة في المدينة، مما يضاعف من خطورة الوضع وتأثيره على حياة المدنيين، وكان من أبرز الأهداف التي طالتها هذه الهجمات مطار بورتسودان الدولي، الذي يمثل شريانًا حيويًا للتواصل والنقل في المنطقة، كما استهدفت الهجمات مستودعات الوقود الإستراتيجية، التي تعتبر ضرورية لتأمين احتياجات المدينة من الطاقة، ومحطة التحويل الكهربائية الرئيسية التي تغذي أجزاء واسعة من بورتسودان بالتيار الكهربائي.
تداعيات الهجمات على حياة السكان والوضع الإنساني
تسببت هذه الهجمات المتكررة في تعطيل الحياة الطبيعية في المدينة، وأثارت مخاوف متزايدة بشأن الوضع الإنساني. فقد أدى استهداف محطة الكهرباء إلى انقطاعات واسعة النطاق في التيار الكهربائي، مما أثر على الخدمات الأساسية وحياة السكان اليومية، كما أن استهداف مطار بورتسودان الدولي يعيق حركة السفر والإمدادات، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية في المدينة على المدى القريب. ومع استمرار التصعيد لليوم السابع، تتزايد المخاوف من امتداد دائرة العنف وتأثيرها على مناطق أخرى في شرق السودان، مما يهدد بتقويض الاستقرار النسبي الذي تمتعت به المنطقة حتى الآن
وزارة الطاقة تتكتم على حجم الخسائر وتعد بتقديم التفاصيل لاحقًا
في ظل التطورات الأمنية الخطيرة التي تشهدها مدينة بورتسودان الساحلية، واكتفاء وزارة الطاقة والنفط السودانية بإصدار تصريح مقتضب حول الهجمات التي طالت منشآت حيوية، أكدت فيه أن حجم الخسائر لم يُحدد بعد، مع وعد بتقديم تفاصيل إضافية فور توافرها، وقد أثار هذا الصمت النسبي من قبل الجهات الرسمية قلقًا وتساؤلات بين السكان والمراقبين حول مدى الأضرار الحقيقية التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية للمدينة.
وزير الإعلام يسعى لطمأنة السكان ويشيد بأداء الأجهزة الأمنية
في المقابل، بدت الحكومة السودانية حريصة على تهدئة المخاوف المتزايدة في صفوف السكان. وخلال زيارة ميدانية قام بها وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة إلى مستودعات الوقود في الميناء الجنوبي ببورتسودان، صرح الوزير قائلاً إن “قوات الدفاع المدني وكافة الأجهزة الأمنية تؤدي واجبها على أكمل وجه”، وقد جاء هذا التصريح في محاولة واضحة لاحتواء حالة الهلع المتصاعدة بين السكان، وطمأنتهم بأن الأوضاع تحت السيطرة وأن الأجهزة الأمنية تعمل على تأمين المدينة ومواجهة التهديدات، ومع ذلك، يبقى تأثير هذه التصريحات محدودًا في ظل استمرار الهجمات وتصاعد وتيرتها، مما يستدعي تحركات أكثر فاعلية وشفافية من الحكومة لطمأنة السكان وكشف الحقائق حول الأوضاع الأمنية في بورتسودان.
شهد الأسبوع الماضي تحولًا مقلقًا في مسار الحرب الدائرة في السودان منذ عام 2023، حيث وسعت قوات الدعم السريع نطاق عملياتها ليشمل مناطق كانت تعتبر حتى وقت قريب آمنة وخارج دائرة الاشتباكات التي مزقت أجزاء واسعة من البلاد بما في ذلك العاصمة السودانية الخرطوم، وقد تمثل هذا التوسع في استخدام مكثف للطائرات المسيّرة التي أطلقتها قوات الدعم السريع، واستهدفت بشكل خاص مناطق تقع تحت سيطرة الجيش السوداني في شرق البلاد.
بورتسودان تفقد حصانتها وتتحول إلى ساحة استهداف متكرر
وكانت مدينة بورتسودان الساحلية، التي استضافت الحكومة الانتقالية السودانية وكانت بمثابة مركز لوجستي رئيسي للمساعدات الإنسانية، من بين أبرز المناطق التي طالتها هذه الهجمات. فبعد أن ظلت بمنأى نسبي عن العنف الدائر في البلاد، أصبحت المدينة الآن هدفًا متكررًا للطائرات المسيّرة، مما يقوض بشكل خطير الاستقرار الذي تمتعت به حتى وقت قريب ويثير مخاوف جدية بشأن مستقبلها ودورها في جهود الإغاثة الإنسانية.
ويشير هذا التطور إلى تحول استراتيجي في تكتيكات قوات الدعم السريع، التي تسعى على ما يبدو إلى زعزعة الاستقرار في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الجيش وتوسيع نطاق الصراع ليشمل كامل الأراضي السودانية، وبذلك أمسى الاستقرار الذي حافظ عليه الجيش في مناطق سيطرته محل تساؤل مع تهديد طرق إمداده واستهداف البنى التحتية المدنية وقصف مناطق تبعد مئات الكيلومترات عن أقرب قواعد معلنة للدعم السريع.