كشفت مصادر مطلعة عن طلب حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع، من عدد من فصائل المقاومة الفلسطينية العاملة في دمشق إغلاق مكاتبها ومقراتها في العاصمة السورية. وأوضحت المصادر أن الطلب الحكومي استهدف بشكل أساسي فصائل يسارية ضمن تحالف قوى المقاومة الفلسطينية. وشمل هذا الطلب أبرز الفصائل المنضوية تحت هذا التحالف. وعلى الرغم من أن طلب الشرع من فصائل اليسار الفلسطينية إغلاق مكاتبها في دمشق لا يزال مستقبل القوات العسكرية التابعة لهذه الفصائل غامضًا حتى لحظة كتابة هذا التقرير
أبرز الفصائل المشمولة بالقرار
وذكرت المصادر أسماء الفصائل التي طُلب منها إغلاق مكاتبها، والتي كان من بينها “الجبهة الشعبية – القيادة العامة” بزعامة أحمد جبريل، وحركة “فتح – الانتفاضة” التي كان يتزعمها أبو نضال (صبري البنا)، بالإضافة إلى منظمة “الصاعقة” و”جبهة النضال الشعبي الفلسطيني” و”الحزب الشيوعي الثوري الفلسطيني”، إلى جانب فصائل أخرى لم يتم ذكر أسمائها بالتحديد.
دوافع القرار وتداعياته المحتملة
لم تتضح بشكل كامل الدوافع الرسمية وراء هذا الطلب المفاجئ من الحكومة السورية آنذاك. ومع ذلك، تشير تحليلات إلى أن القرار قد يكون مرتبطاً بتغيرات في السياسات الإقليمية أو ضغوط خارجية مورست على سوريا. ومن المتوقع أن يثير هذا القرار تساؤلات حول مستقبل وجود فصائل المقاومة الفلسطينية في سوريا وتأثير ذلك على القضية الفلسطينية بشكل عام. ولم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة السورية أو الفصائل الفلسطينية المعنية حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
غالبية فصائل “التحالف” تاريخياً موالية لدمشق
برز “تحالف القوى الفلسطينية” في تسعينات القرن الماضي كمجموعة من الفصائل التي اتحدت في موقفها الرافض لمسار التسوية السلمية بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، والذي أفرز اتفاق أوسلو.
وكشفت مصادر مطلعة أن غالبية الفصائل التي شكلت “التحالف” كانت تاريخياً ذات توجهات موالية للعاصمة السورية دمشق. وقد حافظت هذه الفصائل على علاقات وثيقة مع سوريا في مراحل مختلفة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
تأسيس “التحالف” كرد فعل على اتفاق أوسلو
وجاء تأسيس “تحالف القوى الفلسطينية” في تلك الفترة تعبيراً واضحاً عن رفض هذه الفصائل للمسار الذي تبنته منظمة التحرير بقيادة ياسر عرفات لتحقيق السلام مع إسرائيل. واعتبرت هذه الفصائل أن اتفاق أوسلو يمثل تنازلاً عن الحقوق الفلسطينية التاريخية وغير كافٍ لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعودة اللاجئين.
موقف “التحالف” من عملية السلام
تبنى “التحالف” موقفاً صلباً ومعارضاً لأي تسوية لا تلبي كامل الحقوق الفلسطينية، ودعا إلى استمرار “المقاومة” بكافة أشكالها لتحرير الأراضي الفلسطينية. وقد شكل هذا الموقف تحدياً لنهج منظمة التحرير التفاوضي في تلك الفترة، وعكس انقساماً في صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية حول سبل تحقيق الأهداف الوطنية.
وكشف مصدر ينتمي إلى أحد الفصائل الفلسطينية التي كانت تعتبر في السابق مقربة من النظام السوري، عن استعداد هذه الفصائل لمرحلة ما بعد الرئيس بشار الأسد، مشيراً إلى عدم وجود قطيعة حالية مع السلطات السورية الجديدة.
استعداد لمرحلة ما بعد الأسد وتأكيد على عدم وجود قطيعة
وقال المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، في تصريحات خاصة: “منذ فترة كنا نجهز أنفسنا للحظة مماثلة، فدون أي شك لا تقاطع حالي بيننا وبين السلطات السورية الجديدة”. ويأتي هذا التصريح في ظل تكهنات متزايدة حول مستقبل سوريا السياسي واحتمالية حدوث تغييرات في السلطة.
تبرير للتعاون السابق مع النظام السوري
وحاول المصدر تبرير طبيعة العلاقة التي جمعت فصيله بالنظام السوري خلال فترة حكم بشار الأسد، معتبراً أن دورهم كان محصوراً في “الدفاع عن المواقع والمخيمات الفلسطينية من التنظيمات الجهادية المتطرفة”. وأضاف أن الظروف الأمنية التي سادت سوريا في السنوات الأخيرة دفعتهم إلى اتخاذ مواقف تهدف إلى حماية الوجود الفلسطيني في البلاد من خطر الجماعات المتشددة.
تلميحات إلى تنسيق محتمل مع السلطات الجديدة
يشير حديث المصدر إلى إمكانية وجود تنسيق أو تفاهمات ضمنية بين هذه الفصائل الفلسطينية والسلطات السورية الجديدة. ويفتح هذا التصريح الباب أمام تساؤلات حول طبيعة هذا التنسيق وأهدافه، ودوره في مستقبل الوجود الفلسطيني في سوريا وعلاقته بمختلف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالشأن السوري.
ترقب للمواقف الرسمية وتطورات الأوضاع
يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه التصريحات تعكس موقفاً عاماً لفصائل فلسطينية أخرى كانت مقربة من النظام السابق، وكيف ستتعامل السلطات السورية الجديدة بشكل علني مع هذه الفصائل. وتستدعي هذه التطورات متابعة دقيقة للمواقف الرسمية والتغيرات المحتملة في المشهد السياسي السوري وتأثيرها على القضية الفلسطينية.