يشهد إقليم جنوب آسيا تصعيدًا خطيرًا في التوترات القائمة بين الجارتين النوويتين، الهند وباكستان، مما يثير مخاوف جدية من انزلاق المنطقة نحو نزاع عسكري شامل ذي عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي والدولي. ففي أعقاب هجوم إرهابي دامٍ وقع في الشطر الهندي من كشمير، اتخذت الهند إجراءات تصعيدية قوية، تبعها رد فعل باكستاني متمسكًا بسيادته، ليُدخلا العلاقات الثنائية في مرحلة جديدة من التأزم تنذر بتطورات مقلقة.
الهجوم الإرهابي في بهالغام.. شرارة تُشعل فتيل التصعيد الجديد
بات الهجوم الإرهابي المروع الذي استهدف حافلة سياحية في بلدة بهالغام بمنطقة كشمير الخاضعة للإدارة الهندية نقطة تحول محورية في مسار العلاقات المتوترة أصلاً بين نيودلهي وإسلام آباد. فقد أسفر الهجوم عن مقتل 26 شخصًا، غالبيتهم العظمى من السياح الهنود بالإضافة إلى مواطن نيبالي، مما أثار موجة غضب واستنكار واسعة في الهند. ويأتي هذا الهجوم في توقيت بالغ الحساسية، ليُضاف إلى سجل طويل من المناوشات والاتهامات المتبادلة بين البلدين حول قضية كشمير المتنازع عليها.
رد فعل هندي حازم.. طرد السفراء وتخفيض التمثيل الدبلوماسي
لم تتأخر الهند في إظهار رد فعلها الغاضب على الهجوم الإرهابي، حيث اتخذت سلسلة من الإجراءات التصعيدية التي عكست حالة الاستنفار الحكومي. ففي خطوة دبلوماسية قوية، قررت نيودلهي طرد السفير الباكستاني لديها وتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين. كما اضطر رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، إلى قطع زيارته الرسمية إلى المملكة العربية السعودية والعودة بشكل عاجل إلى الهند لمتابعة تطورات الوضع عن كثب، مما يؤكد على خطورة الأزمة الراهنة.
خبيرة آسيوية تُحذر من إجراءات هندية قاسية.. سيناريو 2019 يتكرر
وفي تصريحات اعلامية أشارت تامارا برو، الخبيرة في الشؤون الآسيوية، إلى حجم الغضب الشعبي والرسمي في الهند جراء الهجوم، خاصة مع وجود سياح هنود ضمن الضحايا. وأكدت برو أن هذا الحدث يُعتبر “بمثابة تحفيز كبير للحكومة الهندية باتجاه اتخاذ إجراءات قاسية ضد باكستان”، مُرجحة أن الهند قد لا تكتفي بالإجراءات الدبلوماسية، بل قد تلجأ إلى خيارات عسكرية مماثلة لما حدث في عام 2019، عندما شنت طائرات هندية غارات على مواقع داخل باكستان ردًا على هجوم انتحاري أودى بحياة 40 جنديًا هنديًا، مما يزيد من المخاوف من تصعيد عسكري أوسع.
باكستان تتمسك بموقفها.. وتأكيد على حماية السيادة
في المقابل، لم يصدر حتى الآن رد فعل رسمي تفصيلي من الحكومة الباكستانية على الإجراءات الهندية التصعيدية والاتهامات الموجهة إليها بالضلوع في الهجوم الإرهابي. إلا أن الموقف التقليدي لإسلام آباد يتمثل في رفض أي تدخل في شؤونها الداخلية والتأكيد على حماية سيادتها وسلامة أراضيها. ومن المتوقع أن يصدر بيان رسمي باكستاني في الساعات القادمة يوضح موقفها من التطورات الأخيرة ويحدد خطواتها المستقبلية في التعامل مع هذا التصعيد الخطير.
هل تقترب المنطقة من حرب نووية؟ سيناريوهات قاتمة تُلقي بظلالها
مع هذا التصعيد المتسارع وتبادل الإجراءات العدائية بين البلدين النوويين، تتزايد المخاوف لدى المجتمع الدولي من احتمال انزلاق المنطقة نحو نزاع عسكري واسع النطاق، لا يُستبعد فيه استخدام الأسلحة النووية. ورغم أن سيناريو الحرب النووية يبقى احتمالًا بعيدًا، إلا أن وجود ترسانتين نوويتين متقابلتين في منطقة تشهد توترات مزمنة يجعل أي تصعيد عسكري ينطوي على مخاطر كارثية تهدد الأمن الإقليمي والعالمي. ويتطلب الوضع الراهن تحركًا دوليًا عاجلًا وفعالًا لنزع فتيل الأزمة ودفع الطرفين نحو الحوار وتهدئة التوترات قبل فوات الأوان.