أثار مشروع قانون الإيجار القديم حالة من الغضب ممزوجة بالخوف في الشارع المصري، حيث تعيش الأسر المصرية بين جدران استأمنوها لعدة سنوات لتكون مأواهم الآمن، وفي حال تطبيق هذا المشروع المقترح لقانون الإيجار القديم، باتت تلك الجدران مهددة بالانهيار على رؤوسهم.
وارتفعت أصوات الغضب بالشارع المصري، للبحث عن الإنصاف لا الإقصاء، وعدالة لا التشريد.
ويستعرض «الحرية» في هذا التقرير تفاصيل مشروع قانون الإيجار القديم، ويرصد حالة الجدل القائمة بين الملاك والمستأجرين بالشارع المصري
مطالبات نيابية بإعداد دراسات إحصائية دقيقة فيما يخص تعديل قانون الإيجار القديم
وخلال مناقشة القانون داخل مجلس النواب، طرح النائب عبد المنعم إمام، عضو مجلس النواب عن حزب العدل بالغربية، تساؤلًا حول إمكانية قيام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بإجراء حصر شامل لدخول وإنفاق ما يقرب من 6 ملايين مواطن متأثرين مباشرة بالقانون.
وأوضح “إمام”، أهمية هذا الحصر لتكوين رؤية شاملة تساعد اللجنة على اتخاذ قرارات متوازنة، متسائلًا عن الوقت والتكلفة اللازمة لإعداد تلك الدراسة، مقترحًا تنفيذها خلال عدة أشهر إذا أمكن.
نصوص مواد مشروع قانون الإيجار الجديد
المادة 1: يطبق القانون على الأماكن المؤجرة للسكن وللأشخاص الطبيعيين لغير أغراض السكن، وفقًا لقانوني 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981.
المادة 2: ترتفع القيمة الإيجارية للسكن إلى 20 ضعف القيمة الحالية، مع حد أدنى 1000 جنيه (المدن) و500 جنيه (القرى).
المادة 3: ترتفع إيجارات الأماكن لغير غرض السكن إلى خمسة أمثال القيمة الحالية.
المادة 4: زيادة سنوية بنسبة 15% على القيمة القانونية الأخيرة.
المادة 5: تنتهي عقود الإيجار الخاضعة للقانون بعد خمس سنوات من بدء تطبيقه.
المادة 6: يلتزم المستأجر بالإخلاء في نهاية الخمس سنوات، وفي حال الامتناع، يحق للمالك استصدار أمر طرد من المحكمة.
المادة 7: للمستأجرين الأولوية في الحصول على وحدات بديلة من الدولة (إيجار أو تمليك) وفقًا لضوابط رئيس الوزراء، ويتم تخصيص بوابة إلكترونية لاستقبال الطلبات.
المادة 8: تُلغى القوانين القديمة المرتبطة بالإيجارات (قوانين 49 لسنة 1977، و136 لسنة 1981، و6 لسنة 1997) بعد مرور خمس سنوات من تطبيق القانون الجديد.
المادة 9: يُنشر القانون في الجريدة الرسمية ويُعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.
ردود فعل المواطنين بالشارع المصري بشأن نص المشروع الجديد لتعديل قانون الإيجار القديم المطروح في البرلمان
في إطار الجدل المثار بشأن مشروع قانون الإيجار القديم، عبرت مريم عاشور، ربة منزل، عن رأيها في التعديلات المقترحة بالقانون، وتطرقت إلى جوانب مختلفة تتعلق بزيادة الإيجارات ومدة العقود.
تدفع عاشور 260 جنيهًا شهريًا لشقة إيجار قديم كانت تسكن فيها وما زالت تستأجرها حتى الوقت الحالي، بالإضافة إلى امتلاكها شقة تمليك.
وأضافت “عاشور” لـ”الحرية”، أنها ترى أنه من غير العادل إلغاء العقد بين المؤجر والمستأجر بعد 5 سنوات، مشيرة إلى ضرورة الاتفاق بين الطرفين بشكل مرن دون تدخل من الدولة.
أما عن الحد الأدنى للزيادة في الإيجار البالغ 1000 جنيه، فتعتبره مريم عادلاً بالنسبة للشقق القديمة، خصوصًا وأن هناك شقق ومحلات في مناطق راقية مثل الزمالك تُؤجر بمبالغ رمزية تصل إلى 4 جنيهات، وهو ما لا يتناسب مع الوضع الحالي للمؤجرين.
وأبدت اعتراضها على الزيادة السنوية بنسبة 15%، معتبرة أنها مبالغ فيها وغير عادلة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون، حيث ترى أن الكثير من الناس لا يجدون ما يكفيهم للعيش.
هويدا: أؤيد تعديل قانون الإيجار القديم ودعم زيادة 15%
أما هويدا مصطفى، طالبة في التعليم المفتوح، فتؤكد دعمها لبعض بنود مشروع تعديل قانون الإيجار القديم، رغم كونها مستأجرة شقة إيجار قديم. موضحة أنها من أسرة بسيطة حيث يعمل والدها موظفًا حكوميًا، وتدفع حاليًا 100 جنيه شهريًا في شقة الإيجار القديم التى تقطنها حتى الوقت الحالي، بينما لا تمتلك شقة تمليك أو مكان بديل.
تحدثت مصطفى لـ”الحرية”، عن الظلم الذي يعاني منه المؤجرون، مشيرة إلى أن هناك إيجارات رمزية جدًا في مناطق راقية مثل الزمالك، ووسط البلد، ومصر الجديدة، والمهندسين، حيث لا يتجاوز إيجار الشقة 7 إلى 10 جنيهات، وهو ما اعتبرته ظلمًا للمؤجرين.
وأضافت أن بعض المستأجرين يملكون بالفعل شقق تمليك، ورغم ذلك يتمسكون بتلك الإيجارات الرمزية، مشيرة إلى أن جدها يسكن في شقة كبيرة في سط البلد إيجار قديم ويدفع 7 جنيهات فقط.
وأيدت البند الخاص بإنهاء العقد بعد 5 سنوات، أكدت “هويدا”، مبررة ذلك بأن المالك له حق استعادة ممتلكاته بعد فترة زمنية طويلة، وهو ما يضمن العدالة بين الطرفين.
أما عن الزيادة السنوية للإيجار بنسبة 15%، فقالت “هويدا” إن الزيادة مناسبة، مشيرة إلى أن المؤجرين قد عانوا من قلة العوائد لسنوات، وتعتبر أن هذا التعديل سيعيد لهم جزءًا من حقوقهم التي فُقدت على مدار سنوات طويلة.
كما أعربت عن تأييدها لرفع الحد الأدنى للإيجار إلى 1000 جنيه، معتبرة أنه “عادل ومناسب في ظل الظروف الحالية”.
آراء بعض الملاك حول نص المشروع الجديد لتعديل قانون الإيجار القديم
تقول نجلاء عبد التواب، ربة منزل، إنها أم لـ 4 أبناء، وزوجها يعمل شريك في مطعم خاص دخله في حدود 25000 جنيه، وتمتلك شقة تابعة للإيجار القديم في مصر الجديدة ورثتها عن جدتها، وتُحصّل من المستأجر 4 جنيهات فقط شهريًا.
وتُضيف عبد التواب لـ”الحرية”، أنها رغم مالكة عقار، إلا أنها تدعم بعض التعديلات التي تم إدخالها على مشروع القانون الجديد للإيجار القديم، وتؤيد التعديل الذي يتعلق بإنهاء عقد الإيجار بعد مرور 5 سنوات من مدة العقد، بشرط أن يكون ذلك بالاتفاق مع المستأجر. وفيما يخص الحد الأدنى للإيجار، أوضحت أن المبلغ البالغ 1000 جنيه مناسب جدًا في ظل الظروف الحالية، باعتبار أن المالك في وضعية غير عادلة على الرغم من الغلاء وارتفاع التكاليف.
وبالنسبة لزيادة الإيجار السنوية، تعتبر نجلاء أن الزيادة بنسبة 15% عادلة بالنسبة للمالك، لكنها ترى أن النسبة الأفضل للإيجار السكني هي 10% لكونها أكثر توافقًا مع ظروف الناس.
فتعتبر أن الزيادة 5 أمثال القيمة الإيجارية في الوحدات التجارية طبقا لمشروع القانون، في هذه الوحدات هي زيادة منصفة، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
كما قدمت “نجلاء”، اقتراحًا بإلغاء التوريث في عقود الإيجار، معتبرة أن العقد يجب أن يكون مسجلًا باسم المستأجر فقط، وإذا تُوفي، يتم كتابة عقد جديد للأسرة بمبلغ جديد يتناسب مع التغيرات الاقتصادية.
“محمد” مالك شقة إيجار قديم يطالب برفع الحد الأدنى للإيجار إلى 5000 جنيه
يمتلك محمد عبد الله، معلم لغة عربية يعمل بإحدى المدارس الحكومية، متزوج ويعول أربعة أبناء. شقة واحدة مؤجرة بنظام الإيجار القديم، لا يتجاوز العائد الشهري منها 200 جنيه، وهو مبلغ يرى أنه لا يتناسب إطلاقًا مع الظروف الاقتصادية الحالية وارتفاع تكاليف المعيشة.
أوضح عبدالله لـ”الحرية”، أنه من حق المالك إنهاء عقد الإيجار بعد مرور 5 سنوات، مشددًا على أهمية منح المستأجر مهلة زمنية كافية لا تقل عن شهرين قبل إنهاء التعاقد، حتى يتمكن من تدبير أموره بشكل إنساني دون مفاجأة أو تشريد.
وعن الحالات غير القادرة، يؤمن “محمد” بأن الدولة يجب أن تتحمل مسؤوليتها تجاه المواطنين غير القادرين على تحمل تكلفة إيجار جديد، لكنه في الوقت ذاته يؤكد على ضرورة تمكين المالك من الاستفادة من ممتلكاته بما يضمن له حياة كريمة له ولأسرته.
أما فيما يتعلق بمقترح تحديد مبلغ 1000 جنيه كحد أدنى للإيجار، فيرى أن هذا المبلغ لا يزال غير كافٍ، ويقترح أن يكون الحد الأدنى 5000 جنيه، خاصة في ظل تباين الأسعار وغلاء المعيشة، مؤكدا على أهمية التفرقة بين المناطق الراقية والمناطق الشعبية عند تحديد القيمة الإيجارية، مشيرًا إلى أن المساواة بينهما ليست منطقية، وينبغي أن تُراعى طبيعة المنطقة وموقع العقار.
ويرى أن الزيادة المقترحة للوحدات التجارية بقيمة 5 أمثال الإيجار السكني قد تكون مناسبة في بعض الحالات، لكنها يجب أن تُحسب بناءً على معايير دقيقة تشمل الموقع والمواصفات، مع ضرورة التفريق بين المناطق.
واقترح المواطن، أن تتم مراجعة القانون من منظور شامل يراعي العدالة والتوازن بين المالك والمستأجر، على أن يتضمن القانون معايير واضحة تستند إلى دخل الفرد الشهري، واختلاف طبيعة المناطق، بالإضافة إلى ضرورة وجود بيان رسمي بممتلكات الطرفين ورصيدهم البنكي تحت إشراف حكومي لضمان الشفافية وعدم التلاعب.
محامِ: لا أنحاز لطرف في قضية الإيجار القديم.. والحكومة وعدت بعدم طرد غير القادرين
من جانبه، عقّب المستشار وحيد دنيال، المحامي بالنقض والإدارية والدستورية العليا والمرشح السابق لمجلس النواب 2020، على مشروع القانون الجديد لتعديل قانون الإيجار القديم، مؤكدًا أنه لا ينحاز لطرف دون الآخر سواء كان المالك أو المستأجر.
وقال دنيال، في فيديو نشره على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “أنا شايف إن الإيجار يزيد طبعًا ولابد من تحرير العلاقة الإيجارية”، مشددًا في الوقت نفسه على ضرورة مراعاة البُعد الاجتماعي والإنساني، مضيفًا: “لكن في نفس الوقت الناس متطردش، والحكومة أكدت إن اللي مش معاه يدفع هتشوفله مكان”. وتمنى “دنيال”، أن يتمكن مجلس النواب من الوصول إلى حل لهذه المعادلة الصعبة، مشيرًا إلى أن البرلمان أمام 3 سيناريوهات، إما الموافقة على مشروع القانون المقدم من الحكومة، أو إدخال تعديلات على بعض بنوده، أو إصدار تشريع جديد ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر بشكل عادل ومتوازن.