لم تنتهي قصص فتيات حادث غرق ميكروباص من أعلى معدية كرم أبو غالب بمصرعهن بل سيكون شبح يلاحق كل من تسبب في إزهاق أرواحهن البريئة، حاضراً أيضاً في أذهاننا في كل حادث مأساوي يقتطف من هم في أعمار الزهور، 25 فتاة، نجى منهن 7 بينما أصيب 2 بالإضافة إلى عدم انتشال 5 منهن، المجني عليهن دفعن حياتهن ثمن شعورهن بالمسؤولية تجاه أسرهن، معدية منتهية التراخيص وظروف معيشية قاسية وشباب لا يعي عن المروءةُ وأخلاق الجاهلية أي شيء.
وفي هذا الصدد أوضح والد اثنتين من ضحايا حادث معدية كرم أبو غالب، أن ابنتيه «ميادة» و«روان» قررن الخروج للعمل من أجل مساعدته في تجهيز شقيقتها التي توفيت، واصفاً بكل مشاعر الفقد والأسى طيبتها وحسن أخلاقها، قائلاً: كانت رقيقة القلب، مطيعة لي دائماً.
- ميادة ورون شقيقتان من ضحايا الحادث.. إحداهن نجت والأخرى لاقت مصرعها
وبدأ في سرد تلقيه نبأ الحادث، حيث تلقى اتصالا من رقم غريب في تمام الساعة 8 صباحاً، وإذا بها ابنته الناجيه «ميادة» تستغيث به وتخبره بغرق شقيقتها روان، فهرول مسرعاً إلى موقع الحادث، مضيفا: وجدت ابنتي ميادة، وقمت بسؤالها عن روان لتخبرني حينها أن شقيقتها مازالت داخل المياه، وشاهدت رجال الإنقاذ أثناء قيامهم بإخراج جثامين الضحايا التي من بينهم ابنتي، وكان لدي أمل في خروجها من المياه على قيد الحياة.
وأردف قائلاً: ابنتي ميادة الناجية أخبرتني بأنها قفذت من شباك الميكروباص إلا أن شقيقتها روان لم تتمكن من ذلك.
وأشار إلى روايات الفتيات اللواتي نجين من الحادث حيث أخبروهم بما حدث قبل وقوعه حيث تعرضوا للمضايقات من قبل عدد من الشباب، مما دفع سائق الميكروباص إلى النزول من السيارة والتي كانت متوقفة، للدفاع عنهن، فتم الاعتداء عليه بالسب والضرب وقاموا بدفع الميكروباص بشدة مما أدى إلى سقوطه في المياه.
وذكر: ميادة وروان قررن العمل من أجل مساعدتي في تجهيز إحدى شقيقاتهم، وكنت رافضاً لذلك حيث خشيت عليهن من مخاطر الطريق وعبوره، لكنهم أصروا على قرارهن، من أجل يومية قدرها 190 جنيها، وشقيقتها ميادة أصيبت بصدمة عصبية ونفسية وتشعر بالذنب وتأنيب الضمير كلما تذكرت صوت شقيقتها روان وهي تستغيث بها.
إحدى ضحايا الحادث الأليم: ابنتي أفدتني بروحها
وفي ذات السياق، أوضحت والدة «سماح» و«سلمى» من ضحايا الحادث الأليم والتي كانت برفقتهم، أنهن خرجن على باب الله سعياً للقمة العيش، وكن يجلسن بجانب السائق، وابنتها سلمى أفدتها بروحها ومازال جثمانها داخل المياه إلى الآن.
وتابعت قائلة: أثناء عبورنا للمعدية قام أحد الشباب بمد يده إلى شباك الميكروباص لجذب حجاب إحدى الفتيات، فعاتبت الفتاة على فتحها للشباك وقامت على الفور بإغلاقه، وإذا بالشاب يقبل علي ليقوم بتعنيفي ودفعي لأنني تدخلت في ذلك الموقف.
وأضافت: تصرف الشاب دفع السائق للنزول من الميكروباص لمعاتبته والدفاع عن الفتيات ضد تصرف ذلك الشاب ورفقائه الذين قاموا أيضاً بمضايقتنا، وتعدوا عليه بالضرب وقاموا بدفع السيارة والضغط عليها مما أدى إلى تحركها وسقوطها في المياه، وأثناء غرق الميكروباص استنجدنا ب «محمد» السائق ورددن الشهادة، ولا أتذكر كل ما حدث سوا عند لحظة إنقاذي وخروجي من المياه، وبعد إنقاذي خيل لي أنني رأيت جثمان ابنتي يطفو فوق الماء، فأخبرني الناس أن ما أراه مجرد أغراض تطفو على الماء وليست ابنتي.
فيما تطابقت أيضاً رواية إحدى الناجيات أيضاً مع ما سبق، حيث أوضحت أن السائق لا ذنب له فيما حدث وأن كل الخطأ يقع على الشباب الذين تعرضوا لهن وتحرشوا بإحدى الفتيات.
يسرا إحدى ضحايا الحادث ودعت الدنيا قبل موتها بصلاة الفجر
وفي ذات السياق قال والد «يسرا» إحدى ضحايا الحادث، إن ابنته كانت طالبة أزهرية بالصف الأول الثانوي، عقب انتهائها من الامتحانات رغبت في الذهاب للعمل بمحطة تغليف وتصدير الفواكه، لاستشعارها بعبء متطلبات الحياة علي، ورغبة منها الاعتماد على نفسها، وكنت رافضاً لذلك الأمر ولكنني وافقت في النهاية تنفيذاً لرغبتها.
وأشار إلى أن ابنته استيقظت في حوالي الساعة ال5 وقامت بأداء صلاة الفجر وتحضير أغراضها والطعام الخاص بها، لافتا إلى أنه تلقى خبر سقوط السيارة من أعلى المعدية فهرول مسرعاً هو ووالدتها دون أدنى معرفة أن ابنته من بين الضحايا.
وأضاف: حاولت الاتصال بها عدة مرات، لكن هاتفها كان مغلقاً، وعندما وصلنا إلى المعدية وعبرنا للجانب الآخر، كنا نترقب كل جثمان ينتشل من المياه، وتمنين أن تكون داخل السيارة، أهون من فقدانها وذهابها مع التيار وبالفعل بعد انتشال الميكروباص كان جثمان يسرا داخله.
واستطرد قائلاً: يسرا ابنتي الكبرى وكانت ستتم عامها ال 17 في شهر يوليو القادم، كانت معاملتها لي ولوالدتها في غاية الحب والحنان، وعلاقتها بأفراد العائلة وأصدقائها كانت طيبة، وشخصية معطاءة «اللي في إيدها مش ليها»، واختيرت من بين 30 من زملائها للإشراف على الميزان بمحطة تغليف وتصدير الفاكهة.
وتابع: لم تشتكي من السائق أبداً، وكانت دائمة الثناء عليه لحسن خلقه ومروءته، ومحمد السائق كان يعتبر يسرا وباقي الفتيات شقيقات له.
والدة سائق الميكروباص: خرج للبحث عن لقمة عيشه وكان يدافع عن الفتيات
وفي ذات الحدث، صرحت والدة محمد سائق الميكروباص الذي سقط من أعلى المعدية، بأن نجلها خرج للبحث عن لقمة عيشة ولم يكن ينوي الشجار مع أحد، لافتة إلى أنه كان يدافع عن الفتيات اللواتي تعرضن للتحرش والمضايقات، وكان من الممكن أن يصيبه نفس المصير .
وأكدت أنهن كن بمثابة شقيقاته، وشهادتهن تؤكد براءته من كل الاتهامات التي وجهت له، وطالبت بمحاسبة المتسببين في الحادث الأليم.