في ظل الأوضاع المتقلبة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، تبرز قضية عودة الجنود السوريين إلى بلادهم كأحد المحاور الحساسة في المشهد الإقليمي، وتتداخل هذه القضية مع عدد من العوامل السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعصف بسوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية في 2011.
في هذا السياق، أشار أحد البرلمانيين العراقيين إلى أن عودة الجنود السوريين مرتبطة بشكل وثيق بتشكيل حكومة سورية جديدة قائمة على التوافق السياسي، وهو تصريح أثار اهتمامًا كبيرًا في الأوساط السياسية والإعلامية.
– التحديات السياسية أمام تشكيل حكومة توافقية في سوريا
منذ بدء النزاع السوري، برزت انقسامات حادة بين الأطراف السياسية والعسكرية داخل البلاد، ما أدى إلى صعوبة التوصل إلى أي صيغة توافقية لتشكيل حكومة تمثل جميع الأطراف.
المعارضة السورية، المتمثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، تطالب بحكومة انتقالية خالية من رموز النظام الحالي، بينما يصر النظام السوري على بقائه كجزء أساسي في أي تسوية سياسية.
– الدور الإقليمي والدولي
التدخلات الإقليمية والدولية زادت من تعقيد المشهد السياسي السوري.
روسيا وإيران تدعمان النظام السوري، في حين أن دولًا مثل تركيا والولايات المتحدة تدعم بعض فصائل المعارضة.
جهود الأمم المتحدة، عبر مبعوثها الخاص، لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السورية، لم تسفر حتى الآن عن نتائج ملموسة.
– الأبعاد الإقليمية لعودة الجنود السوريين
– دور العراق في الملف السوري
العراق، بحكم الجوار الجغرافي والعلاقات التاريخية المشتركة، يتأثر بشكل كبير بالوضع الأمني في سوريا.
البرلماني العراقي ” محمد الشمري ” الذي أدلى بهذا التصريح أوضح أن، ” استقرار سوريا أمر حيوي لأمن العراق، خاصة في ظل التحديات الأمنية المشتركة مثل الإرهاب ” .
أشار أيضًا إلى أن أي انسحاب غير منظم للقوات الأجنبية من سوريا قد يترك فراغًا أمنيًا، مما يزيد من خطورة التهديدات على الدول المجاورة.
– التحديات الأمنية المشتركة
الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم “داعش”، استغلت الفوضى في سوريا والعراق لتعزيز وجودها.
عودة الجنود السوريين تتطلب استقرارًا أمنيًا على الأرض، وهو أمر يتطلب جهودًا مشتركة من المجتمع الدولي.
– الأبعاد القانونية والإنسانية لعودة الجنود
– الجنود المنشقون وأوضاعهم القانونية
جزء كبير من الجنود السوريين الذين فروا من البلاد يخشون الملاحقة القانونية أو الانتقام في حال عودتهم.
منظمة العفو الدولية أشارت في تقاريرها إلى أن النظام السوري لجأ في كثير من الأحيان إلى تصفية الجنود المنشقين أو اعتقالهم.
– الأزمة الإنسانية
تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن الحرب السورية تسببت في نزوح حوالي 6.8 مليون شخص داخليًا، بينما لجأ أكثر من 5.5 مليون شخص إلى دول الجوار.
عودة الجنود تتطلب توفير ضمانات إنسانية وأمنية لحمايتهم وعائلاتهم.
– الدور العراقي في تقريب وجهات النظر السورية
-البرلمان العراقي كلاعب دبلوماسي
قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي محمد الشمري اليوم الأحد،” إن عودة الجنود السوريين الذين دخلوا إلى الأراضي العراقية مؤخرا إلى بلادهم مرهونة بتشكيل حكومة سورية جديدة “.
أشار البرلماني العراقي في تصريحاته إلى” أن العراق يسعى للعب دور الوسيط بين الأطراف السورية، مستندًا إلى سياسة الحياد الإيجابي ” .
وأكد الشمري أن الجنود السوريين الذين دخلوا العراق مع أسلحتهم وآلياتهم على خلفية سقوط النظام السوري، يمكن أن يعودوا لبلادهم في حال تشكلت “حكومة سورية” وتم التوافق معها.
وأضاف الشمري في تصريح صحفي أن “الوضع في سوريا مقلق وغير مطمئن، خاصة أن هناك عدة فصائل أو عدة جهات فاعلة تنقسم إلى خمس أو ست جهات وتوجد بينها صراعات”.
وتابع: “نحن متخوفون من موضوع تجزئة سوريا، وما نرغب به ونريده وهو الحفاظ على وحدة التراب السوري، فكل شيء ممكن في الداخل السوري طالما هناك قوى متعددة وتوجهات متعددة”.
واعتبر الشمري، أن “أخطر نقطة محتملة هي قضية الحرب الأهلية أو النزاعات الداخلية”.
وأوضح “أن الجنود السوريين الذي دخلوا العراق جاءوا بعد أن نزحت قسد إلى جنوب نهر الفرات، كانوا هم الجهة الماسكة للأرض بعد أن توغلت قسد، ولجأ هؤلاء الضباط بآلياتهم وأسلحتهم إلى العراق، ونحن استقبلناهم على أنهم ضيوف هم وأسلحتهم وآلياتهم وأن تبقى أمانة عند العراق وحينما يعودون تعود معهم”.
وخلص قائلا: “ننتظر ما سيؤول إليه الوضع السوري، وإذا تم تشكيل حكومة والتوافق معها والاتفاق سيكون بإمكان الجنود السوريين العودة إلى بلادهم على شرط أن تكون حكومة سورية”.
ومن جانبه قال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي في وقت سبق أن 2000 جندي من الجيش السوري دخلوا إلى الأراضي العراقية بموافقة الحكومة.
العراق، من خلال علاقاته الجيدة مع معظم الأطراف الإقليمية، يمكن أن يقدم مبادرات لحوار سوري-سوري يؤدي إلى تشكيل حكومة توافقية.
– التعاون الأمني بين العراق وسوريا
الاتفاقيات الأمنية المشتركة بين بغداد ودمشق تهدف إلى تعزيز التنسيق لمواجهة التحديات المشتركة.
المراقبون يرون أن تحسين الأوضاع الأمنية قد يساهم في تهيئة الظروف المناسبة لعودة الجنود.
– أرقام وإحصائيات
عدد الجنود السوريين الذين فروا من الخدمة العسكرية: تشير تقارير غير رسمية إلى أن العدد يصل إلى أكثر من 150,000 جندي.
الأضرار الاقتصادية للحرب السورية: بلغت الخسائر حوالي 530 مليار دولار منذ عام 2011، وفقًا للبنك الدولي.
النازحون داخليًا: 6.8 مليون شخص، يمثلون حوالي ثلث سكان سوريا قبل الحرب.
إن قضية عودة الجنود السوريين إلى بلادهم ليست مجرد مسألة عسكرية، بل هي انعكاس للأزمة السورية برمتها، بما تحمله من تعقيدات سياسية وإنسانية وأمنية. تصريحات البرلماني العراقي تفتح الباب أمام تساؤلات حول دور العراق والمجتمع الدولي في دعم حل سياسي شامل ينهي هذه الأزمة. ويبقى الأمل معقودًا على تشكيل حكومة سورية توافقية قادرة على استيعاب الجميع، وتحقيق السلام الدائم الذي طال انتظاره.