في رسالة إنسانية هادفة، يحمل منبر خطبة الجمعة اليوم دعوة صادقة للإتقان والعمل بإخلاص، تحت عنوان “ونَغْرِسُ فَيَأْكُلُ مَنْ بَعْدَنَا”، وهو الموضوع الذي حددته وزارة الأوقاف لتوعية المواطنين بأهمية الإخلاص في العمل، وأثر الإتقان في صناعة الحضارات.
نص خطبة الجمعة اليوم
وإليك نص خطبة الجمعة اليوم 2 مايو 2025، الموافق 4 ذو القعدة 1446، الصادر عن وزارة الأوقاف المصرية بعنوان “ونَغْرِسُ فَيَأْكُلُ مَنْ بَعْدَنَا”.
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، هدى العقول ببدائع حكمه، ووسع الخلائق بجلال نعمه، أقام الكون بعظمة تجليه، وأنزل الهدى على أنبيائه ومرسليه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهًا أحدًا فردًا صمدًا، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، وخِتامًا للأنبياء والمرسلين. اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد ذكر المؤرخون أن ملكًا من ملوك فارس كان يسير بموكبه يومًا، فعبر على شيخ كبير يغرس شجرة لا تُنبت إلا بعد مائة عام. فقال له الملك: إن شأنك لعجيب، أراك قريبًا من الموت ثم ها أنت ذا تغرس شجرة لا تُنبت إلا بعد مائة عام، ما أطول أملك! فقال له الرجل: أصلح الله الملك! لقد غرس من قبلنا فأكلنا، ونحن نغرس ليأكل من بعدنا!
أيها الناس، فلنبثَّ هذه الثقافة في نفوسنا وفي مجتمعنا: نغرس ليأكل من بعدنا، ننتج لينتفع من بعدنا، نتقن لننير الدنيا لمن بعدنا. وها هو اللسان الأشرف يدلنا على هذا الطريق الأنور من الإتقان والبذل والسخاء والإيثار، فيقول صلى الله عليه وسلم: “إن قامت على أحدكم القيامة، وفي يده فسيلة فليغرسها”.
ويا من تغرس ليأكل غيرك، أتقن غرسك! وانتظم في سلك الإبداع والإتقان الإلهي؛ فإن الكون كله يشهد على عظمة الخالق وبديع صنعه، ويشير إلى إتقان لا يُضاهى، وإحكام لا يُبارى. وكل نفس سوية تحمل في طياتها بذرة الإتقان، وروح العطاء، ورغبة في ترك بصمة نافعة في هذه الحياة! وهذا هو الحال النبوي الشريف ممزوجًا ببيان المحبة الإلهية: “إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه”.
عباد الله، اعلموا أن إتقاننا للعمل في كل ميدان هو سر نهضتنا ومداد رقينا. عندما يُخلص الطبيب في علاجه، ويجتهد المهندس في بنائه، ويُبدع العامل في صنعته، ويسهر الجندي على حماية وطنه، فإننا نبني مستقبلًا مشرقًا لأبنائنا وأحفادنا. فالحياة قصيرة، وعلى كل منا أن يترك فيها الأثر الطيب، والعمل المحكم، والغرس الممتد، والبصمة الباقية. لنكن كالنخلة الشامخة، ترمي بخيرها دائمًا، ويأكل من ثمرها كل عابر سبيل. وليكن حادينا نداء الله جل جلاله: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، ولنغرس أيها الكرام ليأكل من بعدنا.
نرشح لك: خطبة الجمعة اليوم.. أرض سيناء المباركة ورسالة قوية ضد التحرش
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها المسلمون، إن من أعظم ما يُبتلى به الإنسان في هذه الحياة هو فقدان الأمل واليأس من رحمة الله. وقد انتشر في الآونة الأخيرة بين بعض الشباب تناول ما يُعرف بـ”حبة الغلة”، وهي مادة سامة تؤدي إلى الوفاة السريعة. وهذا يدل على ضعف الإيمان وقلة الصبر على البلاء.
أيها الأحبة، إن الإسلام دين الأمل والتفاؤل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اليأس والقنوط. قال تعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}. فلنحرص على بث الأمل في نفوس أبنائنا، ولنُحسن الاستماع إليهم، ولنُشعرهم بقيمتهم في المجتمع.
عباد الله، لنكن عونًا لأبنائنا وشبابنا، نُرشدهم إلى طريق الخير، ونُبعدهم عن مواطن الشر، ونُعزز فيهم القيم الإسلامية السمحة. نسأل الله أن يحفظ أبناءنا وشبابنا، وأن يرزقهم الهداية والثبات، وأن يجعلنا وإياهم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
اقرأ أيضًا: الأدعية المستجابة يوم الجمعة وأفضل وقت لها