في مشهد قلّما يتكرر في سوق المأكولات السريعة بمصر، خطت شركة “بلبن” خطواتها الأولى بإعلان أثار الجدل والفضول معًا، حاملاً شعار “آسفين عشان جامدين”.
عبارة مزجت بين التحدي والدعابة، لتتحول بسرعة إلى ترند، وتنقل المشروع من مجرد محل بسيط إلى علامة تجارية وطنية شابة تغزو الشارع المصري.
لكن بين البدايات القوية والنهايات غير المتوقعة، كانت هناك رحلة مليئة بالنجاح، والتحديات، والأزمات التي هددت مصير الشركة.
إعلان آثار الدهشة بين الجماهير
ظهر اسم “بلبن” على الساحة بإعلان غير تقليدي. الإعلان لم يتحدث كثيرًا عن المنتج، بل عن “الروح”.
جملة “آسفين عشان جامدين” لم تكن مجرد شعار تسويقي، بل أصبحت جزءًا من الثقافة الشبابية، وانتشرت على وسائل التواصل كالنار في الهشيم.
رواد مواقع التواصل تفاعلوا بشكل هائل، مما جعل المحل قِبلة للراغبين في تجربة “الجامدين”.
كان هذا الأسلوب التسويقي بمثابة كسر للنمط التقليدي، وفتح الباب أمام موجة جديدة من الحملات الإعلانية التي تعتمد على الطرافة والتواصل المباشر مع الجمهور.
وفي الوقت ذاته، ركز “بلبن” على تقديم منتجات بطابع محلي وعصري، مزجت بين النكهات الشعبية والتقديم العصري، ما ساهم في تكوين قاعدة جماهيرية واسعة خاصة بين الشباب.
مسيرة النجاح والشهرة
نجحت “بلبن” في فترة قصيرة في توسيع نشاطها، وافتتحت عشرات الفروع في القاهرة والمحافظات، ثم انتقلت إلى أسواق عربية وإفريقية.
التصميم العصري للفروع، وتنوع قائمة الطعام، وخدمة العملاء السريعة، كلها عوامل عززت من حضورها، وأصبحت “بلبن” واحدة من كبرى سلاسل الطعام في مصر، توظف أكثر من 25 ألف عامل وتدير أكثر من 110 فرعًا داخل البلاد.
الأزمة المفاجئة وتدخل الدولة
رغم النجاح، واجهت “بلبن” أزمة مفاجئة هددت وجودها بالسوق، تقارير رقابية، وشكاوى متكررة، وضغوط إعلامية، كلها عوامل أسهمت في إغلاق بعض الفروع، وسط صمت رسمي من الشركة في البداية، ما أثار تساؤلات عديدة حول مصير المشروع.
المفاجأة الأكبر كانت في التدخل الرئاسي المباشر، حيث وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي الجهات المعنية بعقد اجتماع عاجل مع إدارة الشركة.
البيان الرسمي عقب الاجتماع
استجابت “بلبن” بسرعة، وعقدت اجتماعًا طارئًا مع الجهات الرقابية لمراجعة إجراءات السلامة والجودة.
وأصدرت بيانًا رسميًا عبّرت فيه عن امتنانها للدعم الرئاسي، مؤكدة التزامها الكامل بالمعايير القياسية، وحرصها على سمعة مصر في الداخل والخارج.
وأشارت إلى تشكيل لجنة داخلية لمراجعة وتقييم إجراءات الجودة، والعمل بشفافية كاملة مع الجهات المختصة.
التحرك الرئاسي قوبل بترحيب كبير من المراقبين الاقتصاديين، الذين اعتبروه دعمًا للاستثمار الوطني ورسالة طمأنة لكل المستثمرين الجادين.
من جانبها، تعهدت إدارة “بلبن” بالخروج من الأزمة أقوى، وتعزيز الرقابة الداخلية، وزيادة جودة المنتجات، في محاولة لاستعادة ثقة المستهلكين.
“بلبن” بين التحدي والفرصة
قصة “بلبن” تعكس النموذج المعقد لريادة الأعمال في مصر، من فكرة بسيطة إلى كيان ضخم، ومن أزمة كادت تعصف به إلى تدخل رئاسي أنقذه من الانهيار.
ورغم أن مستقبل الشركة لا يزال تحت المجهر، فإن إرادتها في الاستمرار والتطور تعكس روح المشاريع الشابة التي تسعى لإثبات نفسها في بيئة اقتصادية شديدة التنافس.
“بلبن” ليس فقط مشروع طعام، بل تجربة اجتماعية واقتصادية تستحق التوقف عندها، لأنها ببساطة ترينا أن طريق النجاح لا يخلو من العثرات، لكن الأهم هو كيف ننهض بعدها.