كتبت- إيمان صبري
مع حلول عيد الأضحى المبارك، والذي يأتي في ظل أجواء مليئة بالفرح والبهجة التي تعمّ أرجاء الأمة الإسلامية في كل انحاء العالم، تتجه الأسر والعائلات إلى شراء اللحوم و الملابس وزيارة الأقارب، في أجواء ليس لها مثيل.
ولكن عند النظر من ناحية أخرى، سنجد الفلسطينيون في قطاع غزة المحاصر، يستعدون للدخول في عيدهم الرابع تحت الحرب، بعد مرور أكثر من 600 يوم على «طوفان الأقصى»، والأمل أصبح رفاهية نادرة.
فمنذ أكتوبر 2023، عاش سكان غزة ثلاث أعياد في حالة صعبة للغاية:
عيد الفطر 2024: أدّوا الصلاة على أنقاض المساجد، وزاروا الشهداء بدلًا من الأقارب.
عيد الأضحى 2024: لم تُذبح الأضاحي، بل ذُبح الشعب أمام صمت كبير من دول العالم.
عيد الفطر 2025: مرّ دون طقوس، دون فرح، ولا صوت إلا للجوع.
عيد الأضحى 2025: يقترب، والمشهد يتكرر، بل يزداد سوء، فهم لا يحضرون للملابس ولا يحضرون للأضحية لأنه وبكل بساطه لا يوجد لا أضحيه ولا ملابس ولا حتى طعام ليملئو بطونهم من الجوع لا لتأديه شعائر وطقوس العيد.
شعب محاصر يُباد كل يوم بل كل ساعه يستشهد أكثر من عشرات المدنيين من أطفال ونساء ورجال، ليسو لديهم حته الأكفان، فالشهيد الذي يُمثل كرامه الوطن والشعب والأرض يدفن ويكفن بكيس بلاستيك، أهذا هو العيد.
أمام صمت كثير من البلدان العربية الإسلامية الذين يتحتفلو بالاعياد وكأنهم في دنيا وعالم آخر لا يفكرون سوا بأنفسهم، في ظل صمت وتواطؤ دولي كبير يُخذي الشعب الذي يموت كل يوم على مرأي ومسمع من جميع الدول وجميع الشعوب.
يمر بعد ساعات قليلة، عيد رابع وكل أم وأب يحاول أن يحمي طفله وعائلته لينجو بأرواحهم، أمم كامله تشاهد ما يحدث في صمت، فهناك شعب على وشك الموت من الجوع والكاميرات تصور ونحن نشاهد ولا نتحرك.
ففي غزة، العيد لم يعد مناسبة للفرح، بل يكبرون وهم يسمعون طائرات الاحتلال، ويبتسمون رغم الجوع، ويحضرون لأطفالهم ما تبقى من قماش ليخبروهم أن العيد قادم ولو على هيئة صبر، فالبيوت مدمّرة ومعها الذكريات، والمساجد ركام تُكمل التكبيرات من بين الغبار، فالقبور أكثر من المساجد والدمع أكثر من الماء، هكذا هو العيد في غزة.
وفي النهايه، في الوقت الذي يستعد فيه العالم لاستقبال العيد بالأضواء والثياب الجديدة، تُطفأ الأنوار في غزة، ويُفرش العيد بأكفان الشهداء بدل الزينة، لا أصوات للفرح، بل بكاء تحت الأنقاض، ونداءات استغاثة لا تجد من يصغي، في غزة لا يُوزّع العيد فرحة، بل يُقسّم الألم على الجميع بالتساوي على الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن، وعلى الأطفال الذين ينامون جوعى، وعلى الصحفيين الذين يكتبون الأخبار بالدم.