كتب: محمد مرزوق
ضربت موجة من التقلبات الجوية محافظة المنيا هذا الأسبوع، فرضت واقعًا معقدًا على طرقها ومزروعاتها. وشهدت المحافظة، مع بزوغ ساعات الصباح الأولى هبوطًا حادًا في درجات الحرارة، حيث سجلت انخفاضًا ملحوظًا مع برودة شديدة ليلاً، في ظل أجواء ضبابية غمرت الطرق الزراعية والرئيسية، مما أثار قلق السائقين والمزارعين والمسافرين على حد سواء.
وتشير البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للأرصاد الجوية إلى أن درجة الحرارة الصغرى وصلت إلى 12 درجة مئوية، بينما بلغت العظمى 23 درجة مئوية، في حين ارتفعت نسبة الرطوبة لتزيد من الإحساس بالبرودة.
شبورة خانقة وندى يهدد المحاصيل
مع ساعات الفجر الأولى بدت طرق المنيا وكأنها تغرق تحت سحابة من الشبورة المائية الكثيفة التي تغطي مناطق واسعة من الطرق الزراعية والسريعة في المنيا، ما تسبب في تراجع الرؤية الأفقية إلى مستويات خطيرة أقل من 500 متر في بعض المناطق، حيث يتوقع استمرار البرودة الشديدة ليلاً مع احتمالية تشكل الصقيع على المزروعات في المناطق المفتوحة وفق تقارير ميدانية صادرة عن إدارة المرور بالمحافظة.
زراعة المنيا: الندى الكثيف يهدد المحاصيل الشتوية
في ذات السياق، أكدت مديرية الزراعة بمحافظة المنيا أن الندى الكثيف الذي يكسو المزروعات خلال ساعات الليل والصباح يهدد المحاصيل الشتوية، خاصة القمح والفول البلدي والبصل، وهي محاصيل استراتيجية في هذا الموسم، مشيرا إلى أن زيادة الرطوبة قد تؤدي إلى انتشار الأمراض الفطرية وتلف المزروعات، وأن الارتفاع المفاجئ في نسبة الرطوبة، المصحوب بالبرودة القارسة، قد يؤدي إلى تأخر نمو النباتات، وزيادة تكلفة العلاجات الوقائية التي يحتاجها المزارعون لتجنب الخسائر.
تحذيرات عاجلة للمزارعين والمسافرين
وأطلق ديوان عام محافظة المنيا تحذيرات شديدة اللهجة للمزارعين باتخاذ إجراءات وقائية لتجنب آثار الندى والرطوبة على المحاصيل. كما طالبت المواطنين بضرورة إرتداء الملابس الثقيلة.
وناشدت إدارة مرور المنيا السائقين ضرورة توخي الحذر يقدر الإمكان، واستخدام الإضاءة الكاشفة، والالتزام بالسرعات المقررة، لتجنب الحوادث التي أصبحت تتكرر يوميًا بسبب الشبورة الكثيفة.
تداعيات اقتصادية واجتماعية للطقس المتقلب
لم تقتصر آثار التقلبات الجوية على القطاع الزراعي فقط، بل امتدت لتؤثر على النشاط الاقتصادي بالمحافظة. فقد أفاد تقرير نشرته وكالة “رويترز” أن انخفاض درجات الحرارة أدى إلى تراجع الإقبال على الأسواق المفتوحة في المنيا بنسبة تجاوزت 30% مقارنة بالأسبوع الماضي.
ردود فعل محلية ودولية
على المستوى المحلي وصف الأهالي الوضع بأنه “الأبرد منذ سنوات”، مطالبين بتدخل الجهات المعنية لتوفير الوقود اللازم للتدفئة في القرى النائية.
وعلى الصعيد الدولي أشار تقرير لشبكة “بي بي سي” الإخبارية إلى أن مصر ليست بمعزل عن التغيرات المناخية العالمية، مؤكدةً أن تقلبات الطقس في المنيا تعكس نمطًا عامًا من البرودة غير المعتادة التي اجتاحت المنطقة العربية.
دعوة للاستعداد والتكيف مع تغير المناخ
تختتم المنيا يومها وسط أجواء شديدة البرودة وسحب ملبدة بالتحذيرات. وبينما تستمر التحذيرات من الشبورة وبرودة الليل القارسة، يبقى السؤال: هل نحن مستعدون لمواجهة التحديات المناخية المتزايدة؟ الدعوة الآن ليست فقط للتكيف مع تقلبات الطقس، بل للاستثمار في تعزيز البنية التحتية الزراعية والنقل لمواجهة الأزمات الطارئة.