شهد السوق العقاري في مصر تحولات كبيرة خلال الفترة الحالية، وسط مجموعة من التحديات التي تواجه القطاع، أهمها ارتفاع تكاليف البناء ومواد البناء نتيجة تقلبات أسعار الصرف والتضخم العالمي.
ورغم هذه الصعوبات، لا يزال القطاع العقاري يمثل أحد أهم أعمدة الاقتصاد المصري، حيث يواصل جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، مدعومًا بزيادة الطلب على الإسكان والبنية التحتية من جهة، ودعم الحكومة للمشروعات القومية الكبرى من جهة أخرى.
ارتفاع تكاليف البناء وتأثيرها على السوق
يواجه المطورون العقاريون ضغوطًا متزايدة بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء مثل الحديد والأسمنت، بالإضافة إلى تكاليف العمالة المتزايدة.
ويرى عدد من خبراء العقارات أن هذه الزيادات تؤدي إلى تضخم أسعار الوحدات السكنية بشكل يصعب على كثير من المشترين تحمله، مما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية في بعض الشرائح.
يقول خبير التطوير العقاري، مهران القاوي، في تصريحاته لموقع “الحرية”، إن الأسعار تشهد زيادة بنسبة تتراوح بين 30% و40% خلال العام الماضي بسبب الزيادات المتتالية في أسعار المواد الخام، هذا الارتفاع أثر على سرعة التنفيذ والتسليم في العديد من المشروعات، ما أدى إلى تباطؤ في حركة البيع.
دور الحكومة في دعم السوق العقاري
على الرغم من التحديات الاقتصادية، تتخذ الحكومة خطوات لتعزيز استقرار السوق العقاري، حيث أطلقت العديد من المشروعات القومية الكبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة، والتي تهدف إلى توفير مدن حديثة تسهم في استيعاب الزيادة السكانية وتعزيز التنمية العمرانية.
في تصريح سابق، أكد وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، أن الحكومة تسعى إلى تحقيق توازن بين العرض والطلب من خلال توفير وحدات سكنية مختلفة الفئات، مشيرًا إلى أن مشروعات الإسكان الاجتماعي والمتوسط تهدف إلى تلبية احتياجات الطبقات المتوسطة والفقيرة.
وأضاف الوزير، أن الحكومة تسعى إلى توفير بيئة استثمارية جاذبة للمطورين العقاريين عبر تسهيل إجراءات التراخيص وتوفير أراضٍ جديدة بأسعار مناسبة، مما يساعد على تحقيق استقرار نسبي في الأسعار وتعزيز قدرة السوق على مواجهة التحديات الاقتصادية.
تأثير التضخم وسعر الفائدة على الطلب العقاري
لا يمكن إغفال تأثير التضخم وارتفاع أسعار الفائدة على الطلب في السوق العقاري، حيث يفضل بعض المستثمرين تأجيل قرارات الشراء أو البيع إلى حين استقرار الأسعار.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور سعيد الفقي، إن ارتفاع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي كإجراء لمواجهة التضخم أثر بشكل مباشر على حركة الإقراض العقاري، حيث تراجعت قدرة الأفراد على الحصول على قروض لشراء وحدات سكنية بسبب ارتفاع تكلفة التمويل.
ومع ذلك، يرى الفقي أن السوق العقاري لا يزال يتمتع بمرونة قوية بسبب الطلب المستمر على الوحدات السكنية، خاصة في المدن الجديدة التي توفر بيئة معيشية حديثة وخدمات متكاملة.
الفرص المستقبلية في القطاع العقاري
رغم التحديات الحالية، يرى خبراء أن القطاع العقاري في مصر يمتلك فرصًا كبيرة للنمو على المدى الطويل، خاصة مع استمرار الحكومة في تنفيذ المشروعات القومية.
ويشير المهندس عادل فراج، مطور عقاري، إلى أن الطلب على العقارات سيظل قويًا بسبب النمو السكاني وزيادة الحاجة إلى مشروعات إسكانية جديدة.
ويضيف فراج في تصريحاته لموقع “الحرية”، أن العقار في مصر ما زال يعتبر استثمارًا آمنًا للمصريين والمستثمرين الأجانب على حد سواء، وهناك توجه متزايد للاستثمار في المشروعات السكنية والتجارية في المدن الجديدة، خاصة مع تطوير البنية التحتية وتحسين وسائل النقل والخدمات.