في أقل من ستين يومًا، ينتهي عمل برلمان 2020، ومن المفترض أن تستعد الدوله والأحزاب وراغبى الترشح لانتخابات جديدة لمجلسي النواب والشيوخ. والاكيد وليس المتوقع يكون نظام القوائم المغلقة هو السائد، يبدو المشهد السياسي وكأنه أُفرغ من مضمونه الحقيقي. فالنظام الحالي للانتخابات ، بآلياته المقيدة، حوَّل العملية الانتخابية إلى مجرد استنساخ لإرادة السلطة، حيث أصبح التملق للسلطه هو الطريق الوحيد للوصول إلى المقاعد التشريعية، خاصة في ظل هيمنة السلطه على تشكيل القوائم و التعيين على نصف البرلمان.
لكن يتبقى لنا النصف الآخر من المقاعد هو لنظام الفردي، الذي يُفترض أن يكون فرصة للمشاركة السياسية الحقيقية. ومع ذلك، فإن العزوف السياسي للطبقة المتوسطة بدرجاتها المختلفة هو ما يسمح باستمرار هذا الوضع المشوّه. هذه الطبقة، التي تمثّل رمانة الميزان في أي تحوّل ديمقراطي، تتنازل عن دورها تحت حجج مختلفة، منها الادعاء بأن الفقراء هم من “يبيعون أصواتهم”، أو أن التغيير مستحيل في ظل الظروف الحالية أو صوتى ليس له قيمه مع افتراض عمليه تزوير الاصوات
الحقيقة أن الطبقة المتوسطة هي القادرة على التأثير الأكبر في المجتمع، فهي الأكثر وعيًا بمن يصلح للتمثيل السياسي، والأقدر على تحريك الرأي العام. لو تحركت هذه الطبقة، لاستطاعت أن تكون طريقا بين النخب والجماهير، ولأجبرت الأغنياء على احترام إرادتها، كما لعبَت دورًا في توعية الفقراء بدورهم في صنع القرار. لكن استسلامها اليوم، وانسحابها إلى دائرة اللامبالاة إلى ما يسمى حزب الكنبه هو ما يفتح الباب أمام استمرار النظام القائم للانتخابات
التغيير الحقيقي يبدأ من هذه الطبقة، فإذا أرادت أن يكون لها دور في تشكيل المستقبل السياسي لمصر، فلا بد أن تتحرّك وتستعيد وعيها بقدرتها على التغيير. ليست الشماعة هي “الفلوس” أو “الغلابة”أو “التزوير” بل الإرادة والاختيار. فمتى ما قرّرت أن تكون فاعلة، ستجد أن الكفة قد مالت لصالحها، وأنها القادرة على إعادة التوازن إلى المشهد السياسي.
الوقت ليس متاخراً أبدًا لبدء هذا التحوّل. فبدون صحوة الطبقة المتوسطة، سيظل النصف الفردي من البرلمان مرهونًا بإرادة السلطه أيضا وسيظل التغيير الحقيقي حلماً بعيد المنال.