يعقد المجلس الأعلى للثقافة، تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة وبالتعاون مع سفارة فنزويلا البوليفارية، ندوة بعنوان “حياة وأعمال سيمون بوليفار”، وتقام في تمام الحادية عشرة صباحًا من يوم الثلاثاء الموافق 12 سبتمبر 2023، بمقر المجلس.
ومن أبرز المشاركين في الندوة السفير ويلمار أومار بارينتوس؛ سفير فنزويلا بالقاهرة، والدكتور هشام عزمي؛ الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، والدكتور أنور مغيث أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة حلوان. وتدير الندوة الدكتورة إيمان نجم، رئيس قطاع العلاقات الثقافية الخارجية. ويأتي من بين الحضور سفراء دول أمريكا اللاتينية.
الليبرتادور
سيمون بوليفار، الملقب بمحرر أمريكا اللاتينية أو بالإسبانية «El Libertador»، ولد بوليفار في 24 يوليو 1783 في مدينة كاراكاس عاصمة فانزويلا، لعائلة أرستقراطية ذات أصل إسباني، توفي والده وهو في سن صغيرة، وبالرغم من ذلك فقد تلقى تعليمًا متميزًا، حيث أسند تعليمه إلى سيمون رودريغيز، أحد طلاب الفيلسوف الكبير جان جاك روسو، ثم أرسل بوليفار إلى أوروبا لاستكمال تعليمه، والتقى هناك بفتاة أحبها وقرر الزواج منها وعادا معًا إلى كاراكاس، ولكن لم يدم هذا الزواج طويلًا، فقد توفت زوجته إثر إصابتها بالملاريا، فأقسم على عدم الزواج من أخرى، وقد ظل ملتزمًا بقسمه حتى نهاية حياته.
انصب كامل اهتمام بوليفار بعد وفاة زوجته على التعليم، فسافر مرة أخرى إلى باريس رفقة معلمه رودريغيز، وأثرت هذه المرحلة في تكوين فِكر بوليفار السياسي بشكل عميق. ومتأثرًا بمعلمه راح يقرأ في الكثير من الكلاسيكيات للمفكرين الأوروبيين أمثال فولتير، مونتسكيو، جون لوك، وتوماس هوبز.
كان حضور بوليفار لمراسم تتويج نابليون بونابرت عام 1805 وكرهه لطبيعة البلاد الاستعمارية من المواقف المحورية التي أججت رغبة بوليفار بالدفاع عن بلاده وتحريرها من قيد الاستعمار الإسباني، فعقد العزم على تكريس حياته للقضية الثورية؛ وقاد عدة جولات تجاه الاستقلال كان أولها اشتراكه مع القائد الوطني الفنزويلي دي ميراندا في ثورة تهدف لعزل الحاكم الإسباني لفنزويلا، وأُعلن قيام جمعية الاستقلاليين الثوريين، ولكن سريعًا ما عادت الجهود الإسبانية العنيفة لاستعادة فنزويلا، ومطاردة بوليفار.
ولكن بوليفار الذي قد هرب إلى كولومبيا، أخذ يتحرك بين كولومبيا وجامايكا وفنزويلا رافعًا شعلة الاستقلال والتحرر من الاستعمار، فأيّده الكثيرون وعارضه الكثيرون ممن رأوا أن عليهم تقديم تضحيات من الأرواح والدماء، ولكنه نجح في تشكيل جيشه الصغير الحالم بالحرية والطامح في إقامة دول مستقلة بعيدًا عن إسبانيا.
استقر بوليفار لحينٍ في جامايكا حيث أرسل رسالته الشهيرة طالبًا الدعم من بريطانيا، وشرح بها أسبابهم للمناداة بالاستقلال، ووضح الشوط الكبير الذي خاضه من أجل تحرير أمريكا الجنوبية.
ويظهر في نص رسالته رغبته في تحرير المستعمرات الإسبانية ثم توحيد أمريكا الجنوبية بعد ذلك حيث يقول بها: “بعد أن نصبح أقوياء وتحت رعاية أمة محررة تحمينا، سنقوم بحصد المواهب والنعم التي تقودنا إلى المجد وسنكمل الطريق نحو الازدهار المقدر لأمريكا اللاتينية”.
في النهاية فقد نجح بوليفار ـ الذي ظل مصرًا على أفكاره رغم هزائم كثيرة ـ بعد معارك عديدة بتجميع جيشه المتكون من أوروبيين وفنزويليين وكولومبيين وآخرين من بلدان مختلفة، أن يهاجم عاصمة كولومبيا، فينتصر ويتم إعلان كولومبيا دولة مستقلة، ليتجه بعدها إلى وطنه فنزويلا، منطلقًا لتحرير بلاد أخرى كالأرجنتين والإكوادور وبيرو؛ حتى وأنه بعد تحرير بيرو بقيت منطقة منها في قبضة القوات الملكية ولم يتم تحريرها حتى 1825، فاختارت بعد تحريرها أن تحمل اسم محررها بوليفيا تخليدًا لذكراه واعترافًا بمجهوداته.
وبذلك تحقق الشِق الأول من حلم بوليفار بتحقيقه الاستقلال لأمريكا الجنوبية، ولكن حلم توحيدها في اتحاد فيدرالي تحت سيطرته لم يتحقق له، حيث زادت خصومة السياسيين ومعارضتهم له كما تعرض لمحاولات اغتيال من بعض المتنكرين له.
توفي المحرر سيمون بوليفار في 17 سبتمبر عام 1830، ويروى أنه مات متأثرًا بالسل، بعدما منح شعوب أمريكا الجنوبية استقلالًا يُدِرجه كأيقونة تاريخية للحرية.