كشفت الحسابات الفلكية التي أعدها الخبير المغربي في علوم الفلك والتوقيت، المهندس علي عمراوي، أن موعد عيد الأضحى بالمغرب 2025 سيصادف يوم السبت 7 يونيو المقبل، مشيرًا إلى أن رؤية هلال شهر ذي الحجة ستكون صعبة، الأمر الذي سيدفع إلى إتمام شهر ذي القعدة 30 يومًا.
ووفقًا لتصريح عمراوي لموقع “سيت إنفو”، فإن الحسابات الفلكية تُعد مرجعًا علميًا معتمدًا لتقدير المواقيت، لكنها لا تُغني عن الإعلان الرسمي الذي يصدر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة، وهو الجهة الوحيدة المخولة رسميًا لتحديد فاتح ذي الحجة وبالتالي موعد عيد الأضحى.
لكن ما جعل موعد عيد الأضحى بالمغرب 2025 استثنائيًا هذه السنة، ليس فقط الحسابات الفلكية الدقيقة، بل القرار التاريخي الذي أعلنه الملك محمد السادس، بدعوة المغاربة لعدم إقامة شعيرة ذبح الأضحية لهذا العام، وهو ما أحدث جدلًا واسعًا وردود فعل متباينة داخل الأوساط الدينية والاجتماعية.
الملك محمد السادس يدعو المغاربة للتخلي عن ذبح الأضحية في 2025
في سابقة نادرة، وجّه الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، رسالة سامية إلى الشعب المغربي، في فبراير 2025، دعا فيها إلى عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية، وذلك على خلفية تحديات اقتصادية ومناخية تشهدها المملكة، خاصة تراجع أعداد الماشية وارتفاع أسعار اللحوم.
وقد تلا وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، نص الرسالة الملكية مساء يوم أربعاء، خلال نشرة الأخبار الرئيسية على القناة الأولى المغربية.
حيث أكد الملك أن دعوته تنبع من واجبه الديني والشرعي في رفع الحرج عن رعاياه، وتيسير أمور دينهم، مستشهدًا بقول الله تعالى: “وما جعل عليكم في الدين من حرج”.
واعتبر أن شعيرة الأضحى، وإن كانت سنة مؤكدة، إلا أنها مرتبطة بالاستطاعة، مشددًا على أن “القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررًا محققًا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لا سيما ذوي الدخل المحدود”، في إشارة واضحة إلى تأثير الأزمة الاقتصادية والجفاف الذي ضرب مناطق عدة من المملكة.
التضحية سنة مؤكدة.. والملك يتكفل بها عن الأمة
في التفاتة روحية نبيلة، أعلن الملك محمد السادس أنه سيقوم بذبح الأضحية نيابة عن شعبه، اقتداء بسنة جده المصطفى عليه الصلاة والسلام، الذي ذبح كبشين وقال: “هذا عن نفسي وهذا عن أمتي”.
ودعا المواطنين إلى الاحتفال بعيد الأضحى وفق طقوسه المعنوية والروحانية، من خلال أداء صلاة العيد، وصلة الرحم، وإنفاق الصدقات، دون الحاجة إلى شراء الأضاحي وتحمل أعبائها المالية، في وقت يعاني فيه المغرب من موجة غلاء وتراجع حاد في القدرة الشرائية.
كيف استقبل المغاربة قرار الملك؟
القرار الملكي قُوبل بردود فعل متنوعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
فقد رأى فيه البعض قرارًا حكيمًا ينبع من حرص الملك على مصالح المواطنين وظروفهم الاقتصادية، بينما اعتبره آخرون سابقة فقهية تحتاج إلى نقاش، خاصة أن الأضحية شعيرة دينية لها رمزية قوية في الوجدان المغربي.
وغير أن المؤسسات الدينية الرسمية، وعلى رأسها المجلس العلمي الأعلى، دعمت القرار الملكي واعتبرته اجتهادًا شرعيًا ينطلق من مقاصد الشريعة في رفع الضرر وتحقيق المصلحة العامة.
عيد بلا أضاحي.. ولكن الروح حاضرة
رغم غياب الأضاحي عن عيد الأضحى بالمغرب 2025، فإن جوهر المناسبة لا يزال قائمًا، كما شدد الملك في رسالته، على أهمية المعاني الروحية للعيد، في تعزيز التضامن الاجتماعي، وصلة الأرحام، وتكريس مظاهر التقوى والخشوع.
ويرى باحثون في الفقه الإسلامي أن الرسالة الملكية تؤسس لمرحلة جديدة في فقه النوازل، حيث يتم التعامل مع الشعائر الدينية ضمن سياق الواقع ومتغيراته، دون الإخلال بجوهر الدين.
موعد عيد الأضحى بالمغرب 2025.. فلكيًا ودينيًا
وبينما تشير الحسابات الفلكية إلى أن موعد عيد الأضحى بالمغرب 2025 سيحل يوم السبت 7 يونيو، تبقى العيون متجهة إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية للإعلان الرسمي الذي سيؤكد أو يصحح هذا الموعد، بناءً على رؤية الهلال مساء 29 ذو القعدة.
ويُتوقع أن تصدر الوزارة بيانها مساء يوم الخميس 5 يونيو 2025، والذي سيكون الفيصل في إعلان فاتح ذو الحجة وبالتالي تثبيت يوم العيد.
تحديات اقتصادية ومناخية تؤثر على طقوس العيد
القرار الملكي جاء أيضًا في ظل أوضاع اقتصادية معقدة، إذ يعاني المغرب من ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وخصوصًا اللحوم والأعلاف، ما أدى إلى تراجع أعداد الأضاحي المعروضة في الأسواق، وارتفاع أسعارها إلى مستويات قياسية.
كما أن تغير المناخ وتأثيرات الجفاف فاقمت من أزمة تربية الماشية، ودفعت العديد من الفلاحين إلى التخلي عن قطعانهم، ما انعكس مباشرة على العرض والطلب في السوق.
