تباينت آراء خبراء الاقتصاد حول القرار الذى اتخذه رئيس الوزراء، المهندس مصطفى مدبولي، حول تعديل تشريعي يسمح لغير المصريين بتملك العقارات شريطة سداد ثمنها بالنقد الأجنبي فمنهم من يرى أنه قرار إيجابي ومن شأنه إنعاش السوق العقاري وجذب مزيد من الشركات العقارية للاستثمار داخل السوق المصري، إضافة إلى تأثيره الجيد على الاقتصاد؛ ما يؤدى إلى رفع معدلات النمو الاقتصادي وتوفر المزيد من فرص العمل، الأمر الذى يدفع بزيادة حصيلة خزانه الدولة من النقد الأجنبي و تنشيط شركات مواد البناء ككل.
فيما يرى الجانب الآخر المعارض للقرار أن هذا القرار من شأنه تحويل عمليات البيع بالنقد الأجنبي، ليس بالعقارات فقط، ولكن في تعميمه على أغلب السلع، خاصة وأن تم إسناده للقطاع الخاص، كما سيؤثر على المواطن العادي الذى لا يمتلك الدولار ويدفع بيه للبحث عن النقد الأجنبي وتعميق أزمة السوق السوداء.
المرحبون والمتخوفون يرون أن الدولة تحاول طرح أفكار جديدة تمكنها من توفير التزاماتها لخدمة الدين العام الخارجي والذى بلغ هذا العام نحو 17 مليار دولار، ومتوقع زيادته إلى 23 مليار دولار العام القادم، وأن الدولة اتجهت لبيع الأصول من فنادق وشركات لتوفير النقد الأجنبي، وبعضهم زعم أن فكرة بيع الأصول ترجع الى عهد الرئيس جمال عبدالناصر.
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى الاقتصادي المصري للدراسات، أن قرار رئيس الوزراء من الممكن أن يخلق العديد من الأزمات مستقبلا ، خاصة وأن تم إسناده العمل بيه إلى شركات القطاع الخاص، ويضيف في تصريحات “للحرية” من الممكن أن تطرح تلك الشركات المنتج فقط لحاملي الدولار وأن تسود عمليات الشراء داخل مصر لكافة السلع بالنقد الأجنبي الامر الذى سيؤثر على المواطن العادي الذى لا يمتلك النقد الأجنبي أو أنه سيكون دافعا له إلى شراء النقد الأجنبي وخلق سوق سوداء.
وقال رشاد أن الدولة لديها عجز كبير في النقد الأجنبي وتحاول بكل الطرق طرح أفكار جديدة تمكنها من توفير الدولار خاصة مع وجود التزامات كبيرة وخدمة الدين الخارجي والتي بلغت هذا العام نحو 17 مليار دولار ومن المتوقع وصولة الى 24 مليار دولار العام القادم.
وأشار الخبير الاقتصادي أن الدولة اتجهت الى بيع الأصول كما كان من فنادق وشركات، الأمر الذى يتنافى مع مبدأ المواطنة، وإذا كتب لفكرة بيع العقار بالعملة الأجنبية النجاح من شأنها الاضرار بالمواطن داخليا، خاصة من تعميم تلك الفكرة على باقي السلع لتباع بالدولار داخل السوق المحلى.
على النقيض تماما يري رجل الأعمال والخبير العقاري المهندس فتح الله فوزى أن هذا القرار سيكون لها مردود إيجابي على تنشيط المبيعات في السوق العقاري، وخاصة بالعملة الأجنبية، و تخدم استراتيجية التوسع في تصدير العقار، لاسيما أن مصر تستضيف أعدادا كبيرة من أبناء الجاليات العربية التي ترغب في تملك العقارات، ومستعدة لتنفيذ عمليات شراء بالعملة الصعبة، الأمر الذى يضمن توفير تدفقات نقدية كبيرة بالدولار الأمريكي.
وقال فوزى أن قرار رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى قرار إيجابي ومن شأنه تنشيط سوق العقار المصري ويفتح مجالات عديدة لتوفير فرص العمل، مؤكدا أن مصر كانت الدولة الوحيدة التي تضع قيود لتملك الأجانب للعقار، منها عدم السماح فقط إلا بشراء عقار واحد، وألا يتعدى مساحة الأرض الـ4 الاف متر وبموافقه رئيس الوزراء مقارنه بدول مثل أسبانيا والبرتغال واليونان وغيرها تمنح مميزات عديدة لجذب الأجانب لشراء العقار.
وأضاف فوزى في تصريحات لـ”الحرية” أن قطاع العقار من القطاعات الجاذبة وقادر على جذب النقد الأجنبي، وأن هناك إقبالا كبيرا من قبل السودانيين والسوريين والعديد من الدول العربية والأجنبية، ولكن لا زال هناك العديد من المعوقات منها التسجيل بالشهر العقاري وهى عقبه تقابل المصريين أنفسهم، حيث تستغرق إجراءات التسجيل من عامين الى 8 سنوات، وأن طول إجراءات التسجيل والبيروقراطية والتضارب بين مصلحة الشهر العقاري وهيئة المجتمعات العمرانية يعرقل من سرعه تسجيل العقار ولا بد من ميكنتها، الأمر الذى سيسهل كثيرا عمليات التسجيل وسيشجع المستثمر الأجنبي.
وقال فتح الله أن الفترة المقبلة تتطلب مزيدا من الإصلاحات المتعلقة بتسجيل العقار للأجانب والمصريين أيضا، الأمر الذى يمنح العميل الثقة والأمان عند شراء العقار، فضلا عن ضرورة توجه المطورين لتوفير منتجات جاهزة وكاملة التشطيب تتوافق مع احتياجات العملاء الأجانب.
وأكد فتح الله أن هذا القرار من شأنه تشجيع القطاع الخاص على تحسين موصفات العقار وتلبيه كافة المتطلبات المطلوبة والمواصفات للمشترى الأجنبي، كما أنه من شأنه الانتعاش بالسوق العقاري المصري وتشجيع الشركات على زيادة الإنتاج لافتا إلى ان هناك 300 الف وحدة عقارية تباع سنويا ومن المستهدف بعد هذا القرار زيادتها إلى 800 ألف وحدة سنويا، كما ستشجع المطورين العقاريين على الاستثمار بالسوق العقاري المصري بما يعود بالنفع على الاقتصاد المصري، ككل وفتح مجالات أكبر للاستثمار وتوفير فرص العمل وتشجيع شركات مواد البناء.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء قد أعلن أمس موافقة مجلس الوزراء على تعديل تشريعي يسمح لغير المصري بتملك العقارات شريطة سداد ثمنها بالعملة الأجنبية.
وتعد دولتا الإمارات العربية المتحدة وتركيا من أكثر الدول شهرة في هذا المجال بمنطقة الشرق الأوسط، بمتوسط 10-15 مليار دولار سنويا، وسمحت السعودية مؤخرا بحرية تملك العقارات للأجانب دون اشتراطات لجذب مزيد من الاستثمارات.