تحقيق: صابر سكر
تشهد الأوضاع في سيناء توترًا متزايدًا بين مصر وإسرائيل، حيث تقدمت تل أبيب رسميًا بطلب إلى القاهرة لتفكيك البنية التحتية العسكرية المصرية في شبه جزيرة سيناء.
واعتبرت إسرائيل أن التواجد العسكري المصري الحالي يشكل انتهاكًا لاتفاقية كامب ديفيد، حتى بعد تعديلها في عام 2021، وفي المقابل، تستعد مصر لإعداد ملف يتضمن خروقات إسرائيل منذ عام 2023، وخاصة في المنطقة “د”، التي شهدت زيادة في أعداد القوات الإسرائيلية.
الطلب الإسرائيلي ومخاوف الاحتلال
وفقًا لتقارير إسرائيلية ومسؤول أمني لراديو “إسرائيل هوم”، فإن حكومة الاحتلال طالبت مصر، عن طريق واشنطن، بتفكيك البنية العسكرية للجيش المصري في سيناء.
وذكرت إسرائيل أن بناء قواعد عسكرية، ومنظومات دفاع جوي، ومنصات صواريخ في سيناء يمثل تهديدًا مباشرًا لأمنها، مشيرة إلى أن الاتفاق كان يقتصر على تعزيز التواجد العسكري المصري بشكل مؤقت لمكافحة الإرهاب، دون إقامة بنية تحتية دائمة.
وأكد المسؤول الإسرائيلي، أنه لن يتسامح مع استمرار هذا الوضع، مشيرًا إلى أن “تفكيك البنية التحتية العسكرية المصرية يجب أن يكون أولوية، وإلا ستتخذ إسرائيل الإجراءات اللازمة”، دون تحديد نوع هذه الإجراءات.
الموقف المصري.. السيادة الوطنية خط أحمر
في حوار خاص مع “الحرية”، أكد طارق درويش، رئيس حزب الأحرار، أن القيادة السياسية والشعبية في مصر ترفض رفضًا قاطعًا أي تدخل إسرائيلي في قراراتها السيادية، مشيرًا إلى أن الانتشار العسكري المصري في سيناء جاء بموجب تعديل الاتفاق مع إسرائيل في عام 2021، الذي يسمح بوجود عسكري موسع لمواجهة الجماعات الإرهابية.
وأوضح درويش، أن المؤسسة العسكرية المصرية تعتبر أن تعزيز التواجد في سيناء هو ضرورة استراتيجية لحماية الأمن الوطني، وحماية الحدود المصرية في ظل محاولات إسرائيل فرض واقع جديد قد يؤدي إلى سيناريوهات أكثر خطورة، مثل التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء.
مخاوف إسرائيل.. حقائق عسكرية على الأرض
يبدو أن المخاوف الإسرائيلية لا تقتصر على التواجد العسكري المصري فحسب، بل تشمل أيضًا نوعية التسليح والبنية العسكرية التي تم إنشاؤها في سيناء، فقد تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية تقارير عسكرية تحدثت عن وجود دفاعات جوية متقدمة ومنظومات صاروخية في سيناء يمكنها التأثير على أي عمليات عسكرية إسرائيلية في المنطقة.
ويشير درويش، إلى أن إسرائيل، كونها دولة بلا عمق جغرافي، تسعى إلى منع أي انتشار عسكري على حدودها، حيث يعد أي تواجد عسكري مصري تهديدًا استراتيجيًا، ووجود بطاريات صواريخ ومدفعية متقدمة في سيناء قد يغير ميزان القوى في أي مواجهة مستقبلية، مما يدفع إسرائيل إلى الضغط على مصر لتفكيك هذه المنشآت.
هل نحن على أعتاب مواجهة عسكرية؟
تتصاعد التساؤلات حول احتمالية حدوث مواجهة بين مصر وإسرائيل في ظل التهديدات غير المباشرة التي أطلقها المسؤولون الإسرائيليون.
وأكد اللواء دكتور سمير فرج، الخبير العسكري، أن مصر متمسكة باتفاقية كامب ديفيد وملحق 2021، وأن إسرائيل هي من تخالف الاتفاق.
وأضاف أن مصر تعمل على إعداد ملف بشأن هذه التجاوزات، وخاصة في المنطقة (د) محور صلاح الدين وزيادة أعداد قواتها وأسلحتهم في المنطقة الحدودية، ويبقى خيار مصر التي تسعى إليه دومًا هو السلام وإحلال الأمن في المنطقة.
ومن المرجح أن تمارس تل أبيب ضغوطًا سياسية ودبلوماسية واقتصادية على مصر، لكن لن تتمكن من فرض أمر واقع عليها، حيث إن الشعب المصري يلتف خلف القيادة السياسية.
من الناحية العسكرية، فإن إسرائيل لن تتخذ أي إجراءات عسكرية ضد مصر في الوقت الراهن، نظرًا للتوازنات الدولية وتعقيدات الوضع في دول الجوار، ومع ذلك، فإن أي تصعيد ميداني أو اشتباك غير متوقع قد يدفع الأوضاع إلى منعطف خطير.
السيناريوهات المحتملة
التصعيد الدبلوماسي: يشير اللواء أشرف المقرحي، عضو البرلمان، إلى أن إسرائيل قد تلجأ إلى تصعيد الموقف عبر الأمم المتحدة والولايات المتحدة، للضغط على مصر من أجل تفكيك منشآتها العسكرية في سيناء، لكنه يرى أن هذا الخيار سينتهي بالفشل، ولن ترضخ مصر، حيث إن تحركاتها في سيناء تم بناءً على ملحق اتفاق كامب ديفيد المتفق عليه بين الجانبين في عام 2021.
وأضاف المقرحي، أن الحل الأكثر ترجيحًا هو التسوية والتفاوض، بحيث يتم التوصل إلى تفاهم جديد بين الطرفين، يشمل إعادة النظر في بعض الترتيبات الأمنية دون المساس بالوجود العسكري المصري بشكل جذري
الوضع الحالي في سيناء يعكس مرحلة جديدة من التوتر بين مصر وإسرائيل، حيث تحاول تل أبيب فرض شروطها الأمنية على مصر، بينما تتمسك القاهرة بحقها في تأمين حدودها وحماية سيادتها، ويبقى السؤال الأهم: هل ستنجح الدبلوماسية في احتواء الأزمة، أم أن التصعيد قد يكون الطريق القادم بين الجانبين؟