شادي العدل يكتب: ليس كل العرب حلفائنا .. في الوقت الذي تشارك فيه قطر والإمارات في تدريبات عسكرية مشتركة مع إسرائيل على الأراضي اليونانية، وتتخذ السعودية موقفاً متخاذلاً من التصعيدات الإسرائيلية المتكررة، بينما يصمت معظم العرب، تقف مصر شامخةً كالطود الأشم، تدافع عن الحق الفلسطيني وتواجه المشروع الاسرائيلي بعقلانية وقوة. هذا المشهد يكشف حقيقةً مرة وهي، ليس كل من يتكلم العربية هو حليفٌ لقضايانا، وليس كل من يرفع شعارات الوحدة العربية يملك إرادة المواجهة.
فالمشاركة القطرية والإماراتية في تدريبات عسكرية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي ليست مجرد خطوة دبلوماسية عابرة، بل هي تطبيعٌ عسكري يكرس التبعية للأجندة الأمريكية-الإسرائيلية، الأكثر إيلاماً أن هذه التدريبات تأتي بينما تشن إسرائيل حرب إبادة على غزة، وتستمر في تهويد القدس، وتعتقل آلاف الفلسطينيين دون محاكمة، والسؤال الذي يفرض نفسه، أي “سلام” هذا الذي تبنيه هذه الدول مع محتلٍ يقتل الأطفال ويهدم المنازل؟
أما الموقف السعودي، فقد تحول من خطاب “المقاومة” الواهي إلى الانهيار العلني، فبعد أن كانت الرياض تتبنى خطاباً ظاهرياً داعماً للقضية الفلسطينية، ها هي تفتح أجواءها للطائرات الإسرائيلية، وتوسع تعاونها الأمني مع تل أبيب، بينما تغض الطرف عن جرائم الحرب في فلسطين، إن هذا ليس تخاذلاً فحسب، بل خيانةٌ للقضية التي طالما استخدمتها السعودية كورقة ضغط في سياساتها.
في المقابل، تظل مصر هي الدولة الناطقة بالعربية الوحيدة التي تقف بثبات في وجه المشروع الصهيوني، ليس بالشعارات، بل بالأفعال.
فبالرغم من الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، واصلت مصر تعزيز وجودها العسكري في سيناء، ورفضت أي مساس بسيادتها، وعندما طالبت إسرائيل بتفكيك المنشآت العسكرية المصرية، كان الرد المصري واضحاً سيناء أرض مصرية، والقرار المصري غير قابل للنقاش.
ومن جهة أخرى، وبينما تحاصر إسرائيل قطاع غزة، يظل المعبر المصري هو الشريان الوحيد لإدخال المساعدات الإنسانية، فمصر لم تغلق الباب حتى في أحلك الظروف، لأنها تدرك أن هذا ليس اختباراً سياسياً، بل مسؤولية إنسانية وأخلاقية.
وكذلك الدبلوماسية المصرية الصلبة، في كل المحافل الدولية، ترفع مصر صوتها دفاعاً عن الحق الفلسطيني، سواء في مجلس الأمن أو الجامعة العربية، الموقف المصري واضح، “لا سلام مع الاحتلال، ولا تفاوض دون حل عادل للقضية الفلسطينية”.
ونسأل أنفسنا لماذا تخون النخب العربية فلسطين؟ والإجابة مع الأسف واضحة وضوح الشمس، فالسبب بسيط وهو التبعية للغرب، فمعظم الأنظمة العربية اليوم ترى أن مصلحتها تكمن في التحالف مع الولايات المتحدة، التي تفرض التطبيع كشرطٍ للبقاء في السلطة، ولكن مصر، برغم كل الضغوط، ترفض أن تكون “حارساً لإسرائيل”، لأنها تدرك أن الأمن القومي المصري مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً بتحرير فلسطين.
إن التاريخ سيسجل أن مصر كانت وستظل القلب النابض للقضية الفلسطينية، بينما تحول الآخرون إلى أدوات في المشروع الاسرائيلي التوسعي، فاليوم أكثر من أي وقت مضى، يتضح أن ليس كل العرب حلفاء لنا، وأن المعركة الحقيقية ليست بين العرب وإسرائيل فقط، بل بين من يريدون المقاومة ومن باعوا القضية مقابل الدولارات.
فنحن دائما فخورين بالموقف المصري الذي يثبت أن القوة ليست في التطبيع، بل في الصمود، وأن الكرامة لا تُباع، بل تُنتزع، فإذا كان العرب قد تخاذلوا، فمصر باقيةٌ كالجبال، تحمل راية الحق وحدها، وتذكّر العالم أن فلسطين لن تموت.
اقرأ أيضا: محمد سعد عبد اللطيف يكتب: الريف المصري بين التحول والتفكك.. قراءة في نسيج يتجدد