في وادٍ خلاب بمنطقة كشمير المتنازع عليها، حيث تتدفق الجداول بين الجبال الخضراء، كانت رحلة سياحية عائلية هادئة تتحول فجأة إلى شرارة قد تشعل أول حرب نووية في القرن الحادي والعشرين. هذه ليست مقدمة لفيلم كوارث، بل واقع مروّع نعيشه اليوم بين الهند وباكستان.
بدأت الأزمة يوم 22 أبريل في وادي بيساران، عندما هاجم مسلحون يرتدون الزي العسكري مجموعة سياح هنود، مما أسفر عن مقتل 26 مدنياً بينهم أطفال ونساء. بينما أعلنت “جبهة المقاومة” الكشميرية مسؤوليتها، أصرت الهند على اتهام جماعة “لشكر طيبة” الباكستانية بدعم من إسلام أباد.
وكان رد فعل الهند أشبه بإعلان حرب غير معلن فقامت بتعليق معاهدة مياه نهر السند (1960) التي تنظم توزيع المياه بين البلدين، وطرد الدبلوماسيين الباكستانيين وإخلاء المواطنين خلال 48 ساعة، وإغلاق الحدود وإلغاء التأشيرات، هذه الإجراءات تمثل ضربة قاضية لباكستان التي تعتمد على مياه النهر بنسبة 90% لاحتياجاتها الزراعية، والمائية.
ولم تكتف باكستان برد الفعل، بل زادت الطين بلة بإغلاق المجال الجوي أمام الطيران الهندي، وتعليق اتفاقية شيملا للسلام، التي كانت تحظر التصعيد العسكري المباشر، واعتبار أي مساس بمياه النهر “إعلان حرب”.
اقرأ أيضًا: شادي العدل يكتب: ليس كل العرب حلفائنا
ويمتلك الطرفان مناصفة حوالي 330 رأساً نووياً، وصواريخ باليستية عابرة للقارات، وكذلك أنظمة إطلاق متطورة
المخاطر المترتبة على أي تهور نووي لا تقتصر على المنطقة، فاحتمال “الشتاء النووي” حينها كبيرة، وكذلك انهيار سلاسل التوريد العالمية، وأزمة لاجئين غير مسبوقة
والمفزع في الأزمة الحالية هو غياب أي وساطة دولية فاعلة، بينما تنشغل القوى الكبرى بأزماتها الداخلية، وكذلك وسائل الإعلام في كلا البلدين تزيد الأمر اشتعالاً بلغة تحريضية غير مسبوقة.
فالتصعيد الحالي يذكرنا بأزمة الصواريخ الكوبية ١٩٦٢، لكن مع فارق خطير، وهو كثافة سكانية أعلى “١.٥ مليار نسمة”، وعداء تاريخي أعمق، وأيضاً غياب قنوات اتصال واضحة
فنحن الآن أمام سيناريو “البيضة والحجر”، حيث لا منتصر في حرب نووية، فالعالم بحاجة لتحرك عاجل من الأمم المتحدة لعقد جلسة طارئة، ويجب على القوى النووية الكبرى الضغط على الطرفين للتهدئة.
وهنا السؤال الذي يطرح نفسه، هل نستحق كبشر أن نموت بسبب خلاف على وادٍ جبلي؟ التاريخ سيسجل أن جيلنا كان يعرف كل هذه المخاطر، ومع ذلك سمح للغضب الأعمى أن يقوده إلى الهاوية.