تصاعدت التوترات العالمية إثر إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إطلاق صاروخ جديد، أطلق عليه اسم “أوريشنيك” (شجرة البندق)، رداً على استخدام أوكرانيا لصواريخ أمريكية وبريطانية لضرب أهداف داخل روسيا.
الصاروخ، الذي وصفته موسكو بأنه غير قابل للاعتراض، أثار قلقاً دولياً خصوصاً لما يتمتع به من قدرات هجومية فائقة السرعة ومدمرة.
فكيف يبدو هذا السلاح الجديد؟ وما تداعيات استخدامه على المشهد الجيوسياسي؟
ما هو صاروخ “شجرة البندق”؟
“أوريشنيك” هو صاروخ باليستي متوسط المدى مصنف ضمن الأسلحة فرط الصوتية، ما يجعله قادراً على التحليق بسرعة تصل إلى 10 ماخ (حوالي 12,300 كيلومتر/ساعة).
يحمل الصاروخ رؤوساً حربية متعددة، ويتميز بقدرته على مهاجمة أهداف بسرعة تتراوح بين 2 و3 كيلومترات في الثانية، مما يجعل اعتراضه شبه مستحيل وفقاً لمحللين عسكريين.
وفقاً لبوتين، يمكن استخدام الصاروخ ضد أي دولة تقدم الدعم العسكري لأوكرانيا، وهو ما يُمثل تهديداً ضمنياً لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو) وحلفاء كييف.
قدرات “أوريشنيك” تثير القلق
أوضح خبراء عسكريون أن أخطر ما في “أوريشنيك” هو إمكانية تحميله برؤوس نووية، ما يمنحه قوة تدميرية هائلة.
وأشار توم كاراكو، مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى أن هذا النوع من الصواريخ يشكل تحدياً كبيراً لأنظمة الدفاع الجوي والصاروخي الحالية، قائلاً: “اعتراض هذا النوع من الصواريخ يكاد يكون مستحيلاً”.
كما أن قدرة الصاروخ على إطلاق رؤوس متعددة تزيد من صعوبة التصدي له، وهو ما يمثل تهديداً مزدوجاً لدول أوروبا وأوكرانيا على حد سواء.
الهجوم الأول للصاروخ
شهد يوم الخميس الماضي أول استخدام لصاروخ “أوريشنيك”، حيث استهدفت القوات الروسية مصنعاً للصواريخ في مدينة دنيبرو بوسط أوكرانيا.
هذا الهجوم جاء كرد مباشر على استخدام أوكرانيا صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، بحسب تصريحات بوتين.
في المقابل، أعلنت أوكرانيا أن الصاروخ الروسي الجديد قد يكون عابراً للقارات، وهو ما يعكس اختلافاً في التوصيفات بين الطرفين، لكن المؤكد أن “أوريشنيك” أضاف بُعداً جديداً للصراع.
تحذيرات بوتين
في خطابه المتلفز، وجه بوتين تحذيرات واضحة للغرب، قائلاً إن روسيا تحتفظ بحق الرد على أي استخدام للأسلحة الغربية ضدها.
وأضاف أن بلاده مستعدة للتصعيد إذا استمرت الأعمال العدوانية، مؤكداً أن حرب أوكرانيا بدأت تتحول إلى صراع عالمي.
تصريحات بوتين جاءت وسط مخاوف من أن تكون روسيا قد انتقلت من مرحلة الدفاع إلى الهجوم الاستراتيجي، مما يغير قواعد اللعبة في الحرب المستمرة منذ فبراير 2022.
موقف حلف الناتو
رداً على إعلان بوتين، شدد حلف الناتو على أن الصاروخ الجديد لن يغير مسار الحرب.
وأكد فرح دخل الله، المتحدث باسم الحلف، أن دعم أوكرانيا سيستمر، رغم محاولات روسيا ترويع المدنيين الأوكرانيين وترهيب داعميهم.
من جهة أخرى، دعت بعض الدول الأعضاء في الحلف إلى تقييم عاجل لقدرات الدفاع الجوي لمواجهة الصواريخ فرط الصوتية، تحسباً لتصعيد محتمل.
ماذا يعني استخدام “أوريشنيك”؟
استخدام روسيا لصواريخ متطورة مثل أوريشنيك يحمل دلالات متعددة:
تصعيد الرسائل العسكرية: يشير استخدام الصاروخ إلى أن موسكو مستعدة لاتخاذ خطوات تصعيدية إذا استمر الغرب في دعم أوكرانيا بأسلحة متقدمة.
اختبار للردع الغربي: قد يكون أوريشنيك جزءاً من استراتيجية تهدف لاختبار حدود الردع الغربي ومدى استعداده للتصعيد في مواجهة القدرات الروسية.
تعقيد المفاوضات: مع دخول أسلحة جديدة إلى ساحة الحرب، قد يصبح التوصل إلى تسوية سياسية أكثر تعقيداً.
يرى المحللون أن دخول “أوريشنيك” إلى المعركة قد يفتح الباب أمام سباق تسلح جديد، خصوصاً أن تطوير أسلحة فرط صوتية أصبح أولوية كبرى لدى العديد من الدول الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة.
كما أن تهديد روسيا باستخدام الصاروخ ضد الدول الحليفة لأوكرانيا يضع أوروبا في موقف حرج، حيث قد تتزايد المخاوف من امتداد النزاع إلى أراضيها.