في غزة نفسها هناك من سيشجعون منتخب مصر في كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم ، فالحياة تستمر رغم كل الوجع والحزن والدمار ، ومحبة الشعوب لا تموت عند موقف متخاذل من فرد أو سلطة.
لقد رأينا جميعا أحد المراسلين الفلسطينيين داخل غزة يتابع مباراة للأهلي وفيوتشر في نهائي كأس السوبر المصري وهو االصحفي الفلسطيني أنس النجار ، وزميله يطالبه بالخروج وترك المباراة لكي يظهر على الهواء ، وعندما أخبره أنس أن يتركه قليلا لأنه يشاهد مباراة للأهلي المصري فقال له زميلة ” معك حق الأهلي المصري صحابنا “.
جملة ” الأهلي المصري صحابنا ” من شاب غزاوي في ظل هذه المأساة تلخص كل مشاعر الحب والود بيننا وبين إخواننا في غزة .
انتشرت في مصر عبارات ساخرة من ” اللي ما لهمش فيها ” تتهكم على تشجيع منتخب مصر ، كثيرون كتبوا أنهم سيشجعون منتخبات أخرى ولن يشجعوا منتخب بلادهم ، شخصيا كتبت ساخرا ” كلنا هنشجع جنوب إفريقيا ” وذلك تقديرا لما تقوم به الدولة الإفريقية العظيمة دعما لغزة ضد إسرائيل مع بدء جلسات محكمة العدل الدولية في نظر قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل مع استمرار الحرب على غزة.
في الحقيقة لا يمكن ألا أشجع منتخب مصر ، وسوف انتظر مباريات منتخبنا وأرتب لمتابعتها فأنا أعشق وطني ولا يمكن أن أفقد انتمائي له مهما فعلت فينا كل السلطات ومهما خذلنا بعض اللاعبين أو المدربين الذين يعملون في هذا المنتخب.
سأصرخ فرحا عندما نسجل هدفا وسأحزن كثيرا إذا خسرنا أي مباراة، حزين وغاضب من موقف محمد صلاح تجاه أهلنا في غزة ، صلاح فقد كل تقديري له كإنسان، كان يمثل نموذجا وقدوة للكثير من الشباب لأنه اختار بنفسه الا يستمر هذا النموذج عندما خذل أهل غزة وسجل فيديو باهت كما نسميه في مصر ” برو عتب ” وبعدها لم يسجل ولم يرفع علما أو يقول عبارة تضامن واحدة أهم من ملايين الدولارات ، كدت أكتب مقالا بعنوان ” صلاح لن يسجل ” اقصد فيه أنه ربما يسجل الأهداف لكنه لن يسجل المزيد من حب الناس الذي تراجع كثيرا لأننا كنا نضعه في مكانة الأيقونات التاريخية لكنه أبى أن يستمر لنضعه في خانة ” لاعب كرة قدم استثنائي ” ونقطة.
رغم كل هذا فصلاح ليس مصر كما أن السلطة والحكومة ليست مصر وهو الأمر الذي اردده في كل المناسبات منذ سنوات لكي لا يكره الشباب بلادهم بسبب ظلم أو تخاذل أو قهر أو فساد في أي جهة أو كيان .
الفرق كبير بين السلطة والوطن ، فالسلطة مهما استمرت جاثمة على صدورنا فهي زائلة أما الوطن والهوية باقية . لنا أن نغضب ونعاتب بل ونلعن كل فاسد أو متخاذل ربما ننجح في تغيير ما به وبنا لكن ” لا تزر وازرة وزر أخرى “.
منتخب مصر لا يلعب به محمد صلاح وحده ، هل تذكرون محمد النني ، وأحمد حسن كوكا ، ولاعبي الزمالك والأهلي وغيرهم ممن رفعوا اعلام فلسطين وأشاروا بإشارة النصر ووقفوا وقفة ” حنظلة ” الشهيرة تضامنا مع غزة وأهلها ؟
كيف أترك كل هؤلاء بمواقفهم المحترمة وأذهب فقط الى موقف محمد صلاح أو مواقف السلطة وأكره منتخبنا الوطني ولا أشجع منتخب مصر .. ” بلادي وإن جارت على عزيزة .. وأهلي وإن ضنوا على كرام ” . واثق تماما من أن كثيرين يقولون إنهم لن يشجعوا مصر ومع ذلك سوف تجدهم جميعا يشجعون منتخبهم ، ولا مانع ابدا من تشجيع منتخب جنوب إفريقيا أيضا ، وهو ما سأفعله إن شاء الله عندما يخوض أول مباراة له يوم الثلاثاء أمام مالي .
عامر الوكيل
الرابط المختصر https://alhorianews.com/37fm