عز الدين الهواري يكتب: رمضان وسعد وعمرو هباب.. نجوم على منصة التفاهة والتخريب القيمي… من المسؤول؟” .. في خضم ما نعيشه اليوم من اضطراب أخلاقي وانهيار في منظومة القيم، تبرز ظاهرة مُقلقة يجب أن يتوقف أمامها كل عاقل، وكل مسؤول عن تربية، وكل حامل لهمّ هذا الوطن وأجياله القادمة: ظاهرة النجوم الذين يتصدرون المشهد الفني والإعلامي لا بموهبتهم، بل بإثارتهم للجدل وتطبيعهم مع الانحراف والانحدار، وغياب الذوق والرجولة والمعايير الأخلاقية التي كانت يومًا ما حجر الزاوية في الشخصية المصرية والعربية.
من محمد رمضان الذي ظهر مؤخرًا في إحدى الحفلات العالمية في أمريكا مرتديًا ما يشبه “بدلة رقص نسائية”، وسط طقوس واستعراضات أقرب إلى المسرحيات الماسونية منها إلى الفن، إلى أحمد سعد الذي لا تمر عليه مناسبة إلا ويظهر فيها بملابس “غريبة”، تفتقر لأبسط معايير الرجولة الشرقية، وليس انتهاءً بـ عمرو هباب الذي أصبح فنه وإطلالاته نسخة باهتة من بريق قديم، يفرض شروط اللباس على جمهوره كأنهم جزء من عرض أزياء خالٍ من المعنى.
هذه التصرفات ليست فردية، وليست لحظات شاذة يمكن تجاوزها؛ بل أصبحت نمطًا عامًا يُعاد إنتاجه مرارًا أمام أعين الأهل والشباب، في قنوات الإعلام، وعلى منصات التواصل، حتى باتت القدوة مقلوبة، والقبح مستحبًا، والتفاهة مبررة باسم “الحرية الفنية”.
لكن السؤال الذي لا مفر منه: من المسؤول الحقيقي عن كل هذا الانحدار؟
الجواب المؤلم: نحن.
نحن من منحناهم الشهرة، ونحن من صنعنا لهم مجدًا من فراغ، ونحن من صمتنا على كل تجاوزاتهم، بل واحتفينا بها أحيانًا. نحن من قبلنا أن نُحكم بثقافة “التريند”، وأن نقيس النجاح بعدد المشاهدات لا بجودة الرسالة، وسمحنا بأن يتحول الفن من أداة للارتقاء إلى وسيلة للهدم والانسلاخ من الهوية والقيم.
وهنا تبرز مسؤولية أكثر خطورة: شركات الدعاية، والمنصات الإعلامية، وقنوات نشر الرذيلة، التي لم تكتفِ بالترويج لهؤلاء، بل جعلت منهم “نجوم الإعلانات” و”وجوه البرامج” وممثلين لعلامات تجارية كبرى، وكأنهم النموذج الذي يجب أن يُحتذى. هذا ليس مجرد دعم فني، بل هو تحالف واضح بين رأس المال والإعلام لصناعة رموز التخريب والتفاهة، وفرضهم على الناس وكأنهم أبطال المرحلة.
هذا يفضح – بجلاء – من هم قادة التخريب الممنهج لقيم المجتمع. فحين ترى من يروّج للفساد يُكافأ بظهوره على الشاشات، وتُفتح له أبواب الملايين من أموال الإعلانات، وتُعرض صوره في الشوارع، تدرك أن هناك منظومة كاملة تسعى لهدم الوعي، وتفريغ الهوية من مضمونها.
كيف لا نقاطع هذه الشركات؟ كيف لا نقف ضد قنوات الفساد التي تفرض علينا هؤلاء الشواذ أخلاقيًا؟ كيف نقبل أن نُساق إلى نموذج قدوة هو في حقيقته نذير خراب، ومثال واضح على الانحراف السلوكي والخلقي والثقافي؟
لقد نُكبت المجتمعات حين تخلّت عن المعايير، وسمحت للمال والضوضاء أن تحل محلّ الأخلاق والوعي. وكلما صعد هؤلاء النجوم في سماء التفاهة، نزلنا نحن إلى قاع الغفلة واللامبالاة.
وهنا لا بد من وقفة. لا بد من أن يقول المجتمع كلمته.
أن يُقال لهذه النماذج: لستم قدوة، ولن تكونوا.
أن تُسحب شرعية “الجمهور” منهم حين يُظهر الناس وعيهم ورفضهم علنًا.
أن يعود الفن إلى حقيقته: رسالة، لا فضيحة؛ بناء، لا هدم.
الوقت ليس في صالحنا. فكل يوم يُمرر فيه هذا العبث، تتشكل فيه عقلية طفل، وتُطمس فيه فطرة مراهق، وتتحلل فيه القيم عند أسرة كاملة.
المعركة القادمة ليست فقط سياسية أو اقتصادية، بل قيمية وثقافية أولًا. فإما أن نستعيد وعينا ونُربي أجيالًا تعرف الرجولة والكرامة والجمال الحقيقي، أو نُسلّم أولادنا لنجوم هدموا كل شيء باسم النجاح.
المال ليس نجاحًا، والشهرة لا تبرر الانحطاط.
والأمة التي تُعلي من قيمة مهرج على حساب مُفكر، أو تفتح شاشاتها لراقص أكثر مما تفعل لعالم أو شاعر، أمة مهددة لا بالانقراض، بل بالذوبان.
فيا جمهور محمد رمضان وأمثاله، تذكروا دائمًا: أنتم السبب في صعودهم، فكونوا أيضًا السبب في سقوطهم.
نرشح لك: سامح حسين يوضح تصريحاته حول الإجازات: “لم أطالب بإلغائها”