تتجه أنظار العالم غدًا إلى مدينة العريش بشمال سيناء، التي تشهد زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ضمن زيارته الرسمية إلى مصر، في توقيت بالغ الحساسية، يحمل أبعادًا سياسية وإنسانية كبرى تتعلق بالأزمة الفلسطينية، ودور مصر المحوري في دعم غزة.
استعدادات مكثفة وتحضيرات ميدانية
بدأت مدينة العريش استعداداتها منذ أيام، حيث شهدت شوارعها الرئيسية حالة من النشاط اللافت، تمثلت في رفع أعلام مصر وفرنسا، وتزيين أعمدة الإنارة بلافتات ترحيبية، إلى جانب أعمال التجميل التي نفذتها فرق فنية من مجلس المدينة ومحافظة شمال سيناء وشركة الكهرباء، لإظهار العريش في أبهى صورها.
وشاركت مؤسسات المجتمع المدني وعدد من الأحزاب السياسية في التحضيرات، عبر لافتات ترحب بالرئيس الفرنسي وتؤكد الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين، أبرزها شعار: “لا للتهجير”.
وفد رفيع ومواقف دولية مرتقبة
وبحسب بيان صادر عن قصر الإليزيه، يرأس ماكرون وفدًا فرنسيًا رفيع المستوى يضم وزراء الخارجية، والدفاع، والاقتصاد، والصحة، والبحث العلمي، والنقل.
ومن المنتظر أن يزور الرئيس الفرنسي ميناء العريش، حيث سيلتقي طواقم من منظمات غير حكومية فرنسية وأممية، بالإضافة إلى ممثلين عن الهلال الأحمر المصري.
كما قد يشمل جدول الزيارة لقاء عناصر من بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الحدود في رفح، إلى جانب فلسطينيين مصابين يتلقون العلاج في مستشفيات مصرية، في تأكيد على البُعد الإنساني للزيارة.
دعم إنساني ورسائل سياسية من العريش
من أبرز محطات الزيارة، تفقد مخازن الهلال الأحمر المصري التي تضم آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية المتجهة إلى قطاع غزة، وزيارة مستشفى العريش العام، حيث يتلقى جرحى فلسطينيون العلاج وسط رعاية طبية متكاملة.
وفي تصريحات نشرها على منصة “X”، قال اللواء الدكتور خالد مجاور، محافظ شمال سيناء: “عندما يعلن الإليزيه أن ماكرون سيطالب من مصر بوقف إطلاق النار وبدء الإعمار، فأقول: تحيا مصر بقوة إرادتها ودورها الإقليمي.. تحيا مصر”.
وأشار المحافظ، إلى أن الزيارة الفرنسية تمثل رسالة تضامن دولي مع جهود مصر المستمرة في دعم الشعب الفلسطيني، وتأكيد على مركزية مدينة العريش كمنصة إنسانية إقليمية.
جولة تفقدية ودعم حكومي
ضمن الاستعدادات، استقبل محافظ شمال سيناء أول أمس، الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة والسكان، حيث رافقه في جولة ميدانية بمستشفى العريش العام، لتفقد تجهيزات استقبال الوفد الفرنسي، وزيارة المرضى الفلسطينيين، في مشهد يعكس عمق الروابط بين الشعبين المصري والفلسطيني.
السادات يرفع العلم.. أول رئيس يزور العريش بعد التحرير
تُعد زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات للعريش في مايو 1979 لحظة فارقة في تاريخ المدينة، حيث جاء برفقة نائبه حينها حسني مبارك ووزير الدفاع كمال حسن علي ليرفع العلم المصري على أراضي العريش المحررة بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي.
حملت هذه الزيارة طابعًا رمزيًا وسياسيًا عميقًا، كونها أول زيارة رئاسية بعد عودة المدينة للسيادة المصرية ضمن اتفاقية كامب ديفيد.
مبارك في العريش.. التنمية والتواصل مع الحدود
استكمل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الزيارات الرئاسية بزيارة قرية سما العريش في مايو 1991، حيث تفقد مشروعات تنموية ضمن خطة تطوير سيناء.
كما قام في يوليو 1994 بتوديع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات من منفذ رفح البري، في أول عبور رسمي للسلطة الفلسطينية إلى غزة بعد توقيع اتفاق أوسلو، وهو ما منح العريش بُعدًا إقليميًا جديدًا.