أثار، قبل أيام، شيخ الشافعية في مصر العالم الأزهري المعروف “عبد العزيز الشهاوي” جدلاً واسعًا، باستخدامه صيغة غامضة للصلاة على النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، بإحدى الساحات تُعرف بـ”الصلاة المُطلسمة”، وهي منسوبة للعارف بالله إبراهيم الدسوقي: نصُّها: “اللهم صلِّ على الذات المطلسم، والغيث المطمطم، والجمال المتمم، لاهوت الجمال، وناسوت الوصال، طالعة الحق، كنز عين الإنسان الأزلى فى نشر ما لم يزل فى قاب ناسوت الأقرب إلى طريق الحق، وصلّ اللهم به فيه منه عليه، يا عظيم أنت العظيم، قد أهمنى أمر عظيم، وكل أمر يهون بأمرك يا عظيم والسلام عليك يا أشرف المرسلين، أنت نهاء لكل كرب، ففرجها بفضل: بسم الله الرحمن الرحيم.
“الشهاوي” أعقب تلك الصلاة بذكر مآثرها ومناقبها وفضلها ودورها في التعجيل باستجابة الدعاء وفك الكرب وزوال الهم والضيق.
وعلى إثر ذلك تعرض الرجل المعروف باتجاهاته الصوفية لموجة عنيفة من الهجوم والتقريع عبر شبكات التواصل الاجتماعي، واتهمه مهاجموه بالابتداع في الدين.
أبوشادي: لـ “شيخ الشافعية” هل تلقيت الوحي بعد رسول الله؟
ومن بين التعليقات الغاضبة على صنيع “الشهاوي”، ما كتبه الدكتور إبراهيم أبوشادي عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وننقله بتصرف شديد؛ بسبب كلماته الحادة وألفاظه العنيفة: سمعتُ مقطعًا للشيخ الصوفي عبدالعزيز الشهاوي الذي يطلقون عليه: “شيخ الشافعية في مصر”، وهو يقرأ صلاة عجيبة غريبة أطلق عليها “الصلاة المُطلسمة”، وذكر الرجل أنها مَروية عن سيده إبراهيم الدسوقي وأن الأخير قال عنها إنها بسبعين ألف صلاة، كما ذكر أنها وافقت صلاة لسيده الإمام الأكبر محيي الدين بن عربي، وقال أيضًا إن سيده محمدًا البهىَّ تلقاها لقضاء الحوائج مع زيادة وذكر الزيادة، وقال وإذا قرأ الفاتحة كان أسرع للإجابة”.
ونوَّه “أبو شادي” إلى أن تلك الصلاة تضمنت ألفاظًا بعيدة تمامًا عن الروح الإسلامية الخالصة مثل: “الناسوت”، “اللاهوت”، “رحموت”، “رهبوت” وغيرها، ولا يكررها سوى غلاة الصوفية مثل “الحلاج”، مضيفًا: أن المعاني التي وردت في تلك الصلاة “المطلسمة” بها كلمات هي أقرب للديانة المسيحية.
واعتبر أبو شادي “أن الصلاة المذكورة بسبعين ألف صلاة” تجاوزًا صارخًا وخروجًا عن صحيح الإسلام وثوابته، متسائلاً هل هذه الصلاة المطلسمة أفضل من الصلاة الإبراهيمية التي علَّمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونرددها كل صلاة؟.
وسخر “أبو شادي” من تأكيد “الشهاوي” على أن الصلاة المطلسمة تُقضى بها الحوائج، مستنكرًا: هل تلقيت الوحي بعد رسول الله وأخبرك بذلك؟!
صلاة الفاتح.. إحدى الصيغ المفضلة لـ”علي جمعة”
ومن بين الصيغ المنتشرة أيضًا في الصلاة على النبي الكريم صيغة تسمى “صلاة الفاتح”، تقول كلماتها: “اللهم صل على سيدنا محمد، الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، والهادي إلى صراطك المستقيم، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم، صلاة تفتح لنا بها أبواب الرضا والتيسير، وتغلق عنا بها أبواب الشر والتعسير، وتكون لنا بها مولى ونصير يانعم المولى ويا نعم النصير في كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علم الله”.
وشيخ الطريقة الصديقية والمفتي السابق وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور علي جمعة يستحسن هذه الصلاة ويثني عليها، مؤكدًا أن النبي صلى الله عليه وسلم هو سبب انفتاح القلوب الضارعة لرب العالمين، لأنه علمنا الذكر والتقوى والتخلي عن كل قبيح.
كما ورد في تلك الصلاة من جانب منسوبي الطريقة الصوفية الفضل الكبير، مثل: أن قراءتها تعادل قراءة القرآن الكريم ست مرات، وأن المرة الواحدة منها تعادل من كل تسبيح وقع في الكون ومن كل ذكر ومن كل دعاء كبيرًا وصغيرًا!!
“أهل الاختصاص”: هذه الصلاة ليست لها أصل في الشرع
في المقابل، أكد عدد من أهل العلم والاختصاص أن تلك الصلاة ليس لها أصل في الشرع، ولم يُرو عنها شيء في دواوين السُّنة الصحاح، ولم يُعرف عن أحد من الصحابة أو الأئمة المتبوعين ترديدها، وقد أنكرها علماء السنة فلا يجوز للمسلم التعبد بها ونشرها وترغيب الناس فيها والدعاية لها، بل يجب عليه أن يعتقد أنها باطلة، ويسعى في إنكارها، ويتبرأ من فعلها، ويتقرب إلى الله بنشر الصلوات الإبراهيمية الصحيحة والأدعية الثابتة الواردة في الكتب السنة ومُصنفات العلماء المُعتبرين في الأذكار والأدعية، ويجب عليه أن يعتقد أنه لا شيء من الذكر يعدل في الثواب والفضل كلام الله، كما أجمع العلماء على ذلك، هذا إذا كان الذكر صحيحًا، لا مخالفة فيه، فكيف بالذكر الباطل الذي لم يرد في الشرع؟!
صلاة جوهرة الكمال في مدح سيد الرجال
ومن الصلوات الغامضة على النبي الكريم المنسوبة إلى إحدى الطرق الصوفية صلاة تُعرف بـ”جوهرة الكمال في مدح سيد الرجال” التي تقول بعض كلماتها “اللهم صل وسلم على عين الرحمة الربانية، والياقوتة المتحققة، الحائطة بمركز المفهوم والمعاني، ونور الأكوان المتكونة، الآدمي صاحب الحق الرباني، البرق الأسطع بمزون الأرباح المالئة لكل متعرض من البحور والأواني، ونورك اللامع الذي ملأت به كونك الحائط بأمكنة المكاني، اللهم صل وسلم على عين الحق التي تتجلى منها عروش الحقائق، عين المعارف الأقوم التام الأسقم، اللهم صل على طلعة الحق بالحق الكنز الأعظم، أفاضتك منك إليك إحاطة النور المطلسم، صل عليه وعلى آله صلاة تعرفنا بها إياه”.
وتزعم تلك الطريقة أن صاحبها تلقى هذه الصلاة مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم، وورد في “جواهر المعاني” وغيره من أن هذه الصلاة إذا قرأها الواحد من أهل هذه الطريقة منفردًا أو في جماعة، كما هو الشأن في الوظيفة سبع مرات، يحضره النبي صلى الله عليه و سلم، ويستمر حضوره معه هو والخلفاء الأربعة رضي الله عنهم ما دام يذكرها إلى أن يفرغ منها، وأنها خير من قراءة القرآن الكريم ستة آلاف مرة.
وفي ذلك غلو شديد ومبالغة لا تُطاق وادعاء لا يُحتمل!!
“إسلام ويب”: هذه الصيغة بدعة
وتعقيبًا على هذه الصلاة..ذكر موقع “إسلام ويب” ردًا على سؤال أحد السائلين عن مدى مشروعيتها قائلاً: هذه الصيغة لا أصل لها، وهي من بدع بعض طوائف الصوفية، ويجب على السائل ترك هذه البدعة ونصح من يتعاطونها وأن يستبدلوها بتلاوة القرآن الكريم وبذكر الله تهليلاً وتكبيرًا وتسبيحًا وتحميدًا، وبالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ورد أنه علَّمه أصحابه لمَّا سألوه فقالوا: “يا رسول الله.. قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. “متفق عليه”.
وجاء في الرد: “زعموا أن قراءة صلاة الفاتح خير من قراءة القرآن ستة آلاف مرة، ومعلوم أن من سوَّى بين كلام الله وكلام غيره فقد كفر، فكيف بمن فضله على القرآن؟! بل كيف بمن فضله بستة آلاف مرة؟
وأما صلاة جوهرة الكمال فهي قولهم: “اللهم صلِّ على عين الرحمة الربانية والياقوتة المتحققة..إلخ، وهي الصيغة التي يجمع أهل العلم على تحريمها وتأثيمها!
أفضل صيغة للصلاة على النبي
وردت دار الإفتاء المصرية على سؤال عن أفضل صيغة للصلاة على النبي الكريم، حيث قالت: الصلاة على رسول الله صل الله عليه وآله سلم، بركة في عمر الانسان ولها فضل عظيم، وكثير من الناس يهملها ولا يتلفت لفضلها، مع أن النبي صل الله عليه وسلم قال لسيدنا أبي عندما ذكر له اجعل لك صلاتي، كلها قال إذا تكفى همك ويغفر الله لك ذنبك لكثرة صلاتك على سيدنا رسول الله».
وحول أفضل صيغة للصلاة على النبي صل الله عليه وسلم، قال أمين الفتوى، إنَّها الصيغة الإبراهيمية التي نقولها في التشهد «أو أي صيغة تجري على لسانك المهم أن نداوم على هذا الفعل» بحسب تعبيره.