|قُبلَة في الهواء|
تمامَ امتلائيَ بالحُبِّ
-دونَ طبولٍ تُدَوِّي، ودونَ احتراقِكَ، دونَ انفلاتِ دُخاني،
فَقَطْ نُسرِجُ اللَّيلَ بالضِّحكةِ المُنتقاةِ،
ونبكي كهذا البكاءِ الَّذي لا يُبَرَّرُ-
أمنحُ نفسي كما يمنحُ النَّهرُ نفسَهْ…
مَن الظِّلُّ حينَ نكونُ معًا يا حبيبي؟
أنا الآنَ أكثرُ منكَ افتِتانًا بضوئي
وأقدَرُ مِنكَ امتزاجًا بليلي
تَمَهَّلتُ حتَّى عَلَتْ فوقَ كفَّيكَ أشجارُ وَردِي
وعَرَّشَ كَرْمِي الشَّهيُّ على ساعديكْ
وخَمَّرَ حبَّاتِهِ في عروقِ يَدَيكْ
لتصفوَ -كالنَّبعِ- رُوحُكَ؛ أهوي إليكْ.
مَن الظِّلُّ حينَ نكونُ معًا يا حبيبي؟!
أُقَبِّلُ خَدَّكَ؛ لا شكَّ قد جَرَّحَتْهُ يدٌ
ثُمَّ عينَكَ، حلوًا ومُرًّا رأتْ
وأُدَاوِيكَ مِن زَمَنٍ كالَّذي نحنُ فيهِ،
وأَحرُسُ قلبَكَ مِن غولِ أقدارِنا..
وأقولُ لنفسي:
“هو الآنَ أهدأُ مِن قطَّةٍ بينَ كفَّيكِ،
عرِّيهِ مِن شَبَقٍ جاهلٍ، واسأليهِ:
بجسميَ كم شَامَةً صِرتَ تُحصِي؟
وكيفَ هو الليلُ أدفأُ مِن قُبلَةٍ في الهواءِ؟”
تَعَالَ حبيبي…
ستبلعُ أسماؤنا نفسَها
ثُمَّ نعلو قليلًا عن الأرضِ، تَسحَبُ فستانَها،
ثُمَّ نَغرَقُ في زَبَدٍ لامعٍ
يَتَلَألَأُ كالشَّمعِ حولَ سريري..
تَعَالَ حبيبي…
سنغسِلُ عنَّا مَراراتِنا
ونُهَيِّئُ مَضجَعَنا بالخُزَامَى
سنمنحُ للضَّوءِ وقتًا ليصنعَ بَلُّورةً حولنا
ثُمَّ للنَّارِ وقتًا لتعصفَ هبَّاتُها،
ثُمَّ مِن فَورِها تَتَوَقَّدُ في جِلدِنا وتَفُورُ.
إِذَنْ….
تَعرَقُ الرُّوحُ، ينمو على الجسدينِ ندًى وزهورُ..
أُحِبُّكَ لا مُوقِنًا كيفَ أنِّي أُحِبُّكَ..
كالرَّملِ في ساعةِ الرَّملِ رَهنًا لوقتي.
أَحِلُّ بعينيكَ توَّاقتينِ وخائفتينِ، وأفتحُ بابَ خروجي..
معي، أنتَ أحلى شرودًا وشكًّا.
يدغدغُ حِسِّي التباسُكَ بي
ويثيرُ رُخامي
ويصهرُ ثوبَ ثلوجي.
بلطفٍ…
بإيقاعِ شالِ حريرٍ يهفهِفُ فوقَ انحناءاتِ ظهري
برِقَّةِ ريحٍ تُدَلِّلُ خُصلاتِ شَعري
بلطفٍ…
كأنْ ثَمَّ شيءٌ سيكسِرُهُ الحِضنُ لو يتجبَّرُ
شيءٌ يذوبُ على مهلِهِ، ثُمَّ يَنصَبُّ مِن كأسِهِ،
ثُمَّ يجري
أُريدُكَ.
والآنَ أو قبلَهُ، وهنا أو هناكَ؛
كأنْ كانَ وقتٌ تبخَّرَ مِنّي
وأَمكِنَةٌ غيَّرتْ شكلَها في عيوني.
أراهنُ عينيكَ أنْ تتركا فِتنَتي وتناما.
لجسمينِ يرتعشانِ هوًى، أنْ يصيرا قريبينِ،
ألَّا يبيتا وحيدينِ في مَخدَعِ الليلِ،
جسمينِ مِن رغبةٍ وبخارٍ!
كمَن كانَ يخرجُ مِن ذاتِهِ يعريانِ…
ونحنُ نمارسُ هذا التَّبدُّدَ
ماذا يصيرُ بنا يا حبيبي؟!
لأجلي
لدفقةِ سُكْرٍ تطيرُ فَراشًا على حقلِ جلدي
لدوَّامةٍ تتخلَّقُ مِنّا، تدورُ بِنَا
ولأجلِكَ أنتَ،
أنا،
وكلينا،
ووحدي:
أَتِمُّ هوًى وأسًى وجمالًا
ومِن قُبلَةٍ في الهواءِ
أُهاديكَ خَدِّي.