لا يخفى على أحد ما يجري حاليا في قطاع غزة من عربدة الاحتلال الإسرائيلي الغاشم في الأراضي الفلسطينية وبطشه بالفلسطينيين هناك، وسط استشهاد آلاف الفلسطينيين وتدمير شبه تام للقطاع من مرافق ومباني خدمية ومنازل.
يأتي ذلك وسط حشد لجيش الاحتلال بالأسلحة الأمريكية الحديثة والمتطورة،على الحدود المصرية الفلسطينية، الأمر الذي يتطلب يقظة واستعدادا كبيرا من قبل القوات المسلحة المصرية لحفظ الأمن وتأمين الحدود، وهو أمر لم يختلف عليه حتى أقصى المعارضة المصرية.
ونرى ونسمع أيضا ما يحدث على الحدود الغربية مع الشقيقة ليبيا، ما يتطلب أيضا يقظة واستعدادا وعتادا لحفظ الأمن على تلك البجهة الطويلة من الحدود المصرية، ضد أي محاولة من التنظيمات المتطرفة للاعتداء على السيادة المصرية.
وفي الجنوب الأمر أسوأ حالا مما هو عليه في الشرق والغرب، فالسودان الذي دخل نفقا مظلما واشتعل فيه القتال على أشده بين قوات الجيش والمليشيات الخارجة من الدعم السريع، يلقي بظلاله على مصر والحدود المصرية، مما يستوجب أيضا يقظا واستعدادا من قبل القوات المسلحة المصرية.
ولعل ما يحدث حاليا على الجبهات لم يكن مفاجئا للقيادة المصرية، حيث سابقت الزمن في الاستعداد واليقظة والتطوير والتسليح، الذي وإن كنا اختلفنا على نفقاته سابقا إلا أننا الآن أدركنا واتفقنا على مدى أهميته وقيمته في ظل تلك الجبهات الملتهبة.
وسط هذه الأحداث والمخاطر التي لم نتطرق فيها إلى حماية ترسيم الحدود البحرية، أو الملاحة في البحر الأحمر التي تستوجب أيضا استعدادا كبيرا، نجد من يتحدث عن عدم أهمية تسليح الجيش المصري، والتشكيك في مدى جدوى الإنفاق على هذا التطوير، مما يستوجب التعجب لهذا الطرح.
تلك الأصوات نادت بعدم أهمية تسليح الجيش المصري وكأنه غير مطلوب، أو عميت أعينهم عن المخاطر المحيطة، والإبادات التي نراه يوميا، وكأن تلك الأصوات تنادي بترك البلاد بلا حارس أمين.
ولعل أبرز الشواهد على تلك الأصوات التحقيق الركيك والضعيف الذي لم يخل من حالة عداء ومنطلقات حقد دفين على الجيش المصري وتطويره لقدراته العسكرية، الذي وجهت الأستاذة رشا قنديل برعاية الأستاذ حافظ الميرازي ابن ذات المدرسة، فيه سهام غل وحقد لا نقد لتطوير الجيش لقدراته بحجة الكلفة البالغة لهذا التطوير وكأن المطلوب هو إبقاء هذا الجيش ضعيف ومقزم، واستندت في تحقيقها إلى مصادر معظمها لضباط من جيش العدو الصهيوني وإلى تقارير لمنظمة سيناء لصاحبها مسعد أبو فجر الذي لا يمكن أبدا اعتباره معارض سياسي وكل من يعرف مسعد أبو فجر يعلم درجة عدائه لمصر وجيشها لا مجرد خلاف ومعارضة لنظام حكم، ومعلوم عن مسعد هيامه وغرامه بإسرائيل لدرجة العمالة!.
تغاضت الأستاذة رشا طوال التحقيق عن إشارة واحدة لحجم انتشار الجيش في سيناء ونجاحه في القضاء على المجموعات الإرهابية بل أشارت بحالة لا تخفي شماتتها في نجاح المجرم هشام العشماوي في تفجير قاعدة أنشاص الذي تستخدمه القوات المسلحةفي تشويين الأسلحة، ومارست دورًا تدليسيًا في الإشارة إلى انتشار جيش العدو على حدود مصر دون الإشارة إلى كسر الجيش المصري لبنود كامب ديفيد وأن انتشار هذا الجيش في سيناء ورفض الدولة المصرية القاطع لسيناريو التهجير هو ما يوقف إقدام العدو على تنفيذه حتى الآن، وتشكك في قدرة الجيش على منع تنفيذ السيناريو رغم ترسانته العسكرية المبالغ فيها حسب توصيفها، وبدموع تماسيح مدرسة البي بي سي تدين حجم الإنفاق العسكري على تطوير القدرات العسكرية بحجة أننا لن نحارب متجاهلة أن معظم تلك الصفقات العسكرية قد مولتها دول عربية في ظروف ما ولدوافع لم تحققها مصر ولم تشارك فيها لكنها استفادت بالتسليح، وبطرح الأستاذة فعلينا إذا أن نفكك هذا الجيش وأن نبيع ترسانته العسكرية خردة، ربما ترضى هي وأستاذها حافظ الميرازي ومؤسسة البي بي سي التي لا يخفى على أحد أنها تمول من جهاز Ml6 البريطاني.
ولعلنا نشير إلى أنه من حق رشا قنديل أن تعارض السلطة في مصر التي نختلف أيضا معها في كثير من الملفات، لكن عليها وهي تمارس التنظير والتأطير أن لا تعتقد بسذاجتنا لنتماهى مع طرحها في الهجوم على الجيش الوحيد المتبقي في الوطن العربي، وعليها أن تدرك أن اعتقادها بضرورة تفكيكه ورفض التجنيد الإجباري وتعيين مدني على رأس قيادته مجرد طرح لا يخل من سم طالما دسته البي بي بي سي والنشطاء الذين يقتاتون على فوائض تمويلات المنظمات المرتبطة والممولة من أجهزة استخبارات غربية.