يتساءل كثير من الناس عن حكم من باع ذهب زوجته قبل الطلاق، وهل يحق للرجل التصرف فيه دون رضاها، لا سيما في ظل تكرار حالات الخلاف الزوجي التي تصل إلى الطلاق بعد بيع الذهب أو التصرف فيه، وتُعد هذه المسألة من القضايا التي يكثر فيها النزاع، خاصة عندما يعتبر الزوج أن الذهب من حقه، في حين ترى الزوجة أنه ملكٌ خالصٌ لها.
وفي هذا التقرير نرصد الرأي الشرعي المعتمد من دار الإفتاء المصرية، وفتاوى العلماء على موقع إسلام ويب، لتوضيح الحكم التفصيلي لتصرف الزوج في ذهب زوجته قبل الطلاق.
الذهب المقدم للزوجة مهر أم هدية؟
وأكدت دار الإفتاء المصرية أن الذهب الذي يقدمه الزوج لزوجته عند الزواج، سواء سمي “شبكة” أو غير ذلك، يعد جزءًا من المهر ما دام جرى العرف بذلك، وقد أوضحت أن هذا الذهب يصبح ملكًا خالصًا للزوجة بمجرد أن يقدم لها على هذا الأساس، ولا يحق للزوج استرداده أو بيعه دون رضاها.
وفي فيديو بثته دار الإفتاء على قناتها الرسمية على “يوتيوب”، أجاب الدكتور محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى، عن سؤال حول أحقية الزوج في أخذ ذهب زوجته وبيعه دون موافقتها، مؤكدًا أن هذا لا يجوز شرعًا، لأن الذهب أصبح ملكًا للزوجة ولا يجوز للزوج التصرف فيه.
الحكم في حال بيع الزوج الذهب دون رضا الزوجة
تشدد الفتاوى الصادرة عن موقع إسلام ويب على أن بيع الذهب من قِبَل الزوج دون رضا زوجته يعد تصرفًا غير صحيح شرعًا، ويلزمه رد الذهب إلى الزوجة، فإن تعذر رد الذهب بعينه، وجب عليه دفع مثله إن وُجد، أو دفع قيمته وقت الرد، وليس وقت القرض أو البيع.
وتنص الفتوى رقم 145839 على أن الذهب الذي يشتريه الزوج لزوجته يعد جزءًا من المهر، وبالتالي فهو من مال الزوجة، ولا يجوز بيعه إلا برضاها، فإن باعه دون إذنها كان البيع باطلًا شرعًا، ويجب عليه أن يُعيد لها الذهب أو قيمته حسب الحالة.
أما الفتوى رقم 125042، فتوضح أنه إذا كان الزوج قد أخذ الذهب من زوجته برضاها على سبيل القرض، فإنه يعد دينًا في ذمته، ويجب رده بعينه أو بقيمته وقت الأداء.
متى يحق للزوج الاحتفاظ بالذهب؟
تشير الفتوى رقم 128157 إلى حالة واحدة لا يكون للزوجة فيها حق المطالبة بالذهب، وهي إذا أعطته إياه على سبيل الهبة بطيب نفسٍ منها، ولم يكن ذلك على سبيل القرض أو المهر، وفي هذه الحالة، يكون الذهب قد انتقل إلى ملك الزوج، ولا يحق لها المطالبة به.
لكن يشترط في هذه الحالة أن يكون العطاء عن طيب نفس صريح، لا عن إكراه أو إحراج، ولا في لحظات توتر أو خلاف.
نرشح لك: ما هو الفرق بين الجنيه الذهب العادي والمغلف؟.. دليل شامل للمستثمرين والمقبلين على الادخار
الأدلة الشرعية على حرمة أخذ الذهب دون رضا
استندت دار الإفتاء المصرية إلى آيات من القرآن الكريم في تحريم التصرف في مال الزوجة دون رضاها، ومنها قول الله تعالى: “وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً، فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا” [النساء: 4]
وقوله تعالى: “وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا، فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا، أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا” [النساء: 20]
هذه النصوص تبين بوضوح أن التصرف في مهر الزوجة، أو أي مال يخصها، لا يجوز إلا برضاها، وأن أي أخذٍ بغير طيب نفس يعد أكلًا للمال بالباطل.
ما مصير الذهب عند الطلاق؟
بحسب ما أكده الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية، فإن الشبكة إذا كانت بعد عقد القِران فهي جزء من المهر. وعليه، فإن الرجل إذا طلّق زوجته قبل الدخول، فلها نصف الشبكة، أما إن طلّقها بعد الدخول، فلها الشبكة كاملة.
ماذا عن الشبكة في حال فسخ الخطبة؟
وأوضحت دار الإفتاء أن الخطبة ليست عقدًا شرعيًا، ولا يترتب عليها آثار الزواج، وبالتالي فإن الشبكة المقدمة للمخطوبة تعد جزءًا من المهر بحكم العرف، فإن لم يتم العقد وحدث فسخ الخطبة، يكون للخاطب الحق في استرداد الشبكة، سواء كان الفسخ من جانبه أو من جانب المخطوبة، وذلك على مذهب الحنفية، الذي يعمل به القضاء المصري.
خلاصة الحكم الشرعي
إذا باع الزوج ذهب زوجته دون رضاها، كان البيع غير صحيح، ويجب عليه رد الذهب أو دفع قيمته يوم الرد.
وإذا أخذ الزوج الذهب كقرض، وجب عليه رده بعينه أو قيمته، وإذا أهدت الزوجة الذهب لزوجها عن طيب نفس، فلا يحق لها المطالبة به، فالشبكة جزء من المهر بعد عقد القران، وتكون من حق الزوجة كاملة إذا وقع الطلاق بعد الدخول، وفي حال فسخ الخطبة، للشاب حق استرداد الشبكة، لأنها ليست عقدًا شرعيًا.
اقرأ أيضًا: ما هي نسبة الخصم عند بيع الذهب.. كيف تحسب سعره بدقة؟