في خطوة وصفتها الأوساط الاقتصادية بأنها “محورية” في استعادة الثقة بالبورصة المصرية، عقد مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي اجتماعًا مهمًا اليوم الأربعاء، أسفر عن قرار بتطبيق ضريبة الدمغة بدلاً من ضريبة الأرباح الرأسمالية على التعاملات في الأوراق المالية المقيدة بالبورصات المصرية، سواء للمقيمين أو غير المقيمين.
وفي تعليق لـ”الحرية”، قال الخبير الاقتصادي محمد النجار، إن هذا التوجه يمثل نقطة تحوّل إيجابية نحو جذب الاستثمارات المحلية وعودة الثقة لسوق المال المصري، مؤكدًا أن النتائج المتوقعة ستكون مؤثرة على ثلاثة محاور رئيسية:
جذب تدفقات الاستثمارات المباشرة التي توقفت بعد فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية.
استقطاب صناديق الاستثمار المهتمة بالأوراق المالية وأدوات الدين.
تشجيع المستثمرين الأفراد الذين كانوا يتحفظون في التعامل مع مصلحة الضرائب بسبب تعقيد النظام السابق.
وأضاف الخبير الاقتصادي محمد النجار في تصريح خاص لموقع الحرية، أن قرار مجلس الوزراء يعكس استجابة حقيقية لمطالب المستثمرين، ويعزز مناخ الاستثمار في وقت تحتاج فيه الدولة إلى دعم السوق المحلي وتحفيز النمو الاقتصادي.
تفاصيل الاجتماع الحكومي بقيادة مجلس الوزراء
وبحسب ما أعلنه المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، فإن الاجتماع شهد التوافق على تغيير نهج التعامل الضريبي، مع التأكيد على أهمية هذا التحول كجزء من خطة حكومية لتحفيز البورصة وتحسين جاذبيتها.
كما استعرض الاجتماع تعديلات مقترحة من الهيئة العامة للرقابة المالية وعدة وزارات، تستهدف تطوير نظام الضرائب المفروض على أنواع متعددة من الصناديق الاستثمارية، مثل:
صناديق الاستثمار المباشر
الصناديق العقارية
صناديق الذهب
والهدف هو جذب شرائح جديدة من المستثمرين وتعزيز ثقة السوق المحلي والدولي في مناخ الاستثمار المصري.
رؤية إصلاحية تشمل قانون سوق المال
لم يقتصر اجتماع مجلس الوزراء على الجانب الضريبي فقط، بل امتد لمناقشة تعديلات مرتقبة على قانون سوق رأس المال، تشمل:
تبسيط عمل صناديق الاستثمار.
توفير نماذج جديدة مثل GP/LP.
إعادة هيكلة الإطار القانوني للبورصات المصرية.
كما جرى طرح عدد من المقترحات بشأن تحفيز الشركات للقيد في البورصة، من خلال تسهيل المتطلبات اللازمة وتقديم حوافز مشجعة للقيد، على أن يتم الإعلان عن تفاصيل تلك الحزمة في شهر يوليو المقبل.
مشاركة رفيعة المستوى في مناقشة الإصلاحات
شهد الاجتماع حضور مجموعة من المسؤولين التنفيذيين وصناع القرار، أبرزهم:
المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية السيد أحمد كجوك، وزير المالية شريف الكيلاني، نائب وزير المالية لشؤون السياسات الضريبية محمد صبري الشاذلي، مساعد رئيس الهيئة لشؤون أسواق المال
ويعكس هذا التنوع في الحضور رغبة الدولة في الوصول لحل توافقي يتماشى مع مصالح جميع الأطراف داخل السوق المالي.
توقعات بانتعاش البورصة في النصف الثاني من 2025
تترقب الأوساط المالية نتائج هذه القرارات، مع تفاؤل واضح بعودة النشاط والحيوية إلى البورصة المصرية خلال النصف الثاني من العام الجاري.
ويرى محللون أن توقيت التعديلات، الذي يأتي متزامنًا مع موجة إصلاحات اقتصادية أوسع، قد يكون فرصة لإعادة تقديم السوق المصرية كبيئة جاذبة للاستثمار المؤسسي والأجنبي.
هل تنجح الحكومة في إعادة رسم ملامح بيئة الاستثمار؟
تبدو الخطوات التي يتخذها مجلس الوزراء في هذا الإطار جزءًا من رؤية تقدمية شاملة لإصلاح السوق، تستهدف تبسيط الإجراءات، تخفيف الأعباء الضريبية، وتقديم أدوات استثمارية جديدة تواكب المعايير الدولية، بما يحقق توازنًا بين مصلحة الدولة والمستثمر.
كما أن قرار الاستعاضة عن ضريبة الأرباح الرأسمالية بضريبة الدمغة يعكس وعيًا حكوميًا بالتحديات التي تواجه السوق، ورغبة في تجاوزها عبر حلول عملية مدروسة تضمن العدالة الضريبية وتحفيز النمو في آنٍ واحد.
مجلس الوزراء يعيد الثقة للأسواق
مع إعلان مجلس الوزراء عن الحزمة الكاملة للتعديلات المنتظرة في يوليو، تدخل سوق المال المصرية مرحلة مفصلية من الإصلاح قد تُحدث فارقًا ملموسًا في حجم الاستثمارات والتعاملات خلال السنوات المقبلة.
وتظل الكرة الآن في ملعب الأجهزة التنفيذية لتسريع إجراءات التنفيذ، وضمان الشفافية، وتوفير بنية تحتية معلوماتية وضريبية تضمن استمرار زخم الثقة الذي بدأ في التكوين، بفضل هذه القرارات الجريئة من مجلس الوزراء.