أنا محتاجة ضوافر جوزي ده هو اللي خادمني وأنا كمان مريضة دخلته مستشفى السلام الدولي واقف على رجله خرجلي شبه جثة هامدة .. بهذه الكلمات المؤثرة بدأت السيدة (هـ .ع) روايتها لـ “الحرية“.. فماذا حدث؟
بداية الواقعة
قبل الخامسة صباحا يوم ١٦ أغسطس توجه الرجل الستيني (ط .م) إلى أحد مساجد مدينة المحلة الكبرى كعادته لصلاة الفجر وأثناء إقامة الصلاة أصيب بحالة إغماء شديدة، وقام المصلين بنقله على الفور إلى مركز القلب وإبلاغ ذويه وتركيب قسطرة له، وقام الطبيب بإبلاغ زوجته بضرورة إجراء عملية قلب مفتوح وأن أفضل من يجري هذه العملية هو الدكتور طارق حلمي الجراح الشهير.
تواصلت زوجة الرجل الستيني (ه.ع) مع عيادة الدكتور طارق حلمي وتم تحديد موعد كشف يوم الإثنين وبالفعل توجهوا للعيادة في اليوم المحدد وأبلغهم الطبيب الشهير بضرورة التوجه إلى مستشفى السلام الدولي القائمة بالتجمع الخامس يوم الأربعاء لضرورة إجراء العملية “بحسب ما روت”.
مفتاح الطمأنينة
“سلميها لله” هذه الجملة كانت مفتاح الطمأنينة لزوجة الرجل الستيني عندما سألت مساعد الطبيب عن تكاليف العملية إذ أنهم من “طبقة مستورة” ولا تحتمل أي تكاليف صارخة من تلك التي تتطلبها المستشفيات الخاصة حتى تفاجأت عندما وصلت إلى المستشفى سالفة الذكر ووجدت أن مستواها يبدو عاليًا للغاية، وبين تخوفات كثيرة راودتها وبين كلمات مساعد الطبيب فسلمت أمرها لله بحسب ماذكرت.
طبيب قلوب لا يعرف ما في الجيوب
أبلغها المساعد بعدها بأن أجرة الطبيب ١٥٢ ألف جنيه وحساب المستشفى ٩٠ ألف جنيها وضرورة تسديدها قبل الساعة ١٢ ظهرًا أي قبل إجراء العملية.
أحست حينها بالخيبة وقلة الحيلة ماذا ستفعل وهي لا تملك هذا المبلغ حتى تواصل معها شيخ المسجد بأنه سيعمل على تجميع المبلغ من أصحاب عمل الخير دون الكشف عن هوية الأسرة والمريض وهذا ما تم بالفعل إضافة إلى قيامها ببيعها الذهب الذي تملكه وسداد فاتورة المستشفى.
الدكتور طارق حلمي في مرمى الاتهام
أجريت العملية وصاحب ال٦٧ عاما لم تتحسن حالته الصحية بل تتدهور وسط غياب متابعة الطبيب “على حد وصفها” إلى أن لمحته خارجا من إحدى غرف المرضى لتجري عليه متوسلة إليه قائلة ” إلحق جوزي يا دكتور ما بيتحسنش” ليجيب الطبيب بكل عصبية “الرئة بتاعته زي الزفت ” متعجبة من رده “ده مابيشربش سيجارة ولا عمره اشتكى دي أكيد من أثار العملية لازم حضرتك تتابع وتطمني” ليتركها الطبيب ويمشي دون جدوى أو حتى إلقاء النظر على زوجها”.
ملأت الحسرة قلبها وبنفس هادئة رددت “مالناش غيرك يارب” حتى مر أسبوع وفوجئت أن الطبيب كتب خروج لزوجها رغم تدهور حالته، والأزمة لم تكن هنا فقط بل وجدت حسابات المستشفى تتواصل معاها ليبلغوها بضرورة سداد ٦٠ ألف جنيها بخلاف ماتم دفعه مسبقا لتجد نفسها في مأزق جديد.
سذاجة وطيبة
“من طيبتي وسذاجتي كنت بقول للمحاسب أنا مش معايا فلوس العربية اللي هتروحني إديني ٣٥٠ جنيه أروح بيهم وضيفهم عالحساب ” هكذا روت السيدة الستينية الذي صدمها رد المحاسب عندما قال “ومين قالك انك هتروحي ده أنا هحبسك بيهم لو مادفعتيش” ولكن أحد المتواجدين صور لها الإيصالات ووجها بالانصراف مع ضرورة الدفع.
عادت السيدة وزوجها إلى مدينة المحلة يوم الأربعاء أي بعد أسبوع من إجراء العملية بالمواصلات العادية لأنها لا تملك حق نقله بعربة إسعاف خاصة ليفقد الزوج وعيه في اليوم التالي “الخميس” بسبب انخفاض الأكسجين وعدم نقله في عربة إسعاف.
تضيف الزوجة:”حاولت التواصل مع المستشفى وأبلغوني بضرورة إحضاره وعدنا إلى القاهرة مرة أخرى متوجهين إلى المستشفى وفوجئت بمطالبتهم لي بمبلغ ٣٥٠٠ جنيه مصاريف الأشعة والتحاليل وأنا لم يكن لدي علم أنهم سيطالبوني بمصاريف مرة أخرى كنت مفكرة إنها متابعة لتدهور حالته خاصة إني دافعة أكتر من ٢٥٠ ألف جنيه.
وجهها أحد المتواجدين بالمستشفى بالاتصال بالشرطة ” جالي فعلا ضابط شرطة وقال للاستقبال خدمة الطواريء ٤٨ ساعة مجانا ومضوني على خروج زوجي بعد مرور ال٤٨ ساعة وخلوا مسئوليتهم وبعدها انصرف الظابط حتى فوجئت الحسابات تبلغني بأني أدفع ٢٧٥٠٠ بخلاف الـ ٦٠ ألف المتبقيين.
أصحاب الخير
وقفت السيدة في حيرة وصدمة أدخلتها في حالة انهيار وبكاء شديد قائلة ” لقيت شاب يبدو عليه أنه ميسور الحال جاي يسألني بتبكي ليه يا أمي حكيتله الوضع قالي ماتقلقيش أنا هتصرف وأدفعهم وتقريبا كان والده بيتعالج في نفس المستشفى وكان بيساعدني بنية شفاء والده ربنا يباركله.
قام الشاب بالفعل على حد قولها بسداد جزء من المبلغ ومتبقي حوالي ٤٠ ألف جنيه ووعدها بالتصرف لتسديد الجزء المتبقي
بدموع حارقة اختتتمت حديثها قائلة ( أنا عاوزة جوزي يكمل علاجه هنا زي ما تعبوه أكتر وحالته الصحية لا تستحمل الانتقالات وازاي يدفعوني بعد ماقالولي خدمة طواريء مجانية ٤٨ ساعة).
قرار رئيس الوزراء بمجانية أول ٤٨ ساعة طواريء
وحول هذه الواقعة أشار محمود فؤاد رئيس المركز المصري للحق في الدواء إلى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1063 لسنة 2014 الخاص بعلاج الحالات المرضية أول 48 ساعة طوارئ مجانًا فى مستشفيات القطاع الخاص مؤكدًا أن القرار لايتم تنفيذه طبقًا للقواعد المعمول بها لبروتوكولات العلاج المبرمة في هذا الشأن، كما حدد القرار أنه في حالة عدم الالتزام بقرار رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة ستتم المعاقبة وفق نص المادتين 10 و11 من القانون رقم 51 لسنة 1981.
