تشهد مسلسلات رمضان 2025 نقلة نوعية في القضايا النفسية، حيث تسلط مجموعة من المسلسلات الضوء على الاضطرابات النفسية التي يعاني بسببها العديد من الأشخاص في المجتمع.
من اضطراب الهوية الانفصالي مسلسل الشرنقة، إلى اضطراب القلق العام في عايشة الدور، ومرض الألم التشنج الليفي في منتهي الصلاحية، إلى التوحد في سيد الناس، وأخيرًا حالة الشائكة لاضطراب البيدوفيليا في لام شمسية
هذا التناول الدرامي المستمر يعكس اهتمامًا متزايدًا برفع الوعي حول الصحة النفسية، ويثير نقاشات مجتمعية مهمة حول التشخيص والتأثيرات الاجتماعية لهذه الاضطرابات.
اضطرابات الهوية الانفصالي في مسلسل الشرنقة
في المسلسل، يجسد الفنان أحمد داود شخصية “حازم النشار”، الذي يعاني من اضطراب الهوية الانفصالي، وهو حالة نفسية تجعل المريض يشعر بأنه يمتلك أكثر من هوية، مما يؤدي إلى فجوات في الذاكرة وسلوكيات متنوعة.
تشمل أعراض هذا الاضطراب فقدان الذاكرة حول الأحداث الشخصية، والشعور بالانفصال عن الذات، والارتباك حول تصرفات الشخصيات المختلفة، كما يعاني المصاب من نوبات قلق، واكتئاب، وأوهام، وقد يجد نفسه يتصرف بطرق لا يستطيع تفسيرها عند استعادة وعيه بهويته الأصلية
غالبًا ما يكون سبب هذا الاضطراب مرتبطًا بتجارب صادمة في الطفولة والعنف، حيث يلجأ العقل إلى تقسيم الهوية كوسيلة دفاعية لمواجهة الألم النفسي، ويقدّم أحمد داود أداءً بارزاً، بين شخصيات متعددة وعلاقاته الاجتماعية، ليضيف المسلسل التلفزيوني درامي مميزاً، يجمع بين الإعجاب النفسي والتشويق.
اضطراب القلق العام في مسلسل عائشة الدور
في مسلسل عائشة الدور، تجسيد شخصية “عايشة”، التي تجسدها دنيا سمير غانم، في مشهد يتواصل بين الكوميديا والدراما، عندما تذكر إحدى الحاضرات في حفل عيد الميلاد عن معاناتها اضطراب القلق العام (GAD)، فتُعلق “عايشة” مازحة: “جاد؟ هو كل واحد هيختار له مرض من 3 حروف وخلاص؟”.
هذه المزحة تسلط الضوء على هذا الاضطراب، الذي يؤثر على الحياة اليومية للمصابين به.
أعراض اضطراب القلق العام شاملة الأرق، والإرهاق، وخفقان القلب، وصعوبة التركيز، وتتنوع علاجاته بين العلاج السلوكي والإلهام، والأدوية المضادة من خلال متابعة مع طبيب مختص.
مرض العجز الليفي في مسلسل منتهي الصلاحية
أما مسلسل منتهي الصلاحية، فتظهر الفنانة هبة مجدي في دور “رانيا”، التي تعاني من آلام مزمنة غامضة، تشخيصها النهائي مريض الفايبروماليجيا (ألم الصدر الليفي).
هذا الاضطراب يسبب آلامًا واسعة النطاق، وإرهاقًا شديدًا، واضطرابات في النوم، وهو أكثر ما يصيب النساء، على الرغم من كونه ألم عضلي لكن له أثار سلبية على الصحة النفسية.
الفايبروماليجيا هو اضطراب مزمن يسبب آلامًا مستمرة في العضلات والمفاصل، مصحوبة بنوبات متكررة من الإرهاق والتصلب العضلي، إلى جانب صعوبات في التركيز والذاكرة تُعرف بـ”ضباب التليف العضلي”.
ورغم عدم توفر علاج نهائي حتى الآن، إلا أن بعض العلاجات، مثل التمارين الرياضية والعلاج النفسي، تساهم في تخفيف الأعراض وتحسين جودة الحياة.
وتشير تقديرات المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية (NIH) إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة به بمرتين مقارنة بالرجال، خاصة بعد سن الأربعين أو عقب التعرض لصدمات نفسية أو جسدية.
اضطراب طيف التوحد في مسلسل سيد الناس
في مسلسل سيد الناس، يجسد مصطفى عماد شخصية “حازم”، الطفل المصاب بالتوحد، والذي يتميز بمفتاح أسرار القصة.
حظي مصطفى بإشادة الشاملة، حيث نقل ببراعة الصعوبات التي يواجهها الأطفال المصابون بالتوحد
التوحد هو اضطراب عصبي يؤثر على التواصل والتفاعل الاجتماعي، ويظهر عادة في مرحلة الطفولة المبكرة، ومن أبرز أعراضه صعوبة في التواصل البصري والتفاعل الاجتماعي، تكرار السلوكيات، وفرط أو انخفاض الحساسية تجاه المؤثرات الحسية، وتأخر في تطور اللغة.
لا يوجد علاج نهائي، لكن يمكن تحسين حياة المصابين عبر العلاج السلوكي، البرامج التعليمية، وأحيانًا العلاج الدوائي للتحكم في بعض الأعراض المصاحبة مثل القلق أو فرط الحركة، مما يساعدهم على التكيف بشكل أفضل مع المجتمع.
اضطراب البيدوفيليا في مسلسل لام شمسية
أخيرًا، جاء مسلسل لام شمسية ليطرح أكثر من قضية جرأة في دراما رمضان، حيث يجسد محمد شاهين شخصية “وسام”، الذي يعاني من اضطراب البيدوفيليا، ويحاول التحرش بابن صديقه، مما يفتح النقاش حول هذا الاضطراب النفسي الخطير.
البيدوفيليا، أو اضطراب اشتهاء الأطفال، هو اضطراب نفسي يتميز بوجود تخيلات أو دوافع جنسية متكررة تجاه الأطفال الذين لم يبلغوا سن البلوغ، تتضمن أعراضه الانشغال المستمر بهذه التخيلات، مما قد يؤدي إلى سلوكيات مؤذية.
تتعدد أسبابه بين عوامل بيولوجية ونفسية وبيئية.
أما العلاج، فيشمل العلاج النفسي والتأهيل السلوكي، وفي بعض الحالات يُستخدم العلاج الدوائي للحد من الدوافع الجنسية
في الختام، استطاعت دراما رمضان 2025 أن تصل إلى صورة أكثر وعيًا ونُضجًا للقضايا النفسية، وتطالب بالنقاش حول هذه الحاجة إلى شخصياتها والمجتمع.
من خلال أداء قوي وسيناريوهات المحكمة، أصبحت هذه المسلسلات منصة لتعريف المشاهدين بأهمية الصحة النفسية، وكسر الصور النمطية التي تسبب الاضطرابات النفسية المختلفة.
ويبقى السؤال: هل تستمر الدراما المصرية في هذا التوعية؟
تابعنا على: الحرية الإخباري
