مع استمرار ارتفاع أسعار القهوة عالميًا، بات فنجان القهوة الصباحي رفاهية قد لا يطيقها الجميع، ومع هذا الواقع، لجأ المستهلكون والمقاهي إلى بدائل غير تقليدية للبن مثل الحمص، والشعير، وبذور التمر، وحتى جذور الهندباء، في محاولة لمواجهة القفزات السعرية الحادة التي طالت البن بمختلف أنواعه، وخاصة “روبوستا” و”أرابيكا”.
الجفاف والطلب يرفعان الأسعار
وفقًا لوكالة “بلومبيرغ”، وصلت أسعار حبوب روبوستا، المفضلة في إنتاج القهوة سريعة التحضير، إلى أعلى مستوياتها منذ السبعينيات، بينما تجاوزت أسعار أرابيكا أعلى معدلاتها منذ عامين، متأثرة بموجات الجفاف التي ضربت كبرى الدول المصدرة مثل فيتنام والبرازيل.
وتزايد الضغط بسبب متطلبات الاستدامة الأوروبية الجديدة، التي تشترط ألا تكون الحبوب مزروعة في مناطق أُزيلت غاباتها مؤخرًا.
بدائل القهوة تكتسب زخمًا
ردًا على ذلك، بدأت بدائل البن تشق طريقها إلى الأسواق، خاصة في أوروبا وأميركا، حيث تُستخدم تقنيات تحميص وتخمير تمنح نكهة مشابهة للقهوة التقليدية، لكنها تعتمد على مكونات أرخص مثل الشعير والحمص.
“أصبحت نكهات الشعير المحمّص وجذور الهندباء تُقدم كبدائل شبه رسمية للقهوة في بعض الكافيهات، وبأسعار أقل بنسبة تصل إلى 75% من القهوة الأصلية”، يقول مايكل كابوس من شركة “داون إيست كوفي روسترز”.
ورغم أن البدائل لم تتجاوز حصة الـ20% من السوق، خاصة في الولايات المتحدة، إلا أنها تحظى بإقبال متزايد بين الشباب الباحثين عن نكهات جديدة وتكاليف أقل.
السوق المصري.. ضغط على التجار والمستهلكين
في السوق المحلي، لم يكن التأثير أقل وطأة، فيقول حسن علوان، تاجر بن بمنطقة العتبة في القاهرة، لـ”الحرية”: “الأسعار ارتفعت بنحو 40% خلال عام واحد، فقد كان الكيلو من البن الجيد يُباع 350 جنيهًا، اليوم تعدى 600 جنيهًا، والزيادة مستمرة”.
ويضيف: “بدأ بعض التجار يخلطون البن بالشعير أو يبيعون خلطات جاهزة كمحاولة لتقليل التكلفة على الزبائن، لكنها حلول وقتية. الناس تريد القهوة الأصلية، حتى وإن كانت أغلى”.
أما أميرة جابر، صاحبة مقهى مستقل في الجيزة، فتقول: “اضطررنا لرفع أسعار القهوة 5 مرات في أقل من سنة. الناس بدأت تسأل عن بدائل أرخص، لذلك أضفنا مشروبات من الحمص والشعير المحمص للمنيو، والطلب في تزايد خاصة من الشباب”.
ارتفاع الأسعار يُعيد رسم خارطة الاستهلاك
إلى جانب تراجع المحاصيل والطلب الصيني المتنامي، لعبت اعتبارات أخلاقية وبيئية دورًا في زيادة الأسعار، فقد بات الضغط لتوفير أجور عادلة للمزارعين، وتطبيق لائحة إزالة الغابات الأوروبية، عوامل إضافية لتقليص المعروض ورفع التكلفة.
يقول توماس أروجو من “ستون إكس”: “المشترون بدأوا يشترون كميات أكبر في وقت مبكر، خشية التأخر في الامتثال للوائح الأوروبية الجديدة”.