“شعره كيرلى وأبيضانى وحلو”.. بهذه الكلمات وصفت الأم الفلسطينية ابنها الطفل يوسف للعاملين في إحدى المستشفيات مع زوجها ليساعدوها في العثور على ابنها بعدما تأكد لها دخوله إلى المستشفى. ظهرت الأم في مقطع الفيديو الذي انتشر منذ أيام على مواقع التواصل الاجتماعي وهي تبكي منهارة، كما ظهر والد الطفل الذي يعمل طبيبًا في نفس المستشفى بينما يسارع مع زوجته للبحث عن طفلهما، لتكتشف الأم والأب وطفلهما الآخر في النهاية أن الطفل يوسف قد قتل على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء اجتياحها لمخيم نور شمس داخل مدينة طولكرم في الضفة الغربية بفلسطين.
“عزيزي القارئ اسمح لي أن أقدم لك نفسي.. أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا..اسمي: حنظلة. اسم أبي مش ضروري، امي.. اسمها نكبة، وأختي الصغيرة فاطمة..نمرة رجلي: ما بعرف لإني دايمًا حافي.. تاريخ الولادة: ولدت في (5 حزيران 67) .. جنسيتي: أنا مش فلسطيني مش أردني مش كويتي مش لبناني مش مصري مش حدا.. إلخ، باختصار معيش هوية ولا ناوي اتجنس.. محسوبك إنسان عربي وبس.
التقيت بالصدفة بالرسام ناجي …. كاره فنه لإنه مش عارف يرسم.. وشرح لي السبب.. وكيف كل ما رسم عن بلد.. السفارة بتحتج ..الإرشاد والانباء (الرقابة) بتنذر..قل لي الناس كلها اوادم.. صاروا ملايكة.. وآل ما في أحسن من هيك.. وبهالحالة.. بدي ارسم بدي اعيش.. وناوي يشوف شغلة غير هالشغلة.. قلت له أنت شخص جبان وبتهرب من المعركة.. وقسيت عليه بالكلام، وبعدما طيبت خاطره.. وعرفته على نفسي وإني إنسان عربي واعي بعرف كل اللغات وبحكي كل اللهجات معاشر كل الناس المليح، والعاطل، والادمي والازعر.. كل الأنواع.. اللي بيشتغلوا مظبوط، واللي هيك وهيك.. وقلتله إني مستعد ارسم عنه الكاريكاتير. كل يوم وفهمته إني ما بخاف من حدا غير من الله واللي بده يزعل يروح يبلط البحر.. وقلت له عن اللي بيفكروا بالكنديشن، والسيارة، وشو يطبخوا أكتر من ما بفكروا بفلسطين.
وياعزيزي القارئ .. أنا آسف لإني طولت عليك.. وما تظن إني قلت لك هالشي عشان اعبي هالمساحة.. وإني بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن صديقي الرسام اشكرك على طول.. وبس”. – التوقيع: حنظلة.
بهذه الكلمات عرفت نفسها أشهر شخصيات رسام الكريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، وهي بلا شك شخصية الطفل حنظلة، الطفل الذي يسير دومًا حافيًا، مكتوف اليدين، بشعر أشعث، والذي يمثل كل طفل عانى ويلات حرب لا يمكن لعقله البريء أن يدرك سببها، وقاسى أوضاع وحشية أجهزت على طفولته وإنسانيته.
يقول ناجي العلي عن حنظلة: “ولد حنظلة في العاشرة في عمره، وسيظل دائمًا في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين، وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء”.
حنظلة هي أشهر الشخصيات التي رسمها ناجي العلي في كاريكاتيراته، ويمثل طفلًا في العاشرة من عمره. أدار حنظلة ظهره للقارئ، وعقد يديه خلف ظهره عام 1973م . ليصبح حنظلة بمثابة توقيع ناجي العلي، ويصبح رمزًا للهوية الفلسطينية. يقول ناجي العلي أن الصبي ذا العشرة أعوام يمثل سنه حين أجبر على ترك فلسطين، ولن يزيد عمره عن ذلك السن إلى أن يتمكن من العودة إلى وطنه. أما إدارة الظهر وعقد اليدين فيرمزان إلى رفض الشخصية للحلول الخارجية، ولبس حنظلة لملابس مرقعة، وظهوره حافي القدمين يوضحان فقره الشديد. ظهر حنظلة فيما بعد أحيانًا وهو يرمي الحجارة، وذلك تجسيدًا لأطفال الحجارة منذ الانتفاضة الأولى، وأحيانًا وهو يكتب على الحائط. أصبحت شخصية الطفل حنظلة على مدار العقود إمضاءً مميزة لصانعة لناجي العلي، كما ظل رمزًا للهوية الفلسطينية والتحدي، حتى بعد موت صانعه.