منذ سنوات اقتحم الترويج لأدوية التخسيس “مجهولة المصدر” القنوات التليفزيونية ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة، وهي أدوية غير معتمدة من وزارة الصحة ولم يتم تسجيلها قط.
ومن أبرز المروجين لتلك الأدوية هي “دعاء سهيل”، إذ لمع اسمها بشكل كبير وظهرت في عدة قنوات فضائية معروفة وعرفت نفسها على أنها خبيرة تخسيس وتغذية، كما ادعت أنها أخصائية تخسيس معتمدة من وزارة الصحة والسكان، خلافًا للحقيقة، وذكرت أنها أول مؤسسي فكرة التخسيس أونلاين في مصر، للترويج للأدوية الخاصة بها لعلاج السمنة. مستغلة قدرتها المالية في شراء الهواء من القنوات الفضائية الخاصة، ما يشير إلى للمكاسب المهولة التي تربحها من وراء بيع أدوية التخسيس التي تباع بآلاف الجنيهات، وربما تكلفتها صنعها نكون بسيطة للغاية.
ورغم تحذيرات وزارة الصحة وهيئة الدواء المصرية وعدد كبير من الأطباء والصيادلة من جميع الأدوية المباعة خارج الصيدليات، إلا أن تلك الأدوية كانت طوق النجاة لدى الكثير في محاولة للتخلص من وزنهم الزائد وضربوا بتلك التحذيرات عرض الحائط رغم التأكيد على مخاطر تلك الأدوية وأعراضها الجانبية التي قد تؤدي للوفاة.
من هي دعاء سهيل؟
هي ابنة محافظة المنوفية، الحاصلة على بكالوريوس خدمة اجتماعية، وبعد إنهائها المرحلة الجامعية اتجهت لمجال التغذية، وبحسب ما ذكرت وما تم نشره شغفها بمجال التغذية جعلها تقرر إكمال الدراسات عليا في هذا المجال،
ومن ثم حصلت على دبلومة التغذية والماجستير وأخيراً دكتوراه في التغذية من جامعة نيوكاسل ببريطانيا عن فوائد الثمار والأعشاب وتأثيرها على الجسم ونقصان الوزن، وبدأت بعدها الظهور إعلاميا توجه نصائح وسبل توعية بأخطار السمنة بالعديد من المبادرات التي تطلقها سنوياً كما قدمت كتاب “أثر الوعي والممارسات الغذائية على النمو الجسمي” ومؤخراً كتاب “سلوكيات التغذية بين الماضي والحاضر”
القبض على دعاء سهيل
في شهر إبريل من العام الماضي ألقي القبض على “سهيل” وذكرت وزارة الداخلية حينها في بيان تفاصيل ضبطها أنها حاصلة على حاصلة على بكالوريوس خدمة اجتماعية، ومقيمة بالقاهرة وأنشأت وأدارت قناة على موقع التواصل الاجتماعي “اليوتيوب” وصفحات على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بدون ترخيص من الجهات المعنية، والترويج لمنتجات علاجية تقوم بتصنيعها من خلال إعلانات تقوم بتصويرها وبثها دون ترخيص من الجهات المختصة، وأضاف البيان أنها اشتركت مع أحد المندوبين التابعين لها، وتاجرت في أدوية يتم تصنيعها من مكونات مجهولة دون اتخاذ الاشتراطات الصحية اللازمة للحفاظ على صحة المواطنين. وعقب تقنين الإجراءات أمكن ضبط المتهم الثاني، بحوزته (سيارة ملك أحد أصدقائه- هاتف محمول بفحصة فنياً تبين احتوائه على “آثار ودلائل لإدارته العمل اليومي لتحركات البيع وتوصيل الطلبات – محادثات صوتية من المتهمة الأولى عن عمليات توصيل الطلبات والمنتجات – مجموعة من العقاقير الطبية” مجهولة المصدر”).
وخلال تلك التحقيقات تنصلت من الاتهامات الموجهة إليها وأنها لا تعلم شيء عن تلك الأدوية وأن المندوب يوزع منتجات لشركات أخرى، حيق قالت: “الكلام ده غير صحيح أنا ماليش دخل بأي حاجة محمد علي محمد ده مندوب توصيل لشركة من الشركات، وأنا بعملهم إعلانات عن منتجاتهم، وأنا مليش دعوة بأي منتج أنا بقوم بالإعلان”، هذا ما يؤكد علمها بأن الأدوية التي تروج لها ضارة بالصحة وتسبب مخاطر عديدة وإلا كانت اتجهت لثبات فاعليتها بدلا من الإنكار.
كما وضحت تحريات الإدارة العامة لمباحث المصنفات وحماية حقوق الملكية الفكرية بـ وزارة الداخلية ادعائها أنها حاصلة على دكتوراه التغذية العلاجية من جامعة نيوكسل ببريطانيا، وصاحبة مبادرة مصر بلا سمنة.
هل وثقت دعاء سهيل دكتوراه التغذية الحاصلة عليها من جامعة نيوكاسل؟
كي يتم الاعتراف داخل مصر بالدراسات العليا للحاصلين عليها من جامعات أجنبية فهناك عدد من الإجراءات حددها المجلس الأعلى للجامعات يجب اتبعاها وهي
• توثيق الشهادات والأوراق المطلوبة للمعادلة بالقاهرة عن طريق تصديق الشهادات والأوراق المطلوبة للمعادلة من سفارة الدولة التابع لها الجامعة المانحة بالقاهرة ثم التصديق عليها من وزارة الخارجية المصرية .
• توثق الشهادات الممنوحة من الولايات المتحدة الأمريكية من المكتب الأمريكى (AMEDEAST) الموجود بشارع محى الدين ابو العز ثم الخارجية المصرية، وتوثق الشهادات الممنوحة من انجلترا من المجلس البريطانى بالعجوزة ثم التصديق عليها من وزارة الخارجية المصرية .
فهل قامت “سهيل بتوثيق شهادتها ، حيث أنه رغم إدانتها لم تنشر أي معلومات أو أية وثائق حول شهادات الدكتوراه والماجسيتير الحاصلة عليهم، بل اكتفت بنشر صور تذكارية أثناء ارتدائها زِي التخرج والتي أصبح عدد من مراكز التدريب يقدمونه للمتدربين عقب اجتيازهم الدورات التدريبية.
حكم قضائي بالحبس والغرامة والتهمة انتحال صفة
في شهر يونيو من العام الماضي عاقبت المحكمة الاقتصادية بالقاهرة، دعاء سهيل، بالحبس 3 أشهر وغرامة 100 ألف جنيه في انتحالها صفة خبيرة تخسيس، ومعاقبة متهم آخر بغرامة 20 ألف جنيه، بعدما تبينّ أنه كان يعاونها في النشاط الإجرامي وتوصيل منتجات مغشوشة ومجهولة المصدر للمواطنين.
وقامت بالاستئناف إلا إن محكمة مستأنف الاقتصادية أيدت الحكم المذكور وقضت بالفعل مدة الحبس المقررة ودفع الغرامة.
خروجها من السجن والعودة للفضائيات
وخرجت “سهيل” من السجن في شهر أغسطس من عام ٢٠٢٢ بعد انقضاء مدة الحبس لتظهر من جديد على إحدى القنوات الفضائية لتعلن من جديد عن منتجاتها التي تروج لها.
ردود أفعال
وعلقت النائبة هند رشاد عضو لجنة الإعلام بمجلس النواب عقب خروجها إن ما يمنع عدم ظهور دعاء سهيل على القنوات التليفزيونية هو قرار من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
أما الدكتور أحمد حسين أكد خلال إحدى تصريحاته الصحفية أن دعاء سهيل غير مقيدة بسجلات النقابة ولا تنتمي للمهنة، مشددا على ضرورة دور الجهات الرقابية على الفضائيات والإعلام في محاسبة هؤلاء المدعين حيث أن مثل هذه الفضائيات لا تحكمها سوى المادة، وأن قبولها الإعلان لهذه المنتجات وظهور هؤلاء المدعين، بمثابة جرائم ضد المجتمع المصري، وضد صحة المواطن المصري.
واتهم الأجهزة الرقابية لغيابها عن دورها في متابعة بعض الفضائيات، التي تظهر عليها مثل هذه الإعلانات المجهولة.
لماذا يتم بيع أدوية التخسيس خارج الصيدليات؟ نقيب الصيادلة السابق يجيب
قال الدكتور محيي عبيد نقيب الصيادلة السابق: إن الأزمة تكمن في أن معظم الشعب المصري لا يمارس أي رياضة وبالتالي يكون لديهم زيادة هائلة في الوزن فيلجأون للبحث عن طرق سهلة للتخسيس فيجد أمامه على صفحات التواصل الاجتماعي مواقع تروج لأدوية مجهولة المصدر وغير مرخصة بوزارة الصحة وتبث من مواقع خارج جمهورية مصر العربية، وعند طلب الدواء لو تم سؤاله عن مكان لاستلام الدواء سيقوم بالرد أنه سيتم الشحن للعنوان المرسل لأن مكانه مجهول، ويصل الأمر أن تلك الأدوية تسبب وفيات وأمراض سرطانية.
وحذر “عبيد” في حديثه لـ “الحرية” مرارا وتكرارا من أن هذه الأدوية مجهول المصدر وغير أمنة ولم تخضع لرقابة وتفتيش وتحليل، فالدولة المصرية كي تجيز تداول دواء تستغرق فترة زمنية طويلة ودرجة ثبات وتكافؤ حيوي وتحاليل وتجارب سريرية، وهذه الأدوية لم يتم إجراء تجارب عليها والمادة الفعالة نفسها مجهولة المصدر حتى وإن كان مكتوب على العبوة الخارجية أسماء تجارية أو أسماء مواد فعالة فمن يضمن تواجدها بالفعل داخل الدواء ولذلك نحذر ألاف المرات أن الدواء الأمن والفعال مكانه الصيدلية وليس مواقع التواصل الاجتماعي فجميعها أدوية تسبب سرطان وتصل بعض الأدوية للوفاة.
وشدد نقيب الصيادلة السابق على أن أي دواء مجهول المصدر لا يخضع لرقابة وتفتيش من قبل هيئة الدواء المصرية فهو دواء مجهول، وأي دواء حتى إن كان صحي وتم تهريبه فنحن لا نعلم كيف تم تخزينه ولا درجة حرارة حفظه فهذا دواء غير آمن وغير فعال، وإن كان آمنا وفعالا كانت الشركة التي تستورده لجأت لهيئة الدواء المصري وتقدمت بطلب لتسجيل المستحضر وتداوله داخل مصر، ومعنى أنها تلجأ للتهريب والطرق الملتوية، فهذا دليل أن هذا الدواء غير أمن وغير فعال، ومن الممكن أن يكون مكتوب على العبوة صنع في مصر وهو مصنع “تحت بير السلم” وأي دواء مصدره خارج الأطر الشرعية لتداول الدواء وخارج الصيدليات غير أمن.