هل يعقل أن فيلا معينة بسعر في السعودية توازي أضعاف سعرها في مصر؟” هذا التساؤل الذي طرحه أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا، أشعل نقاشًا واسعًا حول الفروقات الهائلة في أسعار العقارات بين البلدين، وكشف عن أوجاع يعاني منها القطاع في مصر. التساؤل أثار حفيظة الكثيرين، ودفع المهندس محمد زكي، وهو أحد الخبراء في المجال، للرد بتفصيل على صفحته الشخصية على فيسبوك، كاشفًا عن أسرار هذا الفارق الجوهري.
تساؤل فيلا طلعت مصطفى يضرب وتراً حساساً
المنشور الذي بدأ النقاش، كان يتساءل عن فيلا لـ “مجموعة طلعت مصطفى” (كمبوند بنان الرياض) في مدينة الرياض، والتي يبلغ سعرها 13 مليون جنيه مصري واستلامها خلال سنتين. ويقارنها الكاتب بفيلا في مصر يبلغ سعرها 35 مليون جنيه واستلامها بعد 4 سنوات. هذا الفارق المهول دفع الكاتب للتساؤل “فين الدولة من المهزلة دي؟”. تساؤل يعكس غضبًا شعبيًا متزايدًا من ارتفاع الأسعار والمدة الطويلة للتسليم في السوق المصري.
المهندس محمد زكي يرد: السعودية “برنس” في السوق
المهندس محمد زكي، بخبرته الواسعة، لم يتردد في الرد على هذا التساؤل، مؤكدًا أن صاحب المنشور “عنده حق ويطلب براحته طبعا سواء في السعودية أو في مصر، الراجل ده برنس دارس السوق كويس جدا وخاصة في السعودية”. وأرجع زكي هذا النجاح إلى عدة عوامل أساسية ساهمت في استقرار أسعار العقارات وتحقيق أرباح مستقرة للمطورين في المملكة:
- ثبات العملة: “ثبات سعر الدولار مع الريال من سنين”. هذا الاستقرار يوفر بيئة استثمارية خالية من التقلبات، مما يمنح المطور ثقة في تحديد الأسعار على المدى الطويل.
- أسعار الأراضي والمواد الخام المستقرة: “سعر الأرض ثابت لموقع المشروع وسعره أرخص لما أخذ 10 مليون متر مربع”. بالإضافة إلى ذلك، “الخامات كلها أسعارها منخفضة فزادت الأرباح”. هذا يعني تكلفة أساسية أقل للمشروع، مما ينعكس على السعر النهائي.
- رسوم وتراخيص ثابتة: “رسوم التصميمات والتراخيص والبلدية والدفاع المدني ثابت لم تتغير”. استقرار الرسوم يزيل عبئًا كبيرًا من على كاهل المطور، ويساعد على التخطيط المالي الدقيق.
- جودة تنفيذ وبنية تحتية مستقرة: “البنية التحتية والخرسانات ومستوى التشطيب وأنواعه والخامات كلها أسعارها منخفضة”، وهذا يؤدي لـ”زيادة الأرباح”.
تنافسية صحية.. والطراز المصري يغزو الرياض
وأشار المهندس زكي إلى نقطة جوهرية أخرى، وهي وجود منافسة قوية في السوق السعودي: “وجود شركة طلعت مع مطورين عقاريين كتير بيخللي السعر تنافسي وليس أسعار جشعة”. هذه المنافسة جعلت أسعار الفيلات في مشروع طلعت مصطفى تتراوح بين 700 ألف إلى 1.5 مليون ريال سعودي حسب المساحة ومستوى التشطيب والمنطقة، وهي “أسعار في متناول أغلب المواطنين”.
الغريب في الأمر، أن تصميم الفلل في المشروع السعودي لطلعت مصطفى، جاء على الطراز المصري، “وكأنها فيلا من الطراز المصري لمدينتي ونور”. هذا التصميم الفريد في السوق السعودي، منح شركة طلعت مصطفى ميزة تنافسية كاسحة: “في معرض سيتي سكيب لوبال لما طلعت عرض المشروع كسح كل شركات التطوير العقاري السعودي عشان الفلل بقت من الطراز المصري والكل بقي بيشتري منه وده خللي السعر منافس”.
مصر: اهتزاز الأسعار.. لا ضمان للغد
على النقيض تمامًا، رسم المهندس زكي صورة قاتمة للوضع في مصر: “أما لو كلمت عن مصر هتلاقي في اهتزاز حتى في السعر”. هذه النقاط تكشف عن التحديات التي يواجهها المطور المصري والتي تنعكس حتمًا على المستهلك:
- تقلبات الأسعار اليومية: “السعر صلاحيته كم يوم ونغيره؟ ومش ضامن الدولار بكرة هيبقي بكم؟”. هذه البيئة غير المستقرة تجعل من الصعب تحديد سعر نهائي للوحدة، وتدفع المطورين لتسعير أعلى تحسبًا للمخاطر.
- زيادات عشوائية في أسعار المواد الخام: “ده غير كل يوم المواد بتزيد بسعر على كيف التاجر ده ومفيش رقابة”. هذا الارتفاع المستمر وغير المنظم في التكاليف يضغط على هوامش الربح ويزيد من عبء المطور.
- تحديات التخليص الجمركي: “ده غير البضاعة بتتركن بالأسابيع بسبب التخليص الجمركي وبتزيد سعرها كل يوم”. تأخير وصول المواد الخام يؤثر على جدول التسليم ويزيد من التكاليف.
- أزمة الوقود المتكررة: “ده غير أزمة الوقود كل 3 شهور اللي خلت كل الأسعار غالية كل شوية”. ارتفاع تكاليف النقل والتشغيل يؤثر على جميع مراحل المشروع.
- الخوف من انهيار العملة: “عشان يأمن نفسه بيزيد سعر الفيلا خوفًا من أي انهيار العملة”. هذا الخوف يدفع المطورين لتسعير الوحدات بأسعار أعلى كنوع من التأمين.
- الضرائب والفوائد المرتفعة: “ده غير الضرايب والفوايد اللي بتأكل من الأرباح”. هذه الأعباء الإضافية تلتهم جزءًا كبيرًا من الأرباح المحتملة.
- طول مدة التسليم: “ده غير مدة التسليم طويلة تحسبًا لأي تأخير في الاستيراد”. عكس السعودية حيث “كل شيء فوري وعملة ثابتة وأسعار خامات ثابتة ورقابة واضحة وشفافية والتزام بجدول زمني وأي تأخير هيأثر على الكل فبيستثمر وهو مرتاح في السعر لخمس سنين قدام”.