بعيون تدفن بداخلها الدموع خشية أن تسقط، وملامح تدمج بين طياتها الألم ومع ذلك يراها الآخرون تعبر عن الشجاعة والصبر، وبقلب منفطر يحبس آهاته، تجده يقف كالأسد الجريح على أراضي وطنه المحتل يستقبل خبر استشهاد ابنه البكر بعد أن فقد جميع أسرته في بداية الحرب، وهو يحاول أن يكون قويًا وعونًا لكل من حوله، وكيف لا يحاول وهو الأب والسند لكل صحفيون الأرض المحتلة، هو الزميل وائل الدحدوح، صحفي ومراسل قناة الجزيرة الإخبارية في دولة فلسطين المحتلة.
من هو وائل الدحدوح
وائل حمدان الدحدوح ولد في حي الزيتون، وهو أقدم أحياء مدينة غزة، في عام 1970، ونشأ في أسرة ميسورة الحال، تلقى تعليمه أيضًا في المدارس الثانوية بغزة عام 1988.
كان حلمه أن يدرس الطب خارج فلسطين، ولكن الاحتلال منعه من تحقيق أحلامه، فقد اعتقل من قبل الاحتلال الإسرائيلي بعد حصوله على الشهادة الثانوية العام، وقضى داخل سجونهم 7 أعوام، ليخرج بعد ذلك ويقرر أن يستكمل دراسته الجامعية في الجامعة الإسلامية بغزة، وتخرج منها عام 1998.
وبالرغم من ضياع 7 أعوام من عمره، وتبخر أحلام كان يتمناها بدراسة الطب، إلا أنه لم يستسلم وحاول السفر مرة أخرى لاستكمال دراسته خارج فلسطين، ولكن يأتي الاحتلال مرة أخرى ليحول بينه وبين تحقيق أحلامه، ولأنه الدحدوح لم يستسلم مرة أخرى، وقرر الحصول على الماجستير في العلوم السياسية من جامعة القدس في بلدة أبو ديس بالضفة الغربية عام 2007.
مشواره المهني
بعد انتهاء دراسته الجامعية قرر الدحدوح العمل في بعض المجلات والجرائد والقنوات المحلية في عدة وسائل إعلامية فلسطينية، كمراسلًا لها داخل قطاع غزة.
وفي عام 2004 التحق للعمل في مكتب الجزيرة في فلسطين كمراسل، ثم أصبح بعد ذلك مديرًا لمكتب الجزيرة بغزة، وقد شهد الدحدوح برفقة فريقه أكثر من أربع حروب خاضتها إسرائيل مع الفصائل الفلسطينية في غزة منذ انسحبت قواتها ومستوطني القطاع عام 2005.
وكانت من أشهر المجازر التي عاشها الدحدوح مجزرة حي الشجاعية، وهي مجزرة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي عام 2014، وبشجاعة الدحدوح المعهودة استطاع الوصول إلى المنطقة برفقة طاقم الجزيرة ومعه سيارة بث، وكانت هذه في فترة الهدنة التي لم تزد عن 1.5 ساعة، واستطاع نقل لقطات مؤلمة بشكل مباشر من هناك.
استشهاد أسرته
تجده واقفا يرتدي سترتة الواقية للصحفيين، مع الخوذة الخاصة به أمام كاميرات قناة الجزيرة الإخبارية وهو مستعدًا لنقل كل ما يحدث في غزة من مجازر هكذا هو حال الزميل العزيز منذ بداية الحرب على غزة بشكل عنيف في أكتوبر الماضي، حينها تعرض الدحدوح إلى أقصى ما يتعرض له الإنسان من الألم، فقد وجد نفسه ينقل خبر استشهاد أسرته أمام الكاميرات مثل باقي أخبار قطاع غزة عند استقباله خبر قصف دوى في منطقة بعيدة عن شمال غزة.
بدا ثابتًا رغم عظم المصاب وهو يقف أمام الكاميرا يعلن استشهاد زوجته وابنه وابنته وحفيده، مع وجود لباقي عائلته تحت الأنقاض، وهو يحتسبهم عند الله، موجهًا حديثه لقوات الاحتلال ” بتنتقموا منا في الأولاد.. معلش”.
وبالرغم من فقدانه لرفيقة دربه وإثنين من أبنائه إلا أنه ظل واقفًا على قدميه، ليقدم كل ما يمكن تقديمه من أجل واجبه الوطني، فهو الصحفي المحب لفلسطين الحبيبة، حتى تمت إصابته أثناء تغطيته قصفًا إسرائيليًا على مدرسة في خان يونس جنوبي قطاع غزة.
استشهاد ابنه البكر
لم تنتهي مصاب البطل الشجاع الدحدوح عند مقتل إسرته أو حتى إصابته، فقد تلقى صباح اليوم استشهاد نجله البكر الصحفي حمزة في قصف إسرائيلي استهدف الصحفيين غربي خان يونس.
“ليس أصعب من الالآم ووضع الفقد، فكيف إذا كان الفقد الولد البكر فلذة الكبد ليس بضعة مني.. حمرة روح الروح وكل شئ” بهذه الكلمات المؤثرة استقبل الزميل الصحفي الدحدوح خبر استشهاد نجله.
وكان حمزة الدحدوح قد كتب قبل ساعات من استشهاده عبر حسابه على منصة “إكس” إنك الصابر المحتسب يا أبي، فلا تيأس من الشفاء ولا تنقط من رحمة الله، وكن على يقين أن الله سيجزيك خيرًا لما صبرت”.
بداية الحرب
يذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي شنت الحرب على قطاع غزة منذ يوم 7 أكتوبر الماضي، بعد الهجوم العنيف الذي قامت به حركة حماس على تل أبيب، ومنذ ذلك الوقت وتقول إسرائيل بجرائم ومجازر بشعة يوميًا بحق المدنين في قطاع غزة