السبت 26 أبريل 2025 09:56 مـ 28 شوال 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

سورة الواقعة: مفتاح الرزق وسر الغنى في ليالي رمضان

الإثنين 17 مارس 2025 06:33 صـ 18 رمضان 1446 هـ
الحرم المكي-تعبيرية-
الحرم المكي-تعبيرية-

في زحمة الحياة اليومية ومتطلباتها المتزايدة، يبحث الإنسان دائمًا عن سبل تُعينه على كسب الرزق الحلال وتيسير أموره. فالرزق ليس محصورًا فقط في المال والجاه، بل يشمل الصحة والعافية، والأبناء الصالحين، والعلم النافع، والستر في الحياة. وكل ذلك يتطلب من العبد الأخذ بالأسباب، مع التوكل على الله والاستعانة بما أرشد إليه ديننا الإسلامي الكريم.

من الأسباب الإيمانية التي أوصى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قراءة سورة الواقعة بشكل يومي، فهي ليست مجرد سورة قرآنية عادية، بل تحمل في طياتها أسرارًا عظيمة لتوسيع الرزق وإبعاد الفقر والفاقة. وقد جاءت العديد من الأحاديث النبوية لتؤكد فضل هذه السورة، مما يجعلها واحدة من أهم الأوراد الليلية التي يستحب للمسلم أن يداوم عليها، خاصة في ليالي رمضان المباركة.

فضل سورة الواقعة وأسرارها

سورة الواقعة، وهي إحدى السور المكية التي نزلت في بداية الدعوة الإسلامية، تحمل رسائل قوية حول يوم القيامة وما فيه من أهوال ومفاجآت. لكن ما يميزها هو أنها لم تقتصر فقط على التذكير بالآخرة، بل امتدت لتكون مصدر ثقل وطمأنينة للإنسان في حياته الدنيا. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:

"من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدًا".

هذا الحديث الذي رواه ابن مسعود رضي الله عنه يعكس بوضوح الفضل الكبير لهذه السورة في جلب الرزق ودفع الفقر عن قارئها. كما قال أيضًا رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"علموا نساءكم سورة الواقعة فإنها سورة الغنى".

هذا الوصف "سورة الغنى" يحمل معنى عميق، حيث إنها ليست مجرد كلمات تتلى، بل هي دعوة صريحة للتفكر والتدبر في آيات الله، وفي نفس الوقت تفتح أبواب الخير والبركة في حياة المسلم.

هل قراءة سورة الواقعة تجلب الرزق؟

قد يتساءل البعض: إذا كانت الأرزاق مكتوبة عند الله منذ الأزل، فكيف يمكن لسورة أن تجلب الرزق؟

يجيب الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، قائلاً: "الأرزاق بالفعل مقسومة ومقدرة، ولكن هناك أسباب قد تغير الأقدار أو تزيد الخيرات. منها الدعاء، وصلة الرحم، والاستغفار، وقراءة القرآن الكريم". لذلك، تعتبر سورة الواقعة أحد الأسباب التي تؤدي إلى زيادة الرزق وتوسيعه، إذا قُرئت بصدق وإخلاص وتدبر.

فالأخذ بالأسباب لا يتعارض مع الإيمان بالقضاء والقدر، بل هو جزء من الدين نفسه. فإذا كان الإنسان يؤمن بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، فإن عليه أيضًا أن يسعى ويستعين بالأعمال الصالحة التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم.

فوائد قراءة سورة الواقعة

  1. منع الفقر والفاقة:
    من داوم على قراءة سورة الواقعة كل ليلة لم يصبه فقر أو بؤس، لما فيها من ذكر لأهمية التقوى والإيمان بالله.

  2. جلب الرزق وزيادة البركة:
    سورة الواقعة تعمل على توسيع أبواب الرزق وتيسير الأمور، فهي "سورة الغنى".

  3. الوقاية من الغفلة:
    من يقرأ سورة الواقعة باستمرار لن يكتب من الغافلين، لأنها تحتوي على مشاهد يوم القيامة التي تجعل القلب دائم اليقظة.

  4. التذكير بأهوال الآخرة:
    الآيات الخاصة بيوم القيامة تزرع الخوف من الله في القلب، مما يدفع الإنسان للتوبة والعمل الصالح.

  5. الاستجابة للدعاء:
    قراءة سورة الواقعة قبل النوم تفتح للعبد أبواب الرحمة والمغفرة، مما يؤدي إلى استجابة دعواته.

  6. الأثر الروحي العميق:
    من تأمل آياتها وربطها بحياته اليومية سيجد فيها حلولًا لمشاكله الروحية والمادية.

متى نقرأ سورة الواقعة؟

أجاب الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء، على سؤال بشأن وقت قراءة سورة الواقعة، فقال: "لا يوجد وقت محدد، ولكن يفضل قراءتها كورد يومي بعد صلاة المغرب أو العشاء، لأنها من الأوراد الليلية التي تمنع الفقر وتجلب الرزق".

وفي شهر رمضان، يمكن قراءتها بعد صلاة التراويح أو القيام، حيث تكون الأجواء أكثر روحانية واستجابة. كما يُنصح بتكرارها ثلاث مرات يوميًا لتحقيق أقصى استفادة روحية ومادية.

كيف نستفيد من سورة الواقعة؟

  • الإخلاص: يجب أن تكون النية خالصة لله سبحانه وتعالى عند قراءتها.
  • التدبر: لا يكفي مجرد التلاوة، بل يجب التفكر في معاني الآيات وتطبيقها في الحياة.
  • الاستمرارية: الدوام على قراءتها يحقق النتائج المرجوة، فلا ينبغي التوقف بعد فترة.
  • الثقة بالله: يجب أن يكون القارئ واثقًا بأن الله سييسر له أمره ويزيد في رزقه.

ختامًا

في ظل ضغوط الحياة وصعوباتها، يأتي الإسلام دائمًا بالحلول العملية التي تجمع بين العبادة والحياة اليومية. سورة الواقعة ليست مجرد وسيلة لجلب الرزق، بل هي درس روحي عميق يذكرنا بالهدف الأسمى من وجودنا في هذه الدنيا. فلنحرص على قراءتها يوميًا، ولنجعلها جزءًا من روتيننا اليومي، عسى أن ننال بركاتها ونتذوق حلاوة الإيمان والغنى الحقيقي الذي يمنحه الله لعباده الصالحين.

ختامًا، قالوا: "خذ من القرآن ما شئت لما شئت"، فلتكن سورة الواقعة هي وسيلتك إلى رضا الرحمن وتوسيع الرزق.