• الرئيسية
• المشهد الديني

أخفى الله تعالى موعد ليلة القدر لتحفيز المسلمين على الجد والاجتهاد في العبادة خلال هذه الفترة المباركة. وهي الليلة التي نزل فيها القرآن الكريم، وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد علم بموعد هذه الليلة، لكن بسبب شجار بين اثنين من المسلمين في المسجد، أنساه الله إيّاها حتى يبقى المسلمون محفّزين للطاعات وأداء الأعمال الصالحة.

سبب إخفاء ليلة القدر

روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج لإخبار المسلمين بموعد ليلة القدر، فتشاجر اثنان من المسلمين، فقال:
«خرجتُ لأُخبرَكم بليلةِ القدر، فتلاحى فلانٌ وفلانٌ؛ فرُفعتْ، وعسى أن يكونَ خيرًا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة» (رواه البخاري).

موعد ليلة القدر

اختلف العلماء في تحديد موعد ليلة القدر، حيث وردت أحاديث متعددة عن النبي صلى الله عليه وسلم بشأنها. ولكن الأقوى والأصح هو أنها تقع في الليالي الوترية من العشر الأواخر من رمضان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«التمسوها في العشر الأواخر من رمضان؛ ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى» (رواه البخاري).

أقوال العلماء في تحديد ليلة القدر

• جمهور الفقهاء (المالكية، الشافعية، الحنابلة) ذهبوا إلى أن ليلة القدر تكون في العشر الأواخر من رمضان، خصوصًا في الليالي الوترية.
• الأكثر شهرة عند المالكية والحنابلة أنّها ليلة السابع والعشرين، وهو قول ابن عباس وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
• مع ذلك، يُستحب للمسلم أن يجتهد في جميع ليالي العشر الأواخر.

علامات ليلة القدر الصحيحة

من أهم ما يبحث عنه المسلمون في العشر الأواخر من رمضان هي علامات ليلة القدر ، تلك الليلة المباركة التي عبادتها خير من عبادة ألف شهر. وقد وردت علاماتها الصحيحة في السنة النبوية:

1. نزول الملائكة أفواجًا:
   قال الله تعالى: «تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر».
   وروى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ عدد الملائكة في تلك الليلة يكون أكثر من عدد الحصى على الأرض.

2. اعتدال الجو:
   لا تكون حارة ولا باردة، بل تكون ليلة طيبة ومنعشة.
   روى عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: «ليلة القدر ليلة سمحه، طليقة، لا حارّة ولا باردة، وتطلع الشمس صباحها ضعيفة حمراء».

3. طلوع الشمس دون شعاع:
   تطلع الشمس في صباح اليوم التالي كأنها "مِثل الطَّسْت"، أي بدون شعاع، حتى ترتفع قليلًا.
   روى أبي بن كعب رضي الله عنه: «وآية ذلك أن تطلع الشمس في صبيحتها مثل الطَّسْت، لا شعاع لها».

4. صفاء الليلة وسكون النفس:
   تكون ليلة صافية، بلا حر أو برد، وكأن فيها قمرًا ساطعًا. ويحدث للمسلم فيها شعور بالراحة النفسية والإقبال على الله.

5. عدم نزول الشهب والنيازك:
   لا يُرمى بالشهب تلك الليلة لأنها ليلة سلام.

6. استجابة الدعاء:
   من العلامات أيضًا أن يوفق المسلم دعاءً جديدًا لم يكن يقوله من قبل.

علامات غير صحيحة منتشرة بين الناس

بعض الناس يعتقدون خطأً أن هناك علامات أخرى ليلة القدر مثل:

• سقوط الأشجار ثم عودتها إلى مكانها.
• تحويل الماء المالح إلى عذب.
• صمت الكلاب وعدم نباحها.
• انتشار الأنوار الكثيفة في السماء والأرض.
• تمزيق السماء وسقوط الأمطار مع الرعد والبرق.

هذه العلامات غير صحيحة، ونقل الإمام الطبري عدم وجود أصل لها.

دعاء ليلة القدر المستجاب

من السنّة الإكثار من الدعاء في هذه الليلة المباركة، ومن أفضل الأدعية:

• "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني."
• "اللهم ارزقني فضل قيام ليلة القدر، وسهل أموري من العسر إلى اليسر، واقبل معاذيري وحطّ عني الذنب والوزر."
• "اللهم اجعل لنا في هذه الليلة نصيبًا من خير ما قسمتَ من رزق وعلم وأجر وعافية."

لماذا سميت ليلة القدر بهذا الاسم؟

قيل في تسميتها عدة أسباب:

1. لأن الله تعالى يُقدّر فيها ما سيحدث في تلك السنة.
2. لشرفها وعظيم قدرها عند الله.
3. لأنها نزل فيها كتاب ذو قدر (القرآن) بواسطة ملك ذي قدر (جبريل) على رسول ذي قدر (محمد صلى الله عليه وسلم) لأمة ذات قدر (الأمة الإسلامية).
4. لأن الطاعات فيها لها قدر عظيم.

أحاديث عن ليلة القدر

وردت العديد من الأحاديث التي تؤكد أنها في العَشر الأواخر من رمضان، وفي الليالي الوترية منها:

• عن عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان».
• عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: «التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة».

بهذه المعلومات يمكن للمسلم أن يتحرى ليلة القدر بكل جد واجتهاد، آملًا من الله القبول والمغفرة.