السبت 26 أبريل 2025 09:51 مـ 28 شوال 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

عن تشيع ‘‘هيكل’’ الخفي!

الخميس 17 أبريل 2025 03:42 مـ 19 شوال 1446 هـ

في احدى مقابلاته مع الإعلامية لميس حديدي عبر قناة CBC يقول الأستاذ محمد حسنين هيكل نصاً: "‏خلفاء بني أمية كانوا كلهم لا يصلون ‏ولا يصومون"!!

بهذا التجهيل الفاضح يصف الأستاذ هيكل خلفاء بني أمية بما فيهم كاتب الوحي معاوية ابن أبي سفيان والخليفة الراشد الخامس عمر بن عبدالعزيز، بأنهم لا يصلون ولا يصومون، وهذا رأي يخرجهم من ملة الإسلام!. وإذا ذهبنا بعيداً في جذر خلفاء بني أمية فإن أول خلفائهم هو الصحابي عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثالث الخلفاء الراشدين وزوج ابنتي رسول الله!

ومنذ تولى أبي بكر الخلافة إلى زمن قريب من عهد دولة الخلافة كان الخليفة هو الحاكم وهو الخطيب وإمام المسلمين في الصلاة، وقد ظل معاوية رضي الله عنه يخطب في المسلمين كل جمعة حتى كبر سنه وسقطت ثنيته فتوقف عن الخطابة مخافة تشوه مخارج الحروف عنده!

هيكل لم يسأل نفسه كيف يمكن لخلفاء المسلمين أن يضيّعوا ركنين عظيمين من أركان الإسلام، ويذهبوا إلى فرض آخر وهو الجهاد، حيث تجاوزت الفتوحات في عهد بني أمية 10 ملايين كيلومتر مربع، من شرق الصين إلى جنوب فرنسا.

وما معنى الفتوحات؟!

معناه انتشار الإسلام بكل قيمه وتعاليمه وأركانه ومعابده، ومنظومته الشاملة القادمة من وحي السماء وسنة الرسول الأعظم، فكيف يكون قادة هذه التعاليم هم أول المخالفين لها؟!.

‏يعرف زملائي وأصدقائي المقربون إنني شديد التعصب للأستاذ هيكل، قرأت كل كتبه، واستمعت لكل محاضراته، ولخصت جميع حلقات "مع هيكل" من الجزيرة، وكنت معجباً به إلى حد الغرام.

أزور القاهرة منذ 25 سنة، وبشكل دائم أمر من تحت العمارة التي فيها مكتبه، في العمارة المعروفة شعبياً باسمه على النيل، ولم أفكر يوماً في طلب مقابلته، رغم أن يمنيين كثر قابلوه، وكان طيباً بشوشاً معهم، وعدم رغبتي في مقابلته مردها إلى أنني إذا قابلته لدقيقة واحدة سأعتب عليه تشيعه، أو على الأقل تسويقه للتشيع الإيراني، فهذا الرجل كان من أهم المسوقين للشيعة في مصر والعالم العربي، صداقته الحميمة مع الخميني منذ التقاه في فرنسا، إلى طهران، إلى تشيعه لشيعة العراق، إلى صداقته العميقة مع حسن نصـ.رـالله، وزيارته المتكررة لضاحية بيروت، وثنائه الدائم على الخـ.ـميـ.ـنيـ وما قدمه للعرب!.

نعم. لا تتعجبوا هيكل معجب بما قدمه الـ.ـخـ.ـميني للعرب!.

وينقل عن ـالخمينـ.ـي قوله: ماذا يريد مني العرب أكثر مما قد فعلت لهم، لقد جعلت اللغة العربية هي اللغة الرسمية الثانية في البلاد، وجعلت مكتب السفارة الإسرائيلية في طهران مقراً للسفارة الفلسطينية!!.

بهذه السطحية والإسفاف يقدم لنا هيكل الوجه البريء للخميني!

هيكل يعرف أن لا أحد في إيران يتكلم العربية ولا يطيقون العرب، ومقر السفارة الفلسطينية في طهران لم تخرج منه خطط التحرير ولا هو نقطة ارتكاز لتحرير فلسطين، هيكل أغمض عينيه ولم يقل إن إيران لم تقدم مبادرة واحدة إلى منظمة التعاون الإسلامي، ولا قدمت شيء للأمم المتحدة يخدم فلسطين، ولا حتى مدت يدها بمقترح إلى الجامعة العربية من أجل قضية الشعب الفلسطيني.

‏الحقيقة تقول شيئاً غيره غير هذا، تقول: إن الخـ.ـمينيـ.ـ أرسل طائرته الخاصة إلى القاهرة محملة بعشرات آلاف الوثائق المتعلقة بـ"حلف بغداد" وقدمها هدية للأستاذ هيكل، عقب سرقته لثورة الشعب الإيراني في فبراير 1979!.

هيكل ليس متديناً على الاطلاق، لكن صدمتنا به قاسية ومؤلمة، من حيث تبنيه للسردية الشيعية للأحداث، في التاريخ وفي الحاضر، وهذا التبني يذهب به أحياناً إلى تقديم الجزئيات العارضة بصورة ساخرة من أعداء الشيعة، ومن سيكون أعداء الشيعة غير أهل السنة؟!.

خذوا هذه الجزئية التافهة، يقول هيكل: مرة وأنا في السعودية كنت ضيفاً على الملك فيصل على الغداء، فناولني لحم جمل، فأعتذرت وقلت له: جلالة الملك لا استطيع أن اتخيل نفسي آكل لحم جمل، صحيح في الخمسينيات كنت في كوريا وأكلت لحم فيل، لكن لا استطيع اتخيل نفسي آكل لحم جمل!

هل هناك إسفاف أكثر من هذا؟!

لحم الجمل هو لحم "حاشي" أي الجمل الصغير وهو من ألذ اللحوم، وأقلها ضرراً نظراً لقلة الكوليسترول الضار فيه، لكن هيكل أراد تقديم السعوديين بصورة الصحراوي المتوحش الذي يأكل لحم الجمل، ناسيا أنه بفعله هذا أحل المحرم وحرم المحلل!! لن أتناول طريقة سرده للأحداث في العراق وما حل به، عقب الاحتلال الامريكي في مارس 2003، فكل ما حدث للعراق من وجهة نظر هيكل سببه العرب "الخليج تحديداً" أما إيران فهي أشبه بالأحزاب الخضراء المعنية بحماية البيئة.

في مطلع الألفية الثالثة، اعترف هيكل بفضيحة أخرى فعلها هو بحق العرب والمسلمين، حين استقبل الرئيس الإيراني محمد خاتمي في مكتبه بالقاهرة، وبحسب كلام هيكل فقد رتب لخاتمي حفل استقبال في منزله الريفي في برقاش، بحضور 25 شخصاً انتقاهم هيكل من بين ألمع المؤثرين والأكاديميين والمثقفين والسياسيين والإعلاميين المصريين، الذين سيتولون صياغة الرأي العام، وتوجيه دفته نحو التشييع، وتقديم الوجه النقي لإيران!.

هيكل الذي شنّعَ ببطل الحرب والسلام فخامة الرئيس السادات، وقدح حتى في مصريته، لم يغضب، بل لم يقل إن إيران سمّت شارعاً في عاصمتها باسم خالد إسلامبولي قاتل السادات. فهل كان اقتراب هيكل من إيران جزء من حربه على الرئيس الشهيد محمد أنور السادات رحمه الله.

هيكل لم يترك فرصة ولا مناسبة ولا لحظة إلا ونال فيها من دول الخليج كلها، وتحديداً السعودية، خدمة لإيران، في موازاة ذلك كان يردد دائماً: "أنا مش شايف أي خطر قادم من إيران، وقبل أن تحدثوني عن خطر الهلال الشيعي حدثوني عن خطر النجمة الإسرائيلية"!.

قال ذلك وهو المدرك المتعمق لعمق التحالف الإيراني الإسرائيلي وواحدية مشروعيهما في البلاد العربية منذ قديم الزمان، حيث لم يسجل التاريخ أي تصادم بين الفرس واليهود، بل كان اليهود هم الأقرب إلى الفرس، منذ 4000 سنة، وصولا إلى فضيحة "إيران جيت" وتزويد إسرائيل لإيران بالطائرات والصواريخ والقاذفات المتطورة أثناء حربها مع العراق مطلع ثمانيات القرن الماضي، ولاحقاً تقاسم العراق بعد سقوط نظام صدام، وإبادة أهل السُنة فيها!.

أعيد ما بدأت: أنا محب لهيكل ومتعصب له، وهذا هو أبرز عيب أدونه عليه، ولن أتطرق إلى عيوب أخرى، كخذلان رفاقه في سجون ناصر، وفي مقدمتهم الأخوين مصطفى أمين وعلي أمين، والشاعر أحمد فؤاد نجم، والكتابة عن الموتى وعدم مواجهتهم بما يكتنزه من معلومات ووثائق، ما يعني تزوير التاريخ أو روايته بعين واحدة!.

موضوعات متعلقة