”بين اعتقالات الموظفين ونهب المساعدات.. لماذا وصلت الأزمة الإنسانية في اليمن إلى نقطة الانهيار؟”

في تطورٍ بالغ الخطورة يُهدِّد ملايين اليمنيين بالمجاعة، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الأربعاء، تعليق شحنات الغذاء وتوزيعها في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين شمالي اليمن، وذلك عقب استيلاء المتمردين على مستودع تابع للبرنامج في محافظة صعدة، ونهب مساعدات غذائية تقدر قيمتها بنحو 1.6 مليون دولار، وفق ما نقلته وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤولين أمميين.
الاستيلاء على المساعدات وتصعيد التعقيدات
أكد كارل سكاو، نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ومدير العمليات، أن جماعة الحوثيين استولت منتصف مارس الماضي على مستودع يحتوي على مساعدات غذائية مخصصة للأسر الأكثر احتياجًا، ما دفع البرنامج إلى وقف أنشطته الإغاثية في تلك المناطق "حتى إشعار آخر".
وقال سكاو في تصريحاتٍ حادة: "لا يمكننا الاستمرار في بيئة عمل غير آمنة، ولا قبول احتجاز زملائنا أو موتهم في السجون، ولا التغاضي عن نهب مواردنا"، مشيرًا إلى أن الأزمة الإنسانية تصل إلى مستويات غير مسبوقة، مع تفاقم انعدام الأمن الغذائي لنحو 17 مليون يمني، أي ما يعادل نصف السكان.
خلفية الأزمة: اعتقالات ووفيات
كان البرنامج قد علّق عملياته في صعدة فعليًا منذ فبراير الماضي، إثر اعتقال الحوثيين عددًا من موظفيه وموظفي الأمم المتحدة، إلى جانب وفاة أحد العاملين أثناء احتجازه.
ورغم محاولات استئناف العمل على نطاق محدود، فإن استمرار الاعتداءات دفع المنظمة الأممية إلى اتخاذ قرار "صعب" بشن الإمدادات.
مفاوضات معلَّقة ومخاوف من انهيار أوسع
أوضح سكاو أن البرنامج يسعى للحصول على إذن من الحوثيين لتوزيع المواد الغذائية المتبقية في مستودعات أخرى، مشيرًا إلى أن استئناف المساعدات لنحو 3 ملايين شخص في الشمال مرهون بالإفراج عن الموظفين المعتقلين.
في المقابل، تواصل المنظمة تقديم المساعدات في المناطق الجنوبية الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليًا، مستهدفة نحو 1.6 مليون شخص، لكنها تواجه تحديات مالية بعد خفض الولايات المتحدة تمويل برامج الطوارئ، ما دفعها إلى تسريح 200 موظف مؤقتًا (40% من كوادرها باليمن).
مؤشرات كارثية: جوع وانهيار اقتصادي
تشير تقارير حديثة للبرنامج إلى أن 62% من الأسر اليمنية باتت عاجزة عن تأمين الغذاء اليومي، وسط انهيار العملة المحلية وارتفاع أسعار المواد الأساسية.
وتتفاقم الكارثة مع تقلص الدعم الدولي، حيث حذّر سكاو من أن "الصمت الدولي يُفاقم معاناة المدنيين".
خلفية الأزمة: حرب مستمرة منذ 9 سنوات
تدخل الأزمة الإنسانية في اليمن عامها العاشر، إذ تشهد البلاد حربًا مستعرة منذ 2014 بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي، وجماعة الحوثيين المدعومة من إيران، والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من الشمال.
وتسببت الحرب في أسوأ أزمة إنسانية عالمية، وفق الأمم المتحدة، مع تدمير البنية التحتية وانهيار النظام الصحي وانتشار الأوبئة.
نداءات دولية ومستقبل غامض
في ظل غياب مؤشرات على حل سياسي قريب، تدعو منظمات إغاثة إلى ضغط دولي لإعادة فتح الموانئ والمطارات وضمان وصول المساعدات دون عوائق.
إلا أن المشهد يبقى مرهونًا بتحركات المجتمع الدولي الذي بدأ، بحسب مراقبين، في تحويل أنظاره عن اليمن نحو أزمات أخرى، تاركًا ملايين المدنيين في مواجهة مصير مجهول.