السبت 26 أبريل 2025 09:48 مـ 28 شوال 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

الهند على مفترق الهوية.. خطر اجتثاث الإسلام يتصاعد

الإثنين 21 أبريل 2025 07:15 صـ 23 شوال 1446 هـ
المسلمين في الهند
المسلمين في الهند

لم يعد الخطر الذي يواجه مسلمي الهند اليوم مجرد ضغوط سياسية أو احتكاكات دينية، بل تحوّل إلى مشروع منظم يهدف إلى اجتثاث الهوية الإسلامية التي عاشت في شبه القارة لأكثر من 1300 عام. من أروقة التعليم إلى ساحات القضاء، ومن الإعلام إلى الشوارع، تتكشّف ملامح خطة تهدف لتغيير وجه الهند الحضاري. فهل ستشهد البلاد اندثار حضارة عريقة على غرار ما جرى في الأندلس؟

جذور الصراع: من ثورة 1857 إلى مودي

يعود تاريخ الاستهداف الإسلامي في الهند إلى ما بعد فشل ثورة 1857 التي قادها المسلمون ضد الاستعمار البريطاني، حيث جرى تفكيك المؤسسات الإسلامية، ومصادرة الأوقاف، وإقصاء المسلمين من مفاصل الدولة. غير أن الخطر الحقيقي بدأ مع صعود حزب بهاراتيا جاناتا القومي بزعامة ناريندرا مودي، الذي استغل الخطاب الديني لصناعة مشروع "الهند الهندوسية"، مستهدفًا طمس التنوع الديني والثقافي في البلاد.

ملامح المشروع القومي الهندوسي

ما يجري اليوم ليس مجرد تمييز ديني، بل خطة محكمة لإقصاء المسلمين عبر أدوات متنوعة، أبرزها:

القوانين الإقصائية: مثل قانون الجنسية المثير للجدل الذي يحرم المسلمين من حقوقهم القانونية.

تحريف المناهج التعليمية: لإقصاء المساهمات الإسلامية من تاريخ الهند وترويج السردية الهندوسية.

الاعتداء على الرموز الدينية: كما في قضية مسجد بابري، وتهديد مواقع إسلامية أخرى مثل مسجد غيانفابي.

التحريض الإعلامي: حيث يُصور المسلمون كخطر أمني ووبائي ووطني.

المقاطعة الاقتصادية: حملات علنية لمنع المسلمين من العمل في الأسواق والمناسبات.

العنف الممنهج: بدعم غير مباشر من السلطات، كما في مذابح غوجارات عام 2002.

هل يكرر التاريخ نفسه؟ شبح الأندلس يلوح من جديد

الدكتور ظفر الإسلام خان حذّر في أحد لقاءاته من تكرار سيناريو الأندلس، حيث بدأ الاستهداف ثقافيًا، قبل أن يتحول إلى مذابح وتهجير قسري. والهند اليوم تسلك طريقًا مشابهًا، بتهميش اللغة، وتصفية الرموز، وتشويه الهوية. فهل تكون النتيجة مماثلة؟

مواجهة حضارية شاملة.. لا بد من استراتيجية

أمام هذا المشروع الإقصائي، تبرز الحاجة إلى مقاومة استراتيجية تشمل:

1. إيقاظ الوعي الجماعي داخل المجتمع المسلم.

2. تعزيز العمل القانوني والحقوقي لفضح الانتهاكات محليًا ودوليًا.

3. تنشيط الإعلام الإسلامي الوطني للدفاع عن الرواية التاريخية والحالية.

4. التمسك بالهوية الإسلامية والحفاظ على اللغة والتعليم الديني.

5. التحالف مع الأقليات الأخرى لبناء جبهة دفاع عن التعددية.

6. تفعيل الضغط الدولي عبر الجاليات ومنظمات حقوق الإنسان.

7. إعداد جيل جديد واعٍ ومثقف قادر على قيادة المواجهة الحضارية.

بين الأمل والخطر.. المستقبل يصنع الآن

المعركة لم تُحسم بعد، والتاريخ لم يُكتب بالكامل. فالمسلمون في الهند قادرون على حماية هويتهم، إذا أدركوا أن المعركة اليوم ليست معركة فقه أو مذهب، بل صراع على الوجود ذاته. كما لم تسقط الأندلس في يوم، فإن إنقاذ ما تبقى من التنوع في الهند يبدأ اليوم، بخطوات استراتيجية وإرادة موحدة.