scrollTop

exclusive
 انفجار صامت بالعراق.. الكتل الشيعية تقاطع الانتخابات البرلمانية

التيار الصدري أعلن مقاطعة الانتخابات البرلمانية العراقية (رويترز)
التيار الصدري أعلن مقاطعة الانتخابات البرلمانية العراقية (رويترز)
verticalLine
fontSize
هايلايت
  • رئيس مركز بغداد للدراسات الإستراتيجية: المقاطعة ستعيد القوائم الشعبية إلى الواجهة.
  • المتحدث باسم ائتلاف النصر: قاطعنا لأن الساحة الانتخابية تحولت إلى سوق لبيع المرشحين.
  • كاتب وصحفي: المقاطعة هي احتجاج واعي على غياب الديمقراطية.
  • ناشطة مدنية: المقاطعة ليست حلاً والانتخابات وجه للديمقراطية.

تزاداد قضية الانتخابات البرلمانية العراقية تعقيداً يوماً بعد يوم، وكلما اقترب موعدها المرتقب في 11 نوفمبر المقبل، ارتفعت حدة الخلافات بين الكتل السياسية، وتباينت مواقفها بين من يدعو للمشاركة ومن يطالب بالمقاطعة، وفي آخر تطور على الساحة الانتخابية، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مقاطعته التامة، ولحقه ائتلاف النصر بقيادة رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي. بينما تستمر التحركات المدنية وسط الشارع العراقي للدعوة لعدم المشاركة في الانتخابات ومقاطعتها بشكل كامل.

ويمتلك التيار الصدري قاعدة جماهيرية واسعة، ويمنح قراره بالمقاطعة فرصة للأحزاب والكتل السياسية الأخرى للوصول السريع إلى مقاعد البرلمان كما حدث سابقاً، بينما يؤكد ائتلاف النصر انسحابه من الانتخابات ليفتح خارطة جديدة للتحالفات السياسية خلال الفترة الحرجة التي أعلنت فيها المفوضية العليا للانتخابات إغلاق باب استقبال الطلبات والبدء بتدقيق بيانات المرشحين.

وتأتي الدعوة لمقاطعة الانتخابات من التجربة الانتخابية السابقة للعراقيين في العام 2021، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 44% من أصل 22 مليون ناخب يحق لهم الإدلاء بأصواتهم، ويرجع مراقبون ذلك إلى غياب الشفافية بين الشارع العراقي والمسؤولين السياسيين، وانتشار الفساد وتراجع مستوى حياة المواطن يوماً بعد يوم، في بلاد تزخر بثروتها النفطية وموقعها الإستراتيجي.

الصدر يقاطع الانتخابات

ودعا الصدر في رسالته التي نشرها عبر حسابه على موقه "إكس" إلى تسليم السلاح للدولة العراقية، وحل الميليشيات، وتقوية الجيش والشرطة واستقلال القرار العراقي. وكتب: "مقاطعون".

وعن ذلك يقول رئيس مركز بغداد للدراسات الإستراتيجية مُناف الموسوي لمنصة "المشهد": "جاءت رسالة مقتدى الصدر، بعد محاولات عدة من بعض الكتل السياسية معه للرجوع عن قراره والمشاركة في الانتخابات، لأنها ترى أن مقاطعته لانتخابات 2021 أحدثت إرباكاً للمشهد السياسي العراقي، وأفقدت العملية السياسية جزءًا كبيرًا من شرعيتها، ما قد يؤدي إلى تراجع كبير في مشاركة الناخبين وتقليل نسبة المشاركة، وعودة الأغلبية الصامتة لتخيّم على انتخابات نوفمبر 2025. مادفع الصدر لتأكيد مقاطعته التامة عبر هذه الرسالة".

ويوضح الموسوي أنه في المقابل تشعر بعض الكتل السياسية الأخرى بالرضا عن عدم مشاركة الصدر، مما سيسمح لها بزيادة عدد مقاعدها في البرلمان، باعتبار أن هذه الكتل والزعامات تعتمد على الخلل داخل الدستور الانتخابي الذي لم يشر بشكل واضح إلى النسبة المحددة للمشاركة التي تعطي الانتخابات شرعيتها بل تركها مفتوحة، بالتالي ستتمكن هذه الكتل من إعادة إنتاج نفسها من جديد.

وتابع "لكن بالمحصّلة الجميع يعلم أن نتائج هذه المقاطعة قد تؤدي إلى عودة القوائم الشعبية إلى الحراك الشعبي وظهور صوت الناخب العراقي الرافض لعودة الوجوه ذاتها، وقد نشهد تظاهرات واعتصام ورفض لنتائج الانتخابات وللأداء السياسي، مما قد يُجبر هذه الكتل الفائزة على تقديم بعض التنازلات".

العبادي يقاطع الانتخابات

وبعد تأكيد التيار الصدري مقاطعته، أعلن ائتلاف النصر انسحابه من الترشّح، ليصبح ثاني ائتلاف شيعي يقاطع الانتخابات، احتجاجاً على ما أسماه المال السياسي وغياب الضوابط التي يمكنها تنظيم العملية الديمقراطية، وجاء في بيانه: "ائتلاف النصر يرفض إشراك مرشحيه بانتخابات تقوم على المال السياسي وتفتقد إلى الحزم بفرض الضوابط القانونية المانعة للتلاعب وشراء الأصوات وتوظيف المال الأجنبي واستغلال موارد الدولة".

ويقول المتحدث باسم ائتلاف النصر الدكتور سلام الزبيدي لمنصة "المشهد": "نعتقد أن الكثير من الأوساط السياسية والشعبية وحتى الإعلامية فوجئت بقرارانا بالانسحاب قبل فترة بسيطة من إغلاق باب الترشيح من قبل المفوضية العليا للانتخابات، ظناً منهم أن القرار غير مدروس، لكن نحن نؤكد أننا منذ قررنا المشاركة كان خيار الانسحاب مطروحاً".

وأضاف الزبيدي "منذ دخولنا في تحالف قوى الدولة الوطنية (تحالف يضم كتلة عمار الحكيم وكتلة حيدر العبادي) وضعنا عدة خيارات من ضمنها الانسحاب، بناءً على المعطيات التي أوصلتنا إلى هذا القرار، والهواجس التي رافقت عملنا بالبحث عن مرشحين، وكذلك صعوبة تحقيق هدفنا بالدخول بمنافسة حرة نزيهة عادلة مع القوى السياسية، لإصلاح النظام الانتخابي ومنع الفاسدين من استغلال الانتخابات".

وتابع "لمسنا خلال مشاركتنا أن المال السياسي هو الذي يتحرك، والنفوذ والسلطة هي من تسيطر على مجريات البحث عن مرشحين، لذلك من باب الحفاظ على شرفنا الوطني ومشروعنا الذي انتهجناه قررنا الانسحاب، فالساحة الانتخابية تحوّلت إلى سوق لشراء المرشحين والوصول إلى المقاعد، في ظل غياب المشروع الوطني الحقيقي".

وقال "وصل سعر بعض المرشحين إلى مليون دولار أميركي فقط لينتقل من كتلة إلى أخرى، عداك عن الأموال التي ستخصص لحملته الانتخابية وشراء الأصوات".

وأكد الزبيدي أن ائتلاف النصر لا يدعو إلى المقاطعة، لأنه ما زال يؤمن بأهمية الانتخابات لتحقيق المسار الديمقراطي، لكنه لن يشارك فيها إلا من خلال تحالف القوى الوطنية وسيدعم بعض المرشحين الذين يثق بهم، واختبرهم عن قرب من خلال عملهم في ائتلاف النصر، عسى ولعل أن يكون لهم وجود ولو قليل يساهم في إصلاح المنظومة ككل.

وعن نسبة المشاركة، قال "نتوقع أن المشاركة الشعبية ستكون ضئيلة جداً، إضافة إلى أن الطبقة الرمادية أيقنت أن المقاعد مفصّلة على مقاس الكتل المتنفذة، لذلك نقول إنه من غير المعقول أن تكتسب الانتخابات شرعيتها بنسبة مشاركة ضئيلة وعدد من الناخبين قليل، خصوصًا أن 80% رافضة لهذه العملية السياسية، منطقياً شرعيتها غير مكتملة رغم شرعيتها دستورياً".

القوى المدنية

وبعد الصدر والنصر، ظهرت بعض القوى المدنية التي تدعو لمقاطعة الانتخابات، في مقدمتها ناشطين عراقيين كان لهم دور في انتفاضة تشرين 2019 (تظاهرات اندلعت في بغداد ومدن الجنوب احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفساد المالي والإداري) عن ذلك يقول الكاتب والصحفي منتظر ناصر: مقاطعة الانتخابات بالنسبة للناشطين المدنيين ليست انسحاباً من العمل السياسي، بل احتجاجاً واعياً على غياب البيئة الديمقراطية السليمة، والعدالة في التنافس السياسي، لأسباب عديدة أبرزها:

  • هيمنة السلاح الخارج عن يد الدولة وتفوّقه على صناديق الاقتراع، الأمر الذي يفقد الانتخابات جدواها كوسيلة للتغيير السلمي، في ظل عدم تفعيل قانون الأحزاب الذي يعاقب الأحزاب المسلحة بالحل.
  • انتشار المال السياسي وشراء الذمم، أحد مظاهر الفساد الديمقراطي، إذ تُستخدم الموارد العامة والثروات المنهوبة في شراء الأصوات والذمم والولاءات، خصوصاً في المناطق الفقيرة والمحرومة.
  • التفسير السياسي لمفهوم "الكتلة الأكبر" والتلاعب فيه، ما يُخضع تشكيل الحكومة، لمزاجات تتوافق مع موازين القوى لا مع النص الدستوري.
  • خضوع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لأحزاب السلطة، ما يشكك في حياديتها بالنظر إلى تركيبتها السياسية وانتماء أعضائها لأحزاب متنافسة في الانتخابات ذاتها.
  • فشل العملية السياسية برمتها في تقديم نموذج حكم ناجح، يُسهم في بناء مؤسسات الدولة، ويُرسي معايير مهنية لاختيار الشخصيات المناسبة للمواقع والمناصب الحكومية.

وفي سياق متصل، يرى ناشطون عراقيون أن مقاطعة الانتخابات ليست الحل الأمثل، ولا يمكن تصحيح الخطأ بخطأ أكبر، وعن ذلك تقول الناشطة ثناء الكناني لمنصة "المشهد"، إن معظم منظمات المجتمع المدني التي تدعو الناس للمقاطعة لا تمتلك وعيًا سياسيًا، وبعضها تابع لأحزاب متنفذة تدعم المقاطعة لركوب دوامة الصمت التي ستنتج بقاء أصوات ناخبيهم. مضيفةً: المقاطعة ليست الخيار الأصح، لأن الانتخابات صورة من صور الديمقراطية والصندوق هو الحكم.

ويوافق الكناني في رأيها، الأمين العام لتيار "قضيتنا" بشير الحجامي، الذي يقول إن الانتخابات رغم غرقها بالفساد، إلا أنها الحل الآني لمستقبل العراق بالتغيير، ومقاطعتها يعني تثبيت المفسدين، لذلك قررنا أن نشارك فيها بقوة، نحن ندرك أن التغيير الكلي غير متاح حتى وإن كان تغييراً بالقوة، إذا لنذهب إلى الانتخابات ونغيّر تغييراً جزئياً بسيطاً أفضل من المقاطعة. 

تعليقات
سجّل دخولك وشاركنا رأيك في الأخبار والمقالات عبر قسم التعليقات.