القفز من المنبر إلى السلطة!

ممكن أن تحفظ عدة سور من القرآن الكريم، ومجموعة من أحاديث النبي، وقصص من عصر الصحابة، ومرويات مذهبية، وأكاذيب طائفية، من عصر قريش. وبسهولة ممكن أن تدفعك تلك القصص لتصبح بين يوم وليلة خطيب مسجد. ومن منبره، يمكنك أن تحن وترعد، وتتمكن ببساطة أن تثير الأحقاد والنعرات بين الناس، وتهيج مشاعر البسطاء ضد الدولة، بالعزف على أوتار كثيرة؛ كالفساد والغلاء ومخالفة الشرع، والمظلوميات.
حتى وبسهولة وفي ساعة، يمكنك أن تقفز من المنبر إلى كرسي السلطة، إن حصلت على وزلي من مشجرك السلالي، أو من حزبك الإسلامي، يسهل العملية.
ولكن وما أن تصل إلى ذلك الكرسي، حتى تظهر حقيقتك وخيبتك، فهناك لن تستطيع أن تتحول إلى رجل دولة؛ بقليل مرويات مذهبية، وبأساليب فهلوية، لأن عقلك مُتشبع فقط بقصص الدين المُسيسة، وبخلافات عصر قريش، وبتناقضات المذاهب، وبمقولات كاذبة عن الدين والنبي، وسيكتشف الجميع أنهك لا تمتلك خبرة أو دراية؛ بتسيير وإدارة مؤسسات الدولة، أو أنك قادر ومقتنع بخدمة الناس بعيدا عن ترسبات الدين والمذهب والطائفة، التي رضعتها مع حليب أمك.
الدولة لها رجالها وقادتها وكفاءاتها، فليس من نجح في نشر الشر من جامع الحشوش يصلح لبث الخير من وزارة الصحة، وهذا ينطبق على كل وعاظ الإسلام السياسي. فلا شيء دمر دولتنا إلا تسخير المنبر لأجل السلطة، وتوظيف السلطة لكسب المنبر.