الأحد 27 أبريل 2025 04:43 مـ 29 شوال 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

تفكيك الورطة الكبرى

السبت 1 يونيو 2024 12:19 مـ 25 ذو القعدة 1445 هـ


إسرائيل تواجه ورطة كبيرة بعد السابع من أكتوبر 2023 لأسباب عدة، أبرزها أنها عادت لتقع في مستنقع غزة بعدما انسحبت منه هرباً عام 2005 زمن آرييل شارون من دون أن تمتلك رؤية لتلك العودة للمستنقع ذاته الذي بات اليوم أكثر عمقاً واتساعاً.

تصريحات خالد مشعل زعيم "حماس" تؤكد أن الحركة بخير وتعيد تموضع قواتها في كامل أراضي قطاع غزة، وهي بصدد إلحاق الهزيمة بإسرائيل وتفكيك المشروع الصهيوني.

وبينما يقول خامنئي باقتراب تحرير فلسطين من النهر إلى البحر تتجاوز أرقام الضحايا المدنيين 120 ألفاً بين قتيل وجريح، ولم تعد غزة إلا مدينة أشباح دمر أكثر من 70 في المئة من منشآتها، وهي تدمي بصورة يومية جراء حرب إسرائيلية انتقامية مستمرة ضد القطاع للشهر الثامن، ومرشحة للاستمرار لأشهر عدة أخرى لأن إسرائيل باتت حبيسة رؤية اليمين المتطرف للتهجير والتصفية العرقية للفلسطينيين.

ولا يحرك موت آلاف ساكناً عند قيادات "حماس"، سواء تلك التي في الخارج أو في الأقبية والأنفاق، في غزة المذبوحة من الوريد إلى الوريد، وهم يواصلون مشروع النصر الوهمي فوق أشلاء أهلهم.

وتعيش العواصم العربية الكبرى المأساة الفلسطينية وهي تسابق الزمن لحشد الإجماع الدولي للإبقاء على وهج حل الدولتين وقطع الطريق على تجار الحروب وبائعي الوهم.

صدى الكلمة التاريخية التي ألقاها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في "قمة البحرين" تتردد على مسامع البشرية وهو ينادي بوقف فوري لهذه المجزرة، مؤكداً تخادم المشروع الإسرائيلي مع المشروع الإيراني من خلال تكريس الفصل بين الضفة والقطاع للحيلولة دون قيام دولة فلسطينية مستقلة، ومذكراً بأن رفض "حماس" المتكرر لإنهاء الانقسام الفلسطيني ورفض الانضواء تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية ما هو إلا طرف من هذا التخادم المذل للمشروع الإيراني، الذي أوصل إلى السابع من أكتوبر (تشرين الأول)2023، ووفر مزيداً من الذرائع والمبررات لإسرائيل كي تمعن في القطاع قتلاً وتدميراً.

إستراتيجية الدول العربية المؤثرة التي تقودها اليوم السعودية وتتبناها كل القوى المحبة للسلام في العالم تقوم على قاعدة الوقف الفوري للحرب، وانسحاب إسرائيل من القطاع ورفض التهجير للفلسطينيين وتمكين "منظمة التحرير الفلسطينية" من صلاحياتها السيادية والحصرية في إدارة ملف المفاوضات، وتفويض مجلس الأمن لقوات حفظ سلام في غزة وتمكين المؤسسة الأمنية الفلسطينية من تولي مهماتها في غزة تحت سقف سلطة واحدة وسلاح واحد وقانون واحد، والشروع في مفاوضات تقوم على أساس إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، والبحث في تطوير هيكلية أمنية إقليمية لضمان أمن فلسطين وإسرائيل.

الإستراتيجية العربية تنتصب في وجه رؤية العنف المنفلت التي جربت خلال الـ70 عاماً الماضية، وهي رؤية عدمية تؤمن بأنها باتت قاب قوسين أو أدنى من رمي الإسرائيليين في البحر، وتقول إن إسرائيل باتت تحت ضربات "حماس" دولة مفككة منهكة تسير بقوة نحو الاضمحلال والانحلال، وأن النصر صبر ساعة ولا بأس في مزيد من التضحيات لأن فلسطين ولادة، وباتوا متيقنين من قيام دولة الخلافة الحمساوية فوق أرض فلسطين، كل فلسطين من النهر إلى البحر.

الورطة تحت المجهر

تحدث عالم السياسة البروفيسور الأميركي جون ميرشيمر في محاضرة له أخيراً، حملت عنوان "لماذا إسرائيل في ورطة كبرى؟" عن التحولات الجذرية التي شهدها الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر2023، وأثرها في مجمل الأوضاع في المنطقة، وأوضح أن الشرق الأوسط قبل السابع من أكتوبر2023 كان ينظر إليه على أنه منطقة مستقرة نسبياً، لكن الأحداث التي جرت في ذلك اليوم قلبت الأمور رأساً على عقب وأدت إلى تعقيدات مستقبلية لا يمكن التنبؤ بها بسهولة.

شرح الدكتور ميرشيمر الوضع في غزة والصراع بين إسرائيل وحركة "حماس" من منطلق فهمه لما سماه "إسرائيل الكبرى" التي تسيطر على كل الأراضي بين النهر والبحر وتشمل الضفة والقطاع، موضحاً أنه يوجد في هذه المناطق نحو 7.3 مليون فلسطيني في مقابل 7.3 مليون يهودي إسرائيلي، مما يخلق توازناً ديموغرافياً يطرح تحديات سياسية وأمنية كبيرة لإسرائيل.