تحليل تقني يكشف زيف رواية الحوثيين حول الضربة الأمريكية في الحديدة عام 2025

في تطور لافت يسلط الضوء على استغلال التقنيات الحديثة في كشف الحقائق، استند الأكاديمي والباحث المختص في الاستشعار عن بعد عبدالقادر خراز إلى تحليل دقيق للصور الفضائية وتقنية الانعكاسات الطيفية الكهرومغناطيسية لتقديم رؤية مغايرة تمامًا للرواية التي ساقتها مليشيا الحوثي حول الضربة الأمريكية الأخيرة في منطقة الفازة بمحافظة الحديدة.
وأكد خراز أن التحليل الأولي للصور يشير إلى أن الضربة لم تستهدف اجتماعًا قبليًا كما تدعي المليشيا، بل كانت تستهدف نشاطًا عسكريًا كان الحوثيون يجهزون له.
منهجية التحليل: تقنية متقدمة لكشف المستور
اعتمد خراز في منهجيته على جمع وتحليل صور وفيديوهات سابقة لأنشطة الحوثيين العسكرية، بالإضافة إلى دراسة دقيقة للفيديو الذي بثته القيادة المركزية الأمريكية حول الضربة.
وركز الباحث بشكل خاص على استخدام تقنية "التحليل الظاهري للانعكاس الطيفي" (Spectral Reflectance Analysis) و"التباين الهيكلي" (Structural Contrast) لتحديد العناصر المتواجدة في الصور ومقارنتها مع بيانات سابقة.
وأوضح خراز أن هذه التقنيات تعتمد على دراسة كيفية انعكاس الأشعة الكهرومغناطيسية المختلفة على مواد معينة، مما يمكن من تحديد طبيعتها بدقة.
وأوضح أن هذا النهج العلمي يتيح فهمًا أعمق للمشاهد المرئية التي قد تبدو غير واضحة أو غامضة للعين المجردة.
اكتشاف العنصر المشترك: أدلة تشير إلى وجود معدات عسكرية
أحد أبرز ما كشف عنه تحليل خراز هو وجود عنصر مشترك باللون الأبيض يظهر عند كل شخص في صورة الضربة الأمريكية (المعروفة باسم "الصورة رقم 1").
وأشار الباحث إلى أن هذا العنصر يظهر بنفس اللون والحجم تقريبًا عند شخصين يخرجان وهما يحملان تجهيزات تفجير في فيديو سابق للحوثيين تم تصويره في منطقة صرواح عام 2023 (الصورة رقم 2).
وقال خراز: "وجود هذا العنصر المشترك يشير بقوة إلى أن هذه المعدات هي أدوات تفجير".
وأضاف أن نفس العنصر ظهر أيضًا في مقاطع فيديو أخرى نشرتها مليشيا الحوثي خلال السنوات الماضية، حيث يُعتقد أن هذه الأدوات تُستخدم في تصنيع العبوات الناسفة وزراعة الألغام.
شخصية محورية: إشارات على دور قيادي
لاحظ الباحث أيضًا وجود شخص في وسط صورة الضربة يحمل نفس العنصر ويبدو أنه يعطي تعليمات للآخرين، ما يشير إلى أنه قد يكون القائد المسؤول عن العملية.
وأوضح أن هذا الدليل يعزز الفرضية التي تقول إن المجموعة المستهدفة كانت تستعد لتنفيذ عمل عسكري، سواء من خلال التفجير أو زراعة الألغام.
استنتاجات أولية: ضربة تستهدف نشاطًا عسكريًا
على ضوء هذه الاكتشافات، استنتج خراز أن الضربة الأمريكية استهدفت فعلاً نشاطًا عسكريًا وليس اجتماعًا قبليًا كما تدعي مليشيا الحوثي.
وقال: "التحليلات الأولية باستخدام تقنية الانعكاس الطيفي والتباين الهيكلي تدعم بقوة فرضية أن هذا الموقع كان مركزًا لتحضير عملية عسكرية، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول الروايات المتضاربة التي تقدمها المليشيا".
دعوة للتحلي بمزيد من الشفافية
في ختام تصريحاته، دعا خراز الجهات المعنية إلى الاستمرار في تحليل البيانات المتاحة لتعزيز الفهم حول ديناميكيات الصراع في اليمن.
وأكد أن استخدام التقنيات الحديثة مثل التحليل الطيفي يمكن أن يكون أداة فعالة في كشف الحقائق وتفنيد الروايات الزائفة التي تهدف إلى تضليل الرأي العام.
الأبعاد السياسية والإنسانية
تأتي هذه الدراسة في وقت حساس للغاية، حيث تتصاعد التوترات في المنطقة بين الولايات المتحدة والحوثيين.
وإذا ثبتت صحة تحليل خراز، فإن ذلك قد يعيد صياغة السرد الإعلامي والسياسي حول الضربة، مما يفتح الباب أمام نقاش أوسع حول الحاجة إلى شفافية أكبر في التعامل مع العمليات العسكرية وتبعاتها الإنسانية.