السبت 10 مايو 2025 02:16 مـ 13 ذو القعدة 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

بين مطرقة الاقتصاد وسندان السياسة: حكومة بن بريك أمام امتحان عسير في اليمن.

السبت 10 مايو 2025 09:10 صـ 13 ذو القعدة 1446 هـ

وسط أجواء سياسية واقتصادية بالغة التعقيد، بدأت الحكومة اليمنية الجديدة برئاسة سالم بن بريك مهامها، مُواجهةً تحديات وجودية تُلقي بظلال كثيفة على فرص نجاحها. ورقة تحليلية صادرة عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، أكدت أن مهمة الحكومة تبدو شاقة للغاية في ظل الانقسام السياسي العميق والتدهور الاقتصادي المتسارع، ما لم تحصل على صلاحيات كاملة ودعم مالي وسياسي حقيقيين يمكنها من تجاوز هذه العقبات.

يأتي تكليف بن بريك لقيادة الحكومة خلفًا لأحمد عوض بن مبارك، الذي استقال على خلفية خلافات حادة استمرت لشهور مع مجلس القيادة الرئاسي. هذه الخلافات أدت إلى شلل في الأداء الحكومي وغياب التنسيق الفعال بين السلطتين التنفيذية والرئاسية، مما فاقم من حدة الأزمات التي تعصف بالبلاد.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تواجه حكومة بن بريك تركة ثقيلة من التحديات، أبرزها الانهيار المريع للعملة الوطنية، حيث فقد الريال اليمني أكثر من 70% من قيمته خلال السنوات الخمس الماضية. يضاف إلى ذلك عجز متزايد في الموازنة العامة للدولة، الأمر الذي أدى إلى توقف صرف رواتب الموظفين بشكل منتظم، خاصة مع توقف صادرات النفط الحيوي للاقتصاد اليمني نتيجة للتصعيد العسكري المستمر.

وفي العاصمة المؤقتة عدن، لا تزال أزمة الكهرباء تمثل كابوسًا يؤرق المواطنين ويثقل كاهل الحكومة. فبالرغم من إنفاق الحكومة ما يقارب 600 مليون دولار سنويًا على شراء المشتقات النفطية لتشغيل محطات الكهرباء، إلا أن خدمة التيار الكهربائي لم تشهد أي تحسن ملموس، وهو ما يغذي حالة الغضب والسخط الشعبي المتزايد.

أما على الصعيد السياسي، فتواجه حكومة بن بريك معضلة كبرى في التعامل مع المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يفرض سيطرته الأمنية والعسكرية على عدن، ويتحكم بموارد مالية محلية هامة. ورغم أن المجلس شريك في كل من مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، إلا أنه يضع عراقيل متعددة أمام أداء الحكومة، ويواصل في الوقت ذاته الترويج لأجندته الانفصالية. هذا الوضع يجعل من تحقيق التوازن بين الشراكة والتصعيد أحد أصعب الملفات التي ستواجه رئيس الوزراء الجديد.

وفي سياق متصل، شددت الورقة التحليلية على ضرورة أن تُبدي الحكومة الجديدة التزامًا جادًا بدعم جهود استعادة الدولة وإنهاء انقلاب جماعة الحوثي، خاصة في ظل التطورات الإقليمية والدولية التي قد تُمهد لتغييرات جذرية في مسار الصراع السياسي والعسكري في البلاد.

وأشارت الورقة إلى أن الحكومة الجديدة قد تتمكن من تحقيق بعض التقدم الملموس إذا ما نجحت في استعادة تصدير النفط، وتنفيذ إصلاحات إدارية ومالية حقيقية تهدف إلى الحد من الفساد المستشري، بالإضافة إلى الحصول على دعم فعلي ومستدام من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

وفي الختام، أكدت الورقة أن رئيس الحكومة سالم بن بريك يقف أمام اختبار حقيقي، لا يقتصر فقط على إدارة الملفات الملحة والعاجلة، بل يمتد ليشمل إثبات قدرته على التعامل بحكمة مع واقع سياسي هش، ومؤسسات حكومية منقسمة، ومشهد إقليمي ودولي لا يحتمل المزيد من الإخفاقات في الملف اليمني.