مِن أجلي
غَنِّ الليلةَ
وافعلْ ما شِئتَ غَدا
…
فوقَ الطّاولةِ مساءٌ
يُشبهُ ما يرسمُهُ السّكرانُ
لكي يُصبِحَ عالمَهُ
يُصبحَ جزءًا منهُ
ويعودَ لِكي يمحُوَهُ
ألّا يعرفَهُ سِواه..
في جيبي
كلُّ إجاباتِ الأسئلةِ
المحبوسةِ في بالِكَ
منذُ رأيتَ فتاةً من أعلَى البلدةِ
خِفتَ عليها
وتوجّستَ على حالِكَ منها..
غنّ
وكُنْ أنت اللّحظةَ
والفكرةَ
وخيالَ العالمِ
لو فكّر
أن يُصلحَ فِعلتَهُ
. .
مَرَّ ببالي
-قبل حضورِكَ-
أن أتخيّلَني
إنسانًا
فأجرّبَ
أن أبلُغَ آخرَ ما في وسعِ الحاسةِ
أُشعلَ نارًا هادئةً
تزحفُ في العشبِ الممتدِّ
طريقًا
لخيالٍ
يحتاجُ إلى النّارِ
لكي يفتحَ عينَيه
.
ومرّ ببالي
أنّكَ تخسرُ
حين تُصدّقُ
أنّكَ يومًا ما صدّقت
تخسرُ
لو أفلتَّ يدًا
وبكَيت
تخسرُ أكثر
لو أمسكتَ بكفِّكَ كفَّكَ
أحكمتَ القبضةَ من حولِكَ
ألّا تُفلتَ ذاتُكَ مِنكْ..
.
. .
ببالي
كنتَ تمرّْ
يعسوبًا يتأرجحُ فوقَ ذراعِ الرّيحِ
وتندهُني زُرقتُهُ الشّفّافةُ
تتوسّلُ بالأُمّ الخضراءِ
لكي ألمسَها
أتَلَمّسَها
فنصيرَ سماءً
أو ماءً
عينًا زرقاءَ لبنتٍ سمراء
عرّفَها العالمُ
أنّ الفِتنةَ في عينَيها
نبَتَتْ كاللبلابةِ في دمِها
مِمّا ألقَى القاتلُ
في جُثثِ قبيلتِها
أو نصبحَ بُقعةَ حبرٍ
في صدرِ العاشقةِ وعاشقِها
سالَتْ من قصّةِ حُبٍّ
نعرفُها
فبَنَتْ ذاكرةً أكبرَ مِنهُ ومِنها
. .
ومرَرْتُ أنا في بالي
فرأيتُكْ
وأنا أخطرُ في بالِكَ
أرضًا
تُنكرُ خُضرتَها
كاسًا
خافتْ من أن تفرغَ
فبكَتْ سُمًّا
في خمرتِها
أُغنيةً
مرّتْ في بالِ العازفِ
لم يلحَقْ
أن يخطفَ يدَها
وحياةً
مُمكنةً
ماتتْ
حين رأَتْ ما يحمِلُ غدُها
غنِّ
لِأجلي الليلةَ
وافعلْ ما شِئتَ غدًصا